نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

عاد جبل قنديل، حيث أسس حزب العمال الكردستاني معاقله، إلى واجهة الأحدث مجددًا في تركيا. يجب وضع قنديل في مكانه الصحيح في النقاش الدائر حوله، وهذا يتعلق بالمعرفة الصحيحة لدوره في استراتيجية الحزب وتاريخ المنطقة.

امتلاك "مناطق آمنة" و"التصرف فيها كسلطة" هي مشكلة وجود بالنسبة للتنظيمات الإرهابية الموروثة من عهد الحرب الباردة، كحزب العمال. وهذه المشكلة حلها الحزب في لبنان وسوريا أولًا، ثم في شمال العراق لاحقًا.

أسس الحزب أول معسكراته في سوريا ولبنان، بدعم من الأسد الأب وطالباني. تمكن الحزب من تأسيس معسكرات مؤقتة في شمال العراق باتفاق عقده مع سوريا وإيران وبارزاني، اعتبارًا من ربيع 1982.

وفي السنوات اللاحقة، تحقق للحزب ترسيخ قدميه وتوسيع انتشاره في المنطقة مع انهيار السلطة الدولة في شمال العراق.

كان الحزب أكبر مستفيد من الحروب والصراعات والتوترات السياسية في المنطقة. أتاحت له التوازنات المتغيرة باستمرار في سوريا فرصة تعزيز وجوده هناك.

أقام الحزب علاقات تعايش مع المجموعات الأخرى والدول في المنطقة. كان لإيران والعراق وطالباني وبارزاني نفوذ لدى الحزب بشكل دائم.

هناك نقطة أخرى لها تأثير في الوجود الإقليمي للحزب، وهي العمليات العسكرية التركية خارج الحدود. انتقال الحزب إلى قنديل جرى في سبتمبر/ أيلول 1992.

أنقذ طالباني الحزب من الفناء في ظل حصار الجيش التركي له، ونقله إلى المنطقة الواقع فيها جبل قنديل. أغلق الحزب معسكراته في تلك الفترة في سوريا ولبنان، ليتمركز تمامًا في قنديل.

تمتلك منطقة قنديل كل المواصفات المطلوبة بالنسبة لـ"المنطقة الآمنة" اللازمة للتنظيمات الإرهابية. فلا سلطة للدولة أو الدولة ترضى بتقاسم السلطة هناك. البداية كانت في سبتمبر 1979 لدى انهيار سلطة الدولة مع اندلاع سلسلة الحروب في المنطقة.

يوفر جبل قنديل إمكانيات كبيرة للإرهابيين نظرًا لوقوعه في منطقة تتقاطع فيها حدود ثلاثة بلدان هي تركيا والعراق وإيران. عندما يضيّق أحدها على الحزب، ينتقل هذا الأخير بسهولة إلى الطرف الآخر.

تتشكل المنطقة من جبال ووديان أنشأ الحزب فيها مستودعات لوجستية، وتوفر له سهولة التموين والمأوى، فضلًا عن مواقع للتدريب ومعالجة المرضى والمصابين. كما أن وجود المدنيين فيها عامل مؤثر في تقييد استخدام تركيا القوة العسكرية.

جبل قنديل هو مسألة وجود بالنسبة لحزب العمال الكردستاني. وفي حال فقدانه ستتعرض استراتيجيته كلها لضربة قوية. ولهذا لا تقتصر متابعة النقاش الدائر حول قنديل على الحزب فقط، بل تهم عن كثب جميع الفاعلين المعنيين في المنطقة.

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس