ترك برس

شخصية "كوكس" في مسلسل كوت العمارة، هي شخصية حقيقية، مثل كثير من الشخصيات الغربية التي مرّت على العالم الإسلامي بصفات ومظاهر مختلفة، فمنهم السائح والعالم والتاجر والعسكري والجاسوس.

وفي هذا الموضوع نطلعكم على معلومات تاريخية عنه من عدة مصادر بعدة لغات. وفي البداية، كوكس من الشخصيات الأجنبية التي تركت بصمات لا تمحى وآثارا لا تنسى، أثرت على المنطقة العربية والإسلامية وأسست لفرقتها، تماما مثل الإنكليزي "سايكس" والفرنسي "بيكو".

يوازي البريطاني "بيرسي زكريا كوكس" كلًا من سايكس وبيكو خطرًا، رغم أنه لم يكتسب شهرتهما.

وُلد في عام 1864 في هيرون بيت بمنطقة إكسيس البريطانية. وتلقى تعليمه في البداية في مدرسة هارو، حيث طور اهتماماته في التاريخ والجغرافيا والسفر. وفي عام 1889 تزوج من لويزا بيل.

كان أبًا لطفل وحيد "ديريك"،وابنة وحيدة، وقتل طفله في عام 1917، وتوفيت ابنته أثناء ولادتها، وتركت حفيدها لوالديها.

كان والدا كوكس يهوديين، و يظهر ذلك جليا من اسمه، فاسم زخريا، أو زكريا يؤكد يهوديته،وهذه صفة لها مدلولاتها وأهميتها في الزمن الذي نشط فيه، حيث كان زمن بدء النشاط اليهودي لاحتلال فلسطين الإسلامية وتحويلها إلى أرض لليهود المحتلين.

نبذة عن حياته

تخرج كوكس من الكلية الملكية البريطانية العسكرية في ساند هيرست، وعين مباشرة بعد تخرجه في الهند عام 1884، وحتى عام 1890 مع الحامية البريطانية هناك.

ثم حول في نهاية خدمته العسكرية إلى الخدمة السياسية في الهند أيضا، ثم انتقل للعمل في منطقة الخليج العربي وإيران في عام 1893، واستمر في عمله هناك حتى عام 1903، وتقلد خلال عمله عدة مناصب. 

وفي عام 1911 تم منحه لقب سير، كأفضل سياسي في المنطقة بسبب خدماته في منطقة العرب. ويعد كوكس بمثابة مدير مكتب الاستعمار في الشرق الأوسط، فقد كان واحدا من الشخصيات الرئيسية في إنشاء الشرق الأوسط الحالي.

كسياسي كان متحدثا جيدا للعربية والتركية، لكنه كان يعرف متى يتكلم، كان صامتا في كثير من الأحيان، ويختار وقت حديثه بعناية.

أهم مناصبه

بعد تعيينه في مناصب إدارية في الهند، تم نقله إلى الصومال، التي كانت تدار من قبل الهند، كمستشار سياسي في زيلا. وفي تلك اﻵونة كانت الهند والصومال وما بينهما مستعمرات بربطانية.

ثم تمت ترقيته ليكون مساعد نائب الملك في الهند، وكيلًا في بارودا، وكان سكرتيرا لحكومة الهند، وكبير موظفي الخدمة المدنية، وثالثا بترتيب الأسبقية. ومن الهند انطلقت بريطانيا لغزو العراق.

في عام 1899، تم تعيين كوكس وكيلا سياسيا وقنصلا في مسقط عاصمة عمان، لحل مشكلة بين البريطانيين والفرنسيين والعرب الذين اعتبروا المنطقة تحت تأثيرهم.

وتمكن كوكس من إنهاء النفوذ الفرنسي بنجاح في المنطقة، وبعدها تمت ترقيته إلى رتبة كبرى في 6 شباط/ فبراير 1902. ثم تولى منصب المقيم السياسي في الخليح العربي 1919 - 1904.

وفي حزيران/ يونيو 1904، عين الرائد كوكس أول المقيم السياسي البريطاني في الخليج العربي، والقنصل العام لمقاطعة فارس ولوريستان وخورستان ومنطقة لينغاه في الجانب الفارسي من الخليج في مدينة بوشهر.

وفي عام 1916، أصبح أهم شخصية بريطانية في الخليج.

و يصف العديد من المؤرخين العرب، دور كوكس في منطقة الخليج العربي والعراق بالدور الكبير والخطير، حيث قسم دول المنطقة وشرذم قبائلها، وخلق مشكلات جمة بسبب تقسيماته التي اعتمدها وفرضها على دول المنطقة، ولا زالت المنطقة تعاني حتى اﻵن بسبب تلك التقسيمات التي باتت سببا للخلاف بينها، ولا يقل دور كوكس أهمية وخطورة من دور سايكس وبيكو.

اتفاقية العقير

تمت الاتفاقية في ميناء العقير يوم 2 كانون الأول/ ديسمبر 1922، وكان كوكس النجم اللامع والصوت اﻷعلى فيها، ففرض حدود نجد مع الكويت، محدثا منطقة محايدة بين السعودية والكويت، لا تزال حتى يومنا هذا، وعين الحدود بين نجد والعراق، محدثا منطقة محايدة أخرى ما تزال هي الأخرى حتى اﻵن.

دوره في حرب العراق

اندلعت الحرب العالمية الاولى في أغسطس 1914،و ذلك للسيطرة على بغداد ،شارك كوكس في الحرب العالمية اﻷولى في معركة الشعبية ، مع الجنرال تساوند عام 1914،و كان يدعمهم في العراق قوة مشاة هندية 

خلال عام 1915 ،عمل كوكس مع تساوند ،حتى هزم في كوت العمارة ، و عاد كوكس إلى لواء فرسان العميد ليتشمان إلى البصرة ،حيث كان يساعد في التخطيط للسيطرة على بغداد ،و كان له دور في المعارك و في استمالة بعض القبائل و إغرائهم

وعمل بشكل وثيق مع جواسيس الإنجليز مثل لورانس وجيرترود، بل كان يجمع المعلومات اللازمة للحرب، وكانت أولوياته الرئيسية هي حماية ومنع القبائل العربية من الانضمام إلى الجانب التركي في الحرب، وقد كشفت إحدى رسائله عن عمق كراهيته للأتراك.

حين تمت السيطرة على بغداد في عام 1917، ترقى كوكس إلى رتبة فخرية وتم تعيينه في منصب الحاكم السياسي من قبل القائد العام في العراق. وبعد ذلك بعام، كان ذا أهمية مركزية لحكومة بغداد، حيث كان له نفوذ عند بعض القبائل.

ثم نقل إلى طهران، ليتولى منصب الوزير المفوض البريطاني، في الفترة من 1918 إلى 1920، ثم إلى العراق مرة أخرى.

عرف عنه أنه رجل هادئ حليم ولين، ولكنه ماكر ومخادع، على عكس ما كان عليه سلفه في العراق من الصرامة والشدة، وذهب إلى العراق ليهيئ الراي العراقي العام لتقبل فكرة الحكومة العربية التي ينوي إقامتها، والتي أرسلته حكومته من أجل التفاهم على إنشائها، فقد عرف بدهائه اﻹنجليزي وبمخادعته ومكره.

فعاد إلى العراق عام 1920، لتهدئة الحالة وتشكيل الحكومة المؤقتة، وهو الذي اقترح تأسيس الجيش العراقي للتخفيف من أعباء بريطانيا.

وﻷنه كان بمثابة المسؤول عن الاحتلال البريطاني للعراق، منحته حكومته وسام الإمبراطورية البريطانية السامي من الدرجة الأولى.

وعندما مرض الملك، مارس كوكس الحكم مباشرة، واعتقل المعارضين وقاتل الثوار، وبقي في الخدمة في المنطقة إلى أن تقاعد عام 1923.

جوائز وأوسمة

- لقب فارس الصليب الكبير ﻷمر الإمبراطورية الهندية.

- قائد فارس من رتبة نجمة الهند.

- قائد فارس من أمر الإمبراطورية البريطانية.

- منحته جامعة أكسفورد دكتوراه فخرية في القانون المدني عام 1925.

وبعد ذلك بأربع سنوات منحته جامعة مانشستر دكتوراه فخرية في القانون.

التقاعد والوفاة

بعد رحيله عن بغداد عام 1923، لم يعمل في أي منصب رسمي من قبل الحكومة البريطانية، ولكنه عمل كمندوب في العديد من المؤتمرات.

وقضى بقية حياته في الجمعية الجغرافية الملكية، حيث شغل منصب رئيسها من 1933 إلى 1936.

توفي كوكس فجأة أثناء صيده في بريطانيا عام 1937، وانهار على الطريق بجانب حصانه،إثر فشل في القلب وكان عمره 73 عاما.

ورغم دوره المحوري في رسم منطقة الخليج، إلا أنه لا يزال مجهولا  للكثير من العرب وحتى البريطانيين.

كوكس في مسلسل كوت العمارة

عمره 42 عاما، وهو شخص لا يرحم ولا يعتمد عليه، أخذ من دار الأيتام في سن الخامسة من قبل المخابرات البريطانية، ومر بتعليم صارم ليخدم مصالح بريطانيا، وكان وكيلا لها، ويتكلم التركية والعربية.

أما تاريخيا فقد كان عمره 50 عاما في عام 1914، وبالفعل عاش في العراق وكان من أبرز الشخصيات اﻹنكليزية التي ساهمت في احتلاله، وشارك في معركة الشعبية.

ونظرا لأن وفاته في عمر 73 وأنها في بريطانيا، فسيرافقنا طيلة المسلسل وسيرهقنا بالمكائد تلو المكائد.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!