ترك برس

وجه المفكر والفيلسوف التونسي البارز، أبو يعرب المرزوقي، انتقادا حادا لـ"أنظمة الثورة المضادة وأنظمة الممانعة" بسبب موقفها المعادي لتركيا، مشيرا إلى أن هناك تماهيا بين موقف تلك الأنظمة والموقف الأوروبي والأمريكي والإسرائيلي والإيراني من تعافي تركيا واستردادها المتدرج لهويتها الحضارية.

وحذر المرزوقي في مقال مطول نشره على موقعه الإلكتروني بعنوان "داء العملاء أو علة كرههم لتركيا والربيع العربي" من أن تلك الأنظمة "باتت على وشك الإفلاس، نتيجة لدعمها اللا محدود لنزوات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ولوبيات إسرائيل".

وأوضح المرزوقي، أن ما تزعمه أنظمة الثورة المضادة وأنظمة الممانعة من أن عداءها لتركيا بسبب الخوف منها على العروبة والإسلام غير صحيح، "لأنه لا أحد في العالم أضر بالعروبة والإسلام من هذه الأنظمة والعملاء المستبدين بالعرب والإسلام ونخبهم من النوعين التأصيلي والتحديثي".

وأضاف أن التاريخ الحديث يشهد أن ما يسمونه دولهم هي محميات “خلقها” الاستعمار ولم يكن لها وجود قبل الحرب العالمية الثانية وأن هذا الاستعمار هو الذي اختارهم خدما لمصالحه فيها بحيث إنهم مجرد عسس على مصالحه على حساب العروبة والإسلام وكل القيم الإنسانية.

وتابع قائلا إنه لا علاقة بما تزعمه هذه الأنظمة من خوف على العرب من قومية الأتراك وعلى الإسلام من علمانية الأتراك، لأن التنافس بين القوميتين العربية والتركية إن وجد فهو مفيد للأمة. وفائدته تكون عظمى لو كان سقفه الإسلام وحماية الأمة وكان حكمه التسابق في الخيرات.

وتساءل المرزوقي عن علة عداء هذه الأنظمة لتركيا إذا لم يكن كما يدعون من أجل العروبة والإسلام؟ ويجيب أن هذا العداء ليس عبثيا، بل يكفي الوصل بينه وبين الموقف الأوروبي والأمريكي والإسرائيلي والإيراني من تعافي تركيا واستردادها المتدرج لهويتها الحضارية.

وحول الموقف من الربيع العربي، قال المرزوقي إن الموقف من الربيع العربي إذا فهم من المنظور التركي فهو عرضي لأنه ليس موقفا معاديا لهذه الأنظمة بالقصد الأول بل هو مجرد تناسق تركي مع مسارها الذي هو العلة البنيوية للعداء المشترك بين أنظمة الثورة المضادة والاستعمار الغربي الذي يحميها ويخاف عليهم كعبيد له.

وأشار إلى أن ما تفعله هذه الأنظمة مع تركيا الآن فعلت مثله وأكثر مع أي نظام عربي يشعرون أنه بدأ يحقق شيئا قد يجعل شعوبهم تحتقرهم زيادة وتشرع في التوق إلى شيء من الحرية والكرامة.

وأكد أن "ما فعلته هذه الأنظمة في ثورة مصر وثورة سوريا وثورة اليمن وثورة ليبيا وما يحاولونه في ثورة تونس إلى حد الآن وما حاولوه ضد تركيا منذ أن بدأ الغرب يشوه صورة نظامها الذي مكنها من الخروج من التبعية، يكشف أن علة حربهم ليست هي العروبة والإسلام".

ولفت المرزوقي إلى أنه "إذا كان الربيع يخيف تلك الأنظمة بالنقلة القيمية والسياسية والاجتماعية، فإن تعافي تركيا ونهضتها المادية - فضلا عن المستوى الروحي المتمثل في الاستعادة المتدرجة للذات - هو الذي يرعبهم ويرعب أسيادهم في الغرب".

وأوضح أن "ما يرعب تلك الأنظمة على المستوى المادي هو فشل علمنة تركيا المتدرج، لأنه في علاقة عكسية مع استرداد تركيا لهويتها الحضارية الذي أثبت عكس كل ما يقال عن الهوية الحضارية: فالتعافي أثبت أن تركيا حققت في عقد ونصف من استرداد الهوية على مستوى البناء المادي لتركيا ما لم تحققه في 70 سنة من علمانية العسكر".

ونوه إلى أن لديه بعض الملاحظات على النموذج التركي وخاصة مواصلته الرؤية الرأسمالية، و"إن طُعمت ببعد اجتماعي كبير له علاقة بالرؤية القرآنية لأنه يجمع بين تكذيب لكل الحجج الحداثوية الذي يشترط قلب صفحة الحضارة الإسلامية لبناء الدول المتطورة اقتصاديا وعلميا وتقنيا".

وختم المرزوقي مقاله بالقول بأن "أنظمة الثورة المضادة سدت أمامها كل الأبواب وقد تفلس قريبا لأن من يحميها يحلبها إن لم تتداركها شعوبها لمنع النهاية الأليمة، فصناديقهم التي يزعمونها سيادة على أبواب الخلو مما ادخر فيها لترضية نزوات جماعة ترامب ولوبيات إسرائيل".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!