ترك برس

تتباين آراء وتوقعات المحللين حول نتائج الانتخابات المقررة في تركيا يوم 31 مارس/ آذار الجاري في ظل التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ووسط تفاوت نتائج الاستطلاعات التي تجريها الشركات التركية في الآونة الأخيرة.

ويرى الباحث في العلاقات الدولية في مركز سيتا التركي، محمود الرنتيسي، إن استطلاعات الرأي - المتعلقة بالإنتخابات المحلية المرتقبة - تتنوع ما بين المحسوبة على الحكومة وأخرى على المعارضة".

وفي استطلاع أجرته شركة "Optimar" في مدينة إسطنبول بين 28 كانون الثاني/ يناير و2 شباط/ فبراير الماضي، أبدى 45.9 بالمئة من المشاركين دعمهم لمرشح العدالة والتنمية بن علي يلدريم، بينما دعم 41.6 بالمئة زعيم حزب الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو.

وأجرت الشركة ذاتها استطلاعها في العاصمة أنقرة بين 14 و18 من كانون الثاني/ يناير الماضي، وأظهرت النتائج بأن 42.0 بالمئة سيصوتون لمرشح حزب الشعب الجمهوري في أنقرة منصور يافاش، و31.8 بالمئة من الأصوات لمرشح حزب العدالة والتنمية محمد أوزهاسَكي، وبقي 12.5 بالمئة من المشاركين دون اتخاذ قرار.

وفي حديث لصحيفة "عربي21"، قال الرنتيسي: "من الواضح أن أنقرة فيها صعوبة، في ظل تأكيد أغلب الاستطلاعات أن بلدية إسطنبول ستكون محسومة لصالح مرشح تحالف الشعب بن علي يلدريم".

وأوضح الرنتيسي أنه "في أنقرة تم اختيار مرشح المعارضة منصور يافاش من خلفية قومية"، مشيرا إلى أنه "تم ترشيحه في عام 2009 عن حزب الحركة القومية لرئاسة بلدية أنقرة، وفي 2014 عن حزب الشعب الجمهوري، وهذه المرة هو مرشح لتحَالف بين حزبي الجيد والشعب الجمهوري".

وذكر الباحث في الشأن التركي أن "هناك احتمالية لأن يكسب يافاش أصوات من القوميين، وغالبية التقديرات تشير إلى مساواته مع مرشح حزب تحالف الشعب أو ربما متقدم قليلا عنه".

وأعرب عن اعتقاده أنه "إذا كان هناك جهد من أردوغان ورئيس الحركة القومية في المدن داخل أنقرة وتحديدا في المناطق ذات الخلفية القومية، وجرى إقناعهم، ربما يفوز مرشح حزب العدالة والتنمية بفارق ضئيل".

ولفت الرنتيسي إلى أهمية هذه الانتخابات بالنسبة للأتراك، كونها "أول انتخابات بلدية تجري في ظل النظام الرئاسي"، مبينا أنه "في حال حقق تحالف الشعب فوزا في إسطنبول وأنقرة، فسيُساهم ذلك في تثبيت الاستقرار الداخلي، لأن النظام الرئاسي يعتمد على التنسيق مع العمل البلدي".

وأشار إلى أن أهمية الانتخابات البلدية تتركز في البلديات الكبرى وهي إسطنبول وأنقرة وإزمير، منوها إلى أن "الشعب التركي مهتم بالانتخابات منذ العام 1960، حينما بدأ بحقه المباشر في انتخاب المجالس البلدية".

وحول سيناريو تحقيق المعارضة مفاجئة والفوز بأنقرة أو تحقيق نسبة عالية بإسطنبول، قال الرنتيسي إن "هذا سيعطِيها فرصة جديدة في ظل عدم تحقيقها أي انتصار على حزب العدالة والتنمية منذ 2002"، مؤكدا في الوقت ذاته أن "عدم نجاح أحزاب المعارضة في الانتخابات المقبلة، يهدد قياداتها وصفوفها بتغييرات كبيرة".

وتوقع الرنتيسي أن ترتفع نسبة العزوف عن الانتخابات المقبلة، وذلك لسببين، "الأول تزايد العمليات الانتخابية منذ 2014 سواء الاستفتاء أو الانتخابات البلدية أو البرلمانية أو الرئاسية، حيث جرى في هذا الوقت الضيق 8 استحقاقات انتخابية".

وأوضح أن السبب الثاني يعود للتحالفات الانتخابية التي تحدث لأول مرة بهذا الشكل، ما قرب أفكار مختلفة بين الأحزاب، لافتا إلى أن "استطلاعات الرأي التي أجريت خلال الأسابيع الأخيرة، قالت إن نسبة العزوف ستصل إلى 20 بالمئة".

واستدرك قائلا: "لكن هذا سيعتمد على تحفيز السياسيين خلال الأيام التي تسبق الانتخابات"، معتبرا أن "هذا التحفيز المستمر ربما يقلل نسبة العزوف عن الانتخابات البلدية".

من جانبه، ذكر الكاتب والباحث التركي أنس يلمان أنه "لا يجب إنكار أن الانتخابات القادمة ستكون تحديا كبيرا"، مفسرا أن تنازل "حزب الشعوب الديمقراطي المصنف إرهابيا عن ترشيح مرشحين له في المحافظات الكبرى، يدل على وجود اتفاق سري بينه وبين حزب الشعب الجمهوري المعارض".

واعتبر يلمان أن ذلك يمثل "فضحية" رغم أن الحزبين يرفضان هذا الادعاء، إلا أنه "تسبب في زعزعة ثقة الشارع بالحزبين، بالإضافة إلى فشلهم الذريع في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية".

واستدرك بقوله: "محافظة إزمير تعد قلعة حزب الشعب الجمهوري، ولن تشهد تغيرا كبيرا"، وفق تقديره.

وأرجع يلمان فوز حزب الشعب الجمهوري المحتمل في إزمير، إلى أن "فئة كبيرة فيها لا تهتم بإنجاز الحزب في البلديات، لكنها تؤمن بالحزب نفسه على أساس أنه وريث مؤسس الجمهورية مصطفى أتاتورك".

وحول نظر الشارع التركي لأهمية هذه الانتخابات، قال يلمان إن" الأتراك اعتادوا على أجواء الانتخابات"، مضيفا أنه "في ظل استمرار التحالف بين حزبي الحركة القومية والعدالة والتنمية، فإن الأتراك سيُواصلون ثقتهم بهذا التحالف وخصوصا في إسطنبول وأنقرة"، بحسب رأيه.

وقلل يلمان من تأثير الأزمة الاقتصادية على نتائج الانتخابات، موضحا أن "الشعب التركي يدرك جيدا أن الأزمة الاقتصادية كانت محاولة انقلاب ثانية اقتصادية للنيل من تركيا وأمنها، ومع كل ذلك نجحت تركيا بمساعدة ودعم شعبها في المحافظة على التوازن الاقتصادي".

وشدد على أن "الأزمة الاقتصادية لن تؤثر على ثقة الجماهير التركية في انتخاب مرشحيها، لعلمهم أن هذه الأزمة المقصودة تهدف لتقسيم تركيا"، منوها إلى أن "نتائج هذه الانتخابات لها دور كبير وخصوصا في السياسة الداخلية، وستُساهم في تحقيق التوازن الاقتصادي وزيادة فرص العمل".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!