ترك برس

بطريقة مُريبة واستنادًا إلى "مصادر خاصة" مجهولة، عمدت وسائل إعلام تابعة لروسيا والإمارات والسعودية، بشكل متزامن، إلى نشر مزاعم مفادها أن زعيم ما يُسمى بـ"هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقًا)، أبو محمد الجولاني، تعرض لإصابة جراء تفجير في محافظة إدلب السورية، وجرى نقله إلى "مستشفى حكومي" في تركيا.

وبدأت الحملة الإعلامية بتقرير نشرته وكالة "سبوتنيك" الروسية، الثلاثاء، زعمت فيه أن "مصدر طبي تركي" أكّد لها أن "الإرهابي أبو محمد الجولاني نقل إلى مستشفى بولاية هاتاي إثر إصابته بتفجير في إدلب".

وشهدت إدلب الواقعة شمال غربي سوريا والمتاخمة للحدود التركية، الإثنين، تفجير سيارتين مفخختين، ما أسفر – وفق تقارير إعلامية محلية – عن مقتل 16 مدنيًا، فضلًا عن إصابة 85 آخرين.

ونقلت "سبوتنيك" عن "المصدر الطبي" المزعوم، أنه "تم مساء أمس نقل شخص مصاب بجروح بالغة في رأسه إثر تفجير وقع بمدينة إدلب السورية، إلى المستشفى الحكومي بمدينة أنطاكيا التابعة لولاية هاتاي".

https://twitter.com/sputnik_ar/status/1097913077117399040

وزعمت "أن الشخص الذي تم نقله إلى المستشفى كان مصابا بشظايا في رأسه أدت إلى إصابته بارتجاج في الدماغ وقد خضع لعملية جراحية في رأسه"، وأن "الشخص المصاب هو الإرهابي أبو محمد الجولاني".

وبعد فترة وجيزة من تناقل تقرير الوكالة الروسية، عمدت حسابات تابعة للإمارات والسعودية في مواقع التواصل الإجتماعي، من بينها قنوات ومواقع إخبارية، إلى تبنّي الخبر من خلال إسناده إلى "مصادر خاصة" أيضًا".

وعلى سبيل المثال، نشرت قناة "العربية" السعودية، المعروفة بتقاريرها المضللة، تغريدة عبر موقع "تويتر"، قالت فيه "مراسل العربية ينقل عن مصادر إصابة زعيم جبهة النصرة الجولاني ونقله لتركيا للعلاج".

كذلك نشرت قناة "الحدث" التي تبث من دبي، تغريدة عبر حسابه في "تويتر"، جاء فيه "مراسل الحدث: حراسة أمنية تركية مشددة في المشفى الذي يُعالج به الجولاني".

أمّا قناة "سكاي نيوز" الإماراتية، فقالت في تغريدة عبر حسابها إن "مصادر تركية: نقل زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني إلى مستشفى تركي في أنطاكيا".

تجدر الإشارة إلى أن هذه الوسائل "الإعلامية" كانت قد أيّدت محاولة الانقلاب التي جرت في تركيا صيف العام 2016، في أولى لحظاتها، حيث نشرت "سكاي نيوز" مزاعم بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، هرب من البلاد وطلب اللجوء إلى دول أوروبية، لكنها اضطرت لحذفها بعد فشل المحاولة.

بدورها اكتفت وكالة "روسيا اليوم" بنقل الخبر عن "سبوتنيك"، ونشره تحت عنوان "وكالة: الجولاني حي يرزق ودماغه مرتجّ في هاطاي التركية".

https://twitter.com/RTarabic/status/1098198339127070720

ولم تنشر هذه الوسائل أي صور أو مشاهد تؤكد مزاعم "مصادرها" فيما يتعلق بتشديد الحراسة الأمنية في المستشفى الحكومة التركي في مدينة أنطاكيا الحدودية مع سوريا.

في المقابل نقل وقع "تلفزيون سوريا" (معارض)، عن مسؤول العلاقات العامة في "تحرير الشام" (عماد الدين مجاهد)، نفيه ما أوردته "سبوتنيك"، حيث قال إن هذه الأنباء مصدرها "نظام الأسد" للتغطية على جرائمه التي ما تزال قواته ترتكبها في إدلب، متهماً إياه بالوقوف وراء التفجيرين أيضاً، وفقاً لقوله.

كذلك، لم تؤكّد المصادر والشبكات الإخبارية المحلية، مرور موكب في حي القصور لـ"هيئة تحرير الشام" لحظة الانفجار، فيما أكّدت فرق الدفاع المدني والمشافي في المنطقة، عدم مقتل أو إصابة أي قياديي "تحرير الشام" في التفجيرين، إنما بعض العناصر الذين كانوا في منطقة التفجير.

** "فتاوى لمحاربة الفصائل الأخرى المتواجدة في الشمال"

وكانت مصادر استخباراتية تركية، كشفت في وقت سابق إلى دولتين خليجيتين دفعتا "هيئة تحرير الشام"، اللتان تدعمانها مالياً بزعزعة استقرار المنطقة، وبإعطاء الضوء الأخضر للمدعُوّ "أبو اليقظان المصري" أبرز شرعيي هيئة "تحرير الشام" لإصدار فتاوى محاربة الفصائل الأخرى المتواجدة في الشمال، بهدف تعطيل اتفاق سوتشي وتشتيت انتباه تركيا عن عملية شرق الفرات، وزجّها في نزاعات إدلب.

صحيفة "يني شفق" التركية كشفت أن الجناح العسكري في هيئة تحرير الشام شَنّ الهجوم على فصائل الجبهة الوطنية للتحرير طبقاً لتعليمات "أبو حسين الأردني"، والذي كان ضابطاً في القوات المسلحة الأردنية، مشيرةً إلى أن النظام السوري استغل الاشتباكات، وعمل على حشد قواته ونقل الأسلحة الثقيلة إلى المنطقة.

** "أنقرة تتهم دولا في التحالف الدولي بدعم "هيئة تحرير الشام" لإحباط اتفاق إدلب"

وتتهم أنقرة أعضاء لا تسميهم في تحالف واشنطن الدولي ضد تنظيم داعش في سوريا والعراق، بدعم الفصائل المتشددة في إدلب السورية في محاولة لإحباط الاتفاق التركي الروسي حول وقف التصعيد في إدلب.

وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، قال بالحرف الواحد: "بعض الشركاء في التحالف يدعمون هيئة تحرير الشام "أولا من أجل إلحاق الضرر باتفاقية إدلب، وثانيا لأن هذه الدول تبذل جهودا كبيرة لمنع تشكيل اللجنة الدستورية في سورية".

وأضاف الوزير التركي أن "هذه الدول تحرض تحرير الشام على انتهاك اتفاق إدلب بتقديم الدعم المالي لها"، وفق وكالة الأناضول.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!