يحيى بوستان – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس

تركيا تمر بفترة هامّة جداً من حيث أمنها القومي، في حين يستمر النظام السوري وداعمتاه -روسيا وإيران- باستهداف إدلب، وقد تضطر أنقرة لمواجهة موجة لجوء ومخاطر أمنيّة جديدة في حال تنفيذ عملية عسكرية في إدلب، إذن ما الذي يمكن لتركيا فعله لتقليل نسبة هذه المخاطر إلى الحد الأدنى؟ وكيف يمكنها حماية المدنيين في إدلب وضمان أمان الأراضي التركية؟

أنقرة لديها بعض الاستراتيجيات والمقترحات التي وجّهتها لمُخاطبيها في الساحة السورية، وكذلك إن وصف أردوغان للمسألة بعبارة "صراع شامل ضد الإرهاب الدولي" يحمل أهمية كبيرة في هذا الصدد، وسأذكر تفاصيل هذه المسألة ولكن بدايةً يجب لفت الانتباه إلى بعض النقاط الهامّة.

إن الظروف الراهنة في الساحة السورية ليست إيجابية حتى اللحظة، إذ يحاول نظام الأسد وروسيا وإيران تنفيذ عملية عسكرية في إدلب بحجّة مكافحة الإرهاب، ولا تهتم القوى المذكورة بأرواح المدنيين الموجودين في المنطقة، في حين أن دول الغرب تستمر بالفشل فيما يتعلّق بمسألة إدلب، إذ يوجد ما يقارب 4 ملايين مدني مُحاصرين في إدلب وينتظرون المساعدة، ولكن ليس هناك أي خطوة مُتّخذة تجاه هذا الواقع، من جهة أخرى إن تصريح أمريكا وفرنسا بأنها ستوجهان ضربة ضد النظام السوري في حال استخدام الأسلحة الكيميائية كان مضحكاً ومبكياً في آن واحد، لأن التصريح المذكور يعني موافقة أمريكا وفرنسا على استخدام الأسلحة التقليدية في المنطقة، وبالتالي لا توجد نتيجة ملموسة لتمنع نظام الأسد وداعميه من تنفيذ عملية عسكرية في إدلب.

ما الذي يتوجّب فعله في هذا الوضع؟ إن الحل الأبرز لإنهاء المأساة في إدلب هو اتخاذ خطوات عسكرية ودبلوماسية تجاه المسألة، وبطبيعة الحال يجب أن يكون هناك استراتيجيات ونصائح واضحة في الصدد ذاته، ويجدر بالذكر أن الاستراتيجيات والنصائح المتعلّقة بمصير إدلب تصدر عن تركيا.

رأينا المفاوضات التي أُجريت خلال قمّة طهران الأخيرة عبر بث مباشر للاجتماع، وقد طرح الرئيس التركي أردوغان مقترحا أدّى إلى إصابة أطراف الاجتماع بالشلل، وكانت النصيحة عبارة عن نداء لوقف إطلاق النار في الساحة السورية خلال مدة قصيرة، ربما لم يوافق أطراف الاجتماع على وقف إطلاق النار، ولكن أدى موقف أردوغان إلى إجبار بوتين وروحاني على دعوة الإرهابيين للاستسلام وترك السلاح.

استمرت الغارات الجوية التي ينفذها نظام الأسد وروسيا على إدلب عقب قمّة طهران، وذلك لا يتناسب مع توقّعات أنقرة، وذلك بدوره دفع أردوغان إلى تقديم أطروحة ثانية، وكانت تشير إلى أن القضاء على الإرهابيين الموجودين في إدلب يتطلّب البدء بعملية عسكرية دولية شاملة لمكافحة الإرهاب، وقد كان موقف أردوغان محوراً لاجتماع مجلس الأمم المتحدة الأخير، ورداً على ذلك قالت الممثلة الدائمة لبريطانيا: "أدعو جميع الدول للتعاون مع تركيا في استراتيجيتها".

يبدو أن الخطوة الدبلوماسية التي بادرت بها أنقرة دفعت الغرب للتحرّك، إذن ما الذي تشمله هذه الخطوة بالضبط؟ من سيشارك في العملية العسكرية الدولية لمكافحة الإرهاب؟ ما المراحل التي تشملها الاستراتيجية التركية؟ إليكم بعض المعلومات حول هذه الأسئلة:

الهدف الرئيس للعملية العسكرية الدولية هي التنظيمات الإرهابية الموجودة في إدلب مثل جبهة النظرة وهيئة تحرير الشام، أولاً يجب دعوة هذه التنظيمات لترك السلاح، وإن لم تستجب لهذه الدعوة يجب حد فعالياتهم في المنطقة، وإن لم ينحج ذلك أيضاً يجب إخراجهم من إدلب، ولكن هذه الخطوات لا يمكن تطبيقها بناء على استراتيجية روسيا التي لا تبالي بالمدنيين الموجودين في المنطقة، إذن ما الذي يمكن فعله في هذا الوضع؟ كان مقترح تركيا في هذا الصدد على الشكل التالي: "لنجتمع مع الجيش السوري الحر وندفعهم للتحدّث مع جبهة النصرة وهيئة تحرير الشام ودعوتهم لترك السلاح، وإن لم تستجب هذه التنظيمات للدعوة نبدأ بتنفيذ عملية عسكرية بالتعاون مع عناصر الجيش السوري الحر".

هل تقصد تركيا من كلمة "نبدأ" الجمع بين دول عديدة؟ ليس على الصعيد العسكري، إذ يوجد في إدلب ما يقارب 50 ألف عنصر تابع للمعارضة السورية، والعدد المذكور يكفي لمواجهة التنظيمات الإرهابية الموجودة في المنطقة، وقد رأينا مسبقاً أن عناصر المعارضة السورية أحرزت نتائج ملموسة خلال عملية عفرين العسكرية في ظل توجيه وقيادة القوات المسلحة التركية للعمية، وبالتالي هناك حاجة لبعض الوقت من أجل تطبيق الاستراتيجية المذكورة، وكذلك هناك حاجة للضغط الدبلوماسي من أجل إيقاف روسيا والنظام السوري، ولذلك أنقرة تنتظر تعاون دولي دبلوماسي وليس عسكري.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس