ترك برس

رأت تقارير أن من أبرز ما أفرزته نتائج الانتخابات التي جرت في تركيا يوم الأحد 24 حزيران/ يونيو 2018، خسارة حزب "العدالة والتنمية" الأغلبية البرلمانية التي ظل محتفظا بها منذ اعتلائه سدة الحكم عام 2002.

وفاز حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان، بـ42.5% من أصوات الناخبين، متراجعا سبع نقاط كاملة عن النتيجة السابقة التي حققها في انتخابات الإعادة في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2015 والتي بلغت 49.49% من الأصوات.

وقال موقع "الجزيرة نت"، في تقرير، إن هذا التراجع يعود إلى تمكن حزب "الشعوب الديمقراطي" ذي الخلفية الكردية من تجاوز العتبة الانتخابية والتمثيل في البرلمان.

وبحسب التقرير، أشارت بعض القراءات إلى أن حزب أردوغان حرم من عشرات المقاعد التي كان سيحظى بها جراء توزيع أصوات الأحزاب التي لم تتجاوز الحسم فيما لو لم يتجاوز "الشعوب الديمقراطي" عتبة الـ10%.

وتلفت قراءات أخرى النظر إلى أن شعبية أردوغان والكاريزما الكبيرة التي يتمتع بها جاءت ثقيلة على حساب حزب العدالة والتنمية نفسه.

وتدعم هذه القراءة مشاهدات من قبيل الفارق الواسع في نسبة الأصوات التي حصل عليها أردوغان (52%) مقارنة بالأصوات التي حصل عليها الحزب نفسه (42.5%).

وفشل خمسة مرشحين متعددي الخلفيات الأيديولوجية بين القومية والجمهورية واليسارية والإسلامية في تفتيت قاعدة أردوغان التصويتية وجر الرئاسيات إلى جولة ثانية يعيدون فيها ترميم أصوات هذا الخليط خلف المرشح المنافس المنشود.

ونشر بعض الإعلاميين والنشطاء الأتراك صورا لأوراق اقتراع قالوا إنها من داخل غرف الانتخاب تظهر تصويت بعض المقترعين لأحزاب شديدة العداء للحزب الحاكم في البرلمان ولزعيم الحزب نفسه أردوغان في ورقة اختيار الرئيس.

ووفقا لمراقبين مقربين من حزب العدالة والتنمية، فإن الحزب ربما يكون قد وقع في حالة التراخي جراء تحالفه مع "الحركة القومية" وتشكيله معها تحالف الشعب الذي حقق بدوره الأغلبية المنشودة وبنحو 53% تسمح بتمرير قراراته تحت قبة البرلمان.

لكن ذلك قد يعرض الحزب لدفع أثمان كبيرة والاستجابة لحلفائه القوميين الذين إن اتفقوا معه اليوم فقد يختلفون معه غدا، مما قد يقود البلاد إلى سيناريوهات مغايرة لما هو عليه الحال اليوم يبدو أكثرها معقولية التوجه إلى انتخابات مبكرة جديدة عنوانها فك الشراكة.

في تحالف الشعب نفسه حافظت الحركة القومية على شعبيتها وتماسكها وفاجأت الجميع بتقدمها نحو عشرة مقاعد رغم انسلاخ تكوين مهم عنها هو "حزب الخير" أو "الحزب الجيد" الذي تمكن بدوره أيضا من اجتياز عتبة الـ10% للتمثيل في البرلمان.

ويعزز صعود الحركة القومية حلف اليمينيين الأتراك، وكل المؤشرات تقول إن العلاقة ماضية إلى الآن نحو التقدم لكن مستقبلها ما زال في حكم المجهول، ولا سيما أن كثيرا من المراقبين يرون أن خشية الحركة من الإخفاق في بلوغ العتبة الانتخابية كان من أهم دوافعها لتمتين تحالفها مع حزب العدالة والتنمية.

في السياق، رأى تقدير موقف صادر عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، أن فشل تحالف المعارضة التي يقودها حزب الشعب الجمهوري في منع حزب العدالة والتنمية من الاستمرار في حكم البلاد عقدين متتاليين، يعود إلى عدة أسباب رئيسة.

وأشار المركز إلى أن أهم تلك الأسباب عجز التحالف عن تقديم برنامج اقتصادي وسياسي بديل قادر على مواجهة برنامج الحزب الحاكم، وإقناع الناخب التركي بتغيير رأيه والرهان على مشروع التغيير الذي بدا له مغامرة في المجهول، خاصة في مرحلة تحديات صعبة تواجهها تركيا.

كما صب تشرذم المعارضة وعدم قدرتها على الاتفاق وتقديم مرشح رئاسي واحد في مصلحة الرئيس أردوغان؛ إذ أصرت زعيمة حزب الخير ميرال أكشنار على الترشح، رافضةً دعم ترشح الرئيس التركي السابق عبد الله غل للانتخابات الرئاسية في مواجهة الرئيس أردوغان.

كما رفضت المعارضة فكرة انضمام حزب الشعوب الديمقراطي إلى تحالف الأمّة المعارض، فخسرت بذلك كتلة أصوات مهمة، كان يمكن أن تساعدها على البقاء في السباق الرئاسي لجولة ثانية، ومن ثم منع حزب العدالة والتنمية من حسم المعركة منذ الجولة الأولى.

وقد أثّر تشرذم المعارضة هذا في فرصها في إقناع الناخب التركي بقدرتها على تحقيق النصر في الانتخابات، وفق تقدير الموقف.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!