ماركار إسايان – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

قرار الولايات المتحدة الانسحاب من سوريا ربما يكون واحدًا من أهم المنعطفات التي تستحق التركيز عليها في الآونة الأخيرة.

عند قراءة هذا القرار من خلال التحالفات القائمة والقرارات المتخذة حول تشكيل المنطقة، نجد أنه يشير إلى إمكانية حدوث الكثير من التقلبات فيها.

لا شك أن هناك نواح يجب الحذر فيها ومتابعتها عن كثب، ومنها كيفية تطبيق القرار، والمهام الملقاة على عاتق تركيا، وكيفية التنسيق، والتعقيدات الممكن حدوثها.

لكن مهما كان الأمر من حقنا القول إن طروح تركيا بشأن سوريا حققت تفوقًا، وقرار الانسحاب هذا دليل على ذلك.

نرى من يعبرون عن خيبتهم ودهشتهم من قرار الانسحاب ومن أطلقوا حملة ضده. لكن طالما واصلت تركيا موقفها الحازم وواصلت القيام بما يجب فعله، سيرى الصادقون على الأقل أن لا داعي للقلق.

علينا ألا ننسى أن الرأي العام في الولايات المتحدة وأوروبا يرزح منذ فترة طويلة تحت تأثير دعاية مؤيدة لوحدات حماية الشعب.

كتبنا مرات كثيرة أن من غير الممكن استمرار الشراكة التي أقامتها الولايات المتحدة مع وحدات حماية الشعب بشأن سوريا، مهما كانت المسوغات.

لم يكن من الممكن للولايات المتحدة، في وجود أنقرة، العمل مع تنظيمات تمارس الإرهاب ضد تركيا. عملت واشنطن على حل هذا الوضع الشاذ من خلال شرعنة وحدات حماية الشعب، لكن جهود تركيا حالت دون ذلك.

نجحت تركيا في الوصول إلى النتيجة المطلوبة في هذا الخصوص من خلال استخدام قوتيها الناعمة والخشنة بشكل فعال ومتزن. ولعب الذكاء السياسي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان دورًا كبيرًا في التوصل إلى هذه النتيجة.

تركيا بلد هام وعظيم. عند إدراك هذه الحقيقة والعمل بثقة بالنفس من غير الممكن عدم بلدوغ النتيجة المأمولة.

بفضل تركيا، تغير مجرى قضية خلافية كبيرة كان من الممكن أن تؤدي إلى إراقة دم الإخوة مئة عام أخرى في الشرق الأوسط.

يمكن أن تكون هذه القضية الخطيرة، التي أضرت بالعلاقات التركية الأمريكية، نقطة انطلاق من أجل بدء مرحلة جديدة في علاقات البلدين.

وفي هذا السياق، يمكن للعراقيل التي تم تجاوزها والعلاقات التي تم إصلاحها  أن تمهد الطريق أمام انفتحات وتعاونات هامة في مسائل من قبيل القضية الفلسطينية، وأن تقدم حلول معقولة وإنسانية.

تقطع تركيا أشواطًا كبيرة من خلال موقفها الإنساني والأخلاقي والعقلاني، وتمثل أملًا للعالم في منطقة تعيش ظروفًا في غاية الصعوبة.

عن الكاتب

ماركار إسيان

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس