يغيت بولوت – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس

وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان القوى التي تخطط ضد الدولة التركية بكلمة واحدة وهي "الإمبريالية"، لكن ما السبب في كون تركيا هدفاً أمام القوى الإمبريالية؟

في البداية هناك إجابة واضحة لهذا السؤال، وهو أن تركيا ورئيسها أردوغان قد أصبحا على رأس قائمة أهداف القوى الإمبريالية بسبب مقاومتهم لمحاولات الهيمنة العالمية في السيطرة على هذه الجغرافيا وإدارتها بما ينفع مصالحها الشخصية.

بعد مرور 300 عام من التجزئة عادت هذه الأجزاء للاتحاد من خلال مبادرة الدولة التركية والرئيس أردوغان، وأدت هذه المبادرات إلى وضع تركيا ورئيسها في قائمة أهداف القوى الإمبريالية، لقد انطلقت النهضة الإسلامية من تركيا ولكن عند النظر إلى علاقة الأسباب-النتائج فإن المشهد يكتسب وضوحاً أكثر، ويتمثّل هذا المشهد في أن العالم الإسلامي الذي تجزأ في سنة 1699 قد عاد للنهوض من جديد.

وفي هذا السياق يجب العودة إلى الماضي من أجل توقّع المستقبل، إذ تعرضت الدولة العثمانية لبعض الضغوطات في الشرق الأوسط وأفريقيا بسبب دفعها إلى الدخول في حرب ضد روسيا في سنة 1850، ولم تكن هذه الضغوطات نابعة عن وقائع تاريخية طبيعية، وقد توضّح ذلك من خلال الخطوات الأولى التي اتخذتها القوى التي تسعى إلى إعادة تشكيل هذه الجغرافيا، وبين سنوات 1854-1976 تم توريط الدولة العثمانية بالديون لتلك القوى، وبذلك بدأت الدولة العثمانية بفقدان المناطق التي تقع تحت سيطرتها -بما فيها المناطق التي تقع تحت سيطرة إسرائيل الآن- بين سنوات 1976-1915، واستمر هذا الوضع إلى أن وصل الاحتلال إلى الأراضي التي تقع تحت سيطرة الدولة التركية في الوقت الحالي، ومنذ سنة 1900 إلى الآن بدأت جميع المناطق المحتلّة من قبل فرنسا وبريطانيا وإيطاليا بالانهيار، واليوم يزعم الرئيس الفرنسي "ماكرون" أنهم تمكنّوا من فصل تركيا عن روسيا.

إذاً ما هي التوقّعات حول التطورات المقبلة؟ اليوم هناك أزمات عديدة في جميع الدول التي كانت تحت إدارة الدولة العثمانية ولكن تم احتلالها لاحقاً، الأمر لا يتعلق بسوريا والعراق ومصر وليبيا وإسرائيل فقط، يجب التوسّع أكثر إلى أن نصل لدول البلقان أيضاً، وكذلك اليونان التي كانت تُعتبر قوة اقتصادية مستقلة في عهد الدولة العثمانية وكذلك كانت أول دولة متعرّضة للانهيار الاقتصادي، وإن السبب الوحيد في فصل يوغوسلافيا واليونان عن الشرق الأوسط وأفريقيا هو موقعها الجغرافي.

لقد تعرضت تركيا التي تعتبر المركز الروحي للإسلام لزعزعة دفعتها إلى الضياع بين سنوات 1938-2003، وذلك بسبب الانقلابات ومحاولات تخفيض قيمة العملة التركية المدبّرة من قبل القوى التي أدت إلى انهيار الدولة العثمانية، كانت تركيا بمثابة العقل والروح بالنسبة إلى العالم الإسلامي، لكن أدت المخططات التي بدأت في سنة 1699 واستمرت إلى سنة الـ 1850 إلى منع تركيا من إعادة تجميع أجزاء العالم الإسلامي، أي إن مبادرات تلك القوى قد استمرت لأكثر من 150 عام.

ماذا يمكن أن يحدث بعد الآن؟ وما التغييرات التي قد يؤدي إليها احتمال عودة تركيا لتكون مركز العالم الإسلامي؟ الإجابة واضحة جداً، تركيا تحاول خلق أطروحة جديدة من أجل توحيد أجزاء العالم الإسلامي مرة أخرى، وستستمر في هذا المحاولة إلى تصل لهدفها، وهذا هو السبب الأكبر في قلق القوى الإمبريالية التي تسمّي نفسها بـ "الحضارة الغربية"، تركيا هي الدولة الوحيدة القادرة على احتضان وحماية الجميع دون التمييز في الاختلافات العرقية والدينية، والخلاصة هي أن الدولة التركية والأمة الإسلامية قد عادت 

عن الكاتب

يغيت بولوت

كاتب في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس