د. علي المر - خاص ترك برس

في الصباح الباكر من اليوم الثاني من نيسان/ أبريل عام 2015 شاهدنا لقطات مصورة من شرفات قصر لوزان في سويسرا، ظهر فيها وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف وفيديريكا موغريني، منسقة الخارجية الأوروبية، يتبادلان النظرات والابتسامات العريضة، بانتظار بدء جلسة العمل التي سيوقعان فيها، مع آخرين، ما سمي بالاتفاق النووي بين إيران ومجموعة 5+1 التي تضم الدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي وألمانيا.

وقبل أيام، في 25 شباط/ فبراير الماضي، غرد ظريف معلنًا استقالته من منصبه، الذي شغله نحو 5 سنوات ونصف السنة، والتي رفضها الرئيس الإيراني، حسن روحاني، مبررًا رفضه لها بالخدمات الجليلة التي أداها ظريف للدولة الإيرانية.

وقبل أن نتعرف على مضمون الاتفاق النووي، ونوع الخدمة التي أداها ظريف لبلده، في هذا الجانب من سجله الوظيفي، نتوقف عند بعض المحطات في حياته، وما يطبع شخصيته منصفات، وما يعنينا منها، بالطبع، النواحي التي أهلته للعب دوره في الاتفاق المثير للجدل.

في مقتبل حياته، ولما يطوي 17 ربيعًا من عمره، غادر ظريف إيران إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وأتم فيها تعليمه المدرسي، والجامعي في مراحله الثلاث، البكالوريوس والماجستير، والدكتوراه (في القانون الدولي). ثم عمل في ممثلية بلاده في الأمم المتحدة، وقضى وقتًا طويلًا في الولايات المتحدة، تدرب فيه، من الأمريكيين، على براغماتيتهم السياسية المطنبة، ونسج معهم شبكة من العلاقات، امتدت من هنري كيسنجر الى جامعات نيويورك ونواديها السياسية المختلفة، إلى درجة دفعت بليزا أندرسون، التي كانت تتولى عمادة كلية السياسة والعلاقات الدولية، في جامعة كولومبيا، لسؤاله بشكل ساخر عما إذا كانت يفكّر في الترشح لمنصب سياسي في الولايات المتحدة الأمريكية. ولما بلغ الثانية والثلاثين من عمره عين نائبًا لوزير الخارجية الإيراني، وظل يشغل هذا المنصب 10 سنوات، حتى تم تعيينه وزيرًا للخارجية عام 2013، ولا يزال على رأس عمله.

وإلى جانب البراغماتية السياسية وصفت شخصية ظريف: بالغموض، وبأنه يخفي وراء ابتساماته العريضة قناعات متشددة، وبالحساسية المفرطة التي انعكست على مسار عمله الوظيفي، فقيل إنه استقال زمن حكومة الرئيس الإيراني السابق، أحمدي نجاد، من وظيفته في الأمم المتحدة، بسبب ما قيل عن تهميشه؛ وقيل إنه تقدم باستقالته الأخيرة بسبب تهميشه أيضًا، وفي هذه المرة بعدم تبليغه مسبقًا، من فريق عمل الرئيس حسن روحاني، عن زيارة رئيس النظام السوري لطهران في الأسبوع الفائت.

ولكن السؤال الذي يظهر هنا: لماذا كان التهميش من الأساس؟ وهل تكفي حادثة منعزلة، كهذه، لإثارة حساسيته المفرطة، فاستقال، أم أن وراء الأكمة ما وراءها؛ وما هذه الحادثة إلا القشة التي كسرت ظهر البعير، كما يقال؟ وإذا كان الحال هو هذا ... فما هو إذًا الحِمْلُ الثقيل الذي ناءَ به ظهرُ البعير قبل القشة التي كسرته؟

في عام 1987 حلَّ الخميني، قائد ثورة إيران، الأحزاب السياسية في إيران، ومنذ ذلك التاريخ يتصارع، على رسم سياسة الدولة الإيرانية، تياران سياسيان فضفاضان: تيار إصلاحي، كما يسمونه؛ يدعو إلى نسيان الماضي، وإنشاء علاقات مصلحية مع الغرب. وتيار محافظ، يجمع طيفًا واسعًا ممن يعتقدون أن الثورة ما جاءت إلا لتخليص البلاد من التبعية للغرب، الذي نهب خيرات إيران وكرس تخلفها، على مدى عقود طويلة. وأنه لا داعي للعودة إلى الوراء، والوقوع في نفس الحفرة التي أخرجتهم الثورة منها. وظلت السلطة سجالًا بينهم، يصعد أحدهما ويهبط الآخر، حتى تغلب التيار الأول (الإصلاحي) في الجولتين الانتخابيتين الأخيرتين، في عامي 2013 و2017، وجاء بحسن روحاني، وفريقه، إلى سدة الحكم. وجاء هذا بظريف وزيرًا للخارجية، بعد توليه السلطة في المرة الأولى بنحو 3 أشهر.   

وتبعًا لهذا التقسيم السياسي، المتعمق في الساحة الإيرانية، ينقسم الرأي العام الإيراني بالنسبة لظريف وسياسته، الميّالة للغرب، إلى قسمين: قسم يرى أنه أفضل من يخدم مصلحة إيران، ويبدع في تقديمها للغرب بالطريقة التي يفهمها الغرب، والتي تصب في المصلحة العليا للدولة والشعب الإيراني. وقسم ثان يرى أنه متساهل، ومجامل، ومتأثر بالثقافة الغربية، وأن سياسته تلحق الضرر بإيران وأهداف الثورة الإيرانية.

ليس من شأننا، هنا، أن نرجح هذا الاتجاه أو ذلك، بمقدار ما يهمنا أن نحلل ونفهم بنود الاتفاق النووي الذي هندسه هذا الرجل، وقدمه الإعلام بحسبه نصرًا مؤزرًا، ليس لإيران وحدها ولكن لشعوب المنطقة والعالم بأسره. ونعترف ابتداء بأن المعلومات عن مضمون الاتفاق وبنوده، كما سيلي، مستقاة بالكامل من وكالات الأخبار العالمية ومواقع التواصل الاجتماعي والمحركات الإلكترونية، وأننا نجتهد في تحليل ما جمَّعناه منها من وجهة نظر علمية تخصصية محضة؛ وفيما يلي عرض لبنود الاتفاق ومناقشتها:

أولاً: فيما يتعلق باليورانيوم والتخصيب والوقود النووي

1- تتعهد إيران باستخدام أجهزة طرد مركزي من نوع (IR-1) لتخصيب اليورانيوم لمدة 10 سنوات، في مركز نطنز؛ على أن لا يزيد عدد هذه الأجهزة عن 5060 جهازاً خلال هذه المدة.

تعليق المؤلف: "هذه النقطة سلبية؛ أي ليست في صالح إيران: لأن فيها تقييداً لنوع وعدد الطرادات المركزية".

2- تلتزم إيران بوضع أجهزة الطرد المركزي الزائدة، عن العدد السابق، في مستودعات تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

تعليق المؤلف: "هذه النقطة سلبية، لأنها تنازل من إيران عن حق التصرف بالطرادات؛ وتلزمها بتخزينها فتقل كفاءتها بسبب التقادم؛ وربما لا تَعُود صالحة؛ وستظل موضع رقابة وتشكيك من الأطراف الغربية".

3- تستخدم إيران، خلال السنوات العشر القادمة، أجهزة طرد مركزي من نوع IR-4, IR-5, IR-6، لغايات البحث والتطوير فقط.

تعليق المؤلف: "هذه النقطة سلبية، لأنها تمنع إيران من استخدام الطرادات الحديثة في الإنتاج. وفيها إيجابية، هي السماح باستخدامها في البحث العلمي. ولكن هذه الإيجابية سوف تبقى مثاراً للخلاف وسوء تفسير الغرب: هل ما تقوم به إيران هو إنتاج أم بحث علمي، أم بحث علمي لغايات الإنتاج الصناعي .... إلخ".

4- تلتزم إيران بعدم اللجوء لتخصيب اليورانيوم بتقنية فصل النظائر.

تعليق المؤلف: "هذه النقطة سلبية لأنها تمنع إيران من استخدام التقنيات أيسر، وأقل كلفة، وأقل استهلاكاً للطاقة وأقل إنتاجًا للفضلات المشعة الخطيرة".

5- تتعهد إيران بعدم دمج جهازي طرد؛ ويحق لها أن تستبدل بأجهزة الطرد المعطلة أجهزة طرد من نفس الطراز فقط.

تعليق المؤلف: "هذه النقطة سلبية لأن فيها تقييد يحد من تطوير إمكانياتها كماً ونوعاً".

6- لن يسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم بنسبة أكثر من 3.67%، خلال 15 عاماً؛ وفي موقع نطنز فقط.

تعليق المؤلف: "هذه النقطة سلبية بالكامل: لأنها تنص صراحة على تجميد إنتاج اليورانيوم بمستوى التخصيب الذي حققته، وهو 20% لمدة طويلة. وتحديد مواقع الإنتاج، وتجميد تطويرها".

7- لن يسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم في مركز فوردو (المحصن ضد الهجمات تحت الأرض)؛ والذي سيتم تحويله إلى مركز للبحث العلمي؛ على أن تجرى التجارب داخله بالتنسيق مع المجتمع الدولي.

تعليق المؤلف: "هذه النقطة سلبية؛ لأنها تنص صراحة على تعطيل مركز متقدم، وإخضاعه للرقابة الدولية".

8- سيتم تحديد مخزون إيران من اليورانيوم المخصب في ال 15 عاماً المقبلة ب 300 كيلوغرام، وبنسبة تخصيب لا تزيد على 3.67%، على أن تبيع إيران الكميات الزائدة لزبائن دوليين؛ وأن تكون نسبة تخصيب اليورانيوم المستخدم وقوداً للمفاعلات النووية الإيرانية، ضمن هذه النسبة.

تعليق المؤلف: "وهذه سلبية، فيها قيود على الكميات ونسبة التخصيب والتجارة".

9- ستشرف روسيا على تأمين الوقود النووي، المخصب بنسبة 20% المستخدم في المفاعل النووي البحثي في طهران، على أن يتم تحويل هذا المفاعل لاستخدام نسبة تخصيب أقل (3.67% كحد أقصى).

تعليق المؤلف: "هذه النقطة سلبية، بسبب فرض الخضوع لدولة أجنبية وتخفيض التخصيب في مفاعل طهران".

ثانياً: فيما يتعلق بالمفاعلات النووية العاملة بالماء الثقيل:

1- سيتم تحويل مفاعل أراك الذي يعمل بالماء الثقيل للعمل بالماء الخفيف. ويتم ذلك باشتراك جميع الأطراف مستقبلاً؛ ويتم تشكيل لجنة مشتركة حول هذا الأمر.

تعليق المؤلف: "هذه النقطة سلبية؛ لأنها تتضمن منع استخدام المفاعلات العاملة بالماء الثقيل، التي تستخدم لإنتاج البلوتونيوم الذي يستخدم في صناعة الأسلحة النووية".

2- لن تبني إيران خلال الأعوام ال15 القادمة أي مفاعل يعمل بالماء الثقيل. ولن تخزن الماء الثقيل. وستبيع الفائض في الأسواق الدولية.

تعليق المؤلف: "هذه النقطة سلبية؛ للسبب الوارد في الفقرة السابقة؛ ولتقييد التجارة وحرية إيران في التصرف بمنتجاتها". 

3- سيتم تحويل مفاعل أراك لمفاعل ذي أهداف سلمية للبحث العلمي؛ ولن تتجاوز طاقته 20 ميجا واط؛ وسيكون بإمكانه إنتاج النظائر المشعة.

تعليق المؤلف: "وهذه سلبية؛ لأن فيها تحديداً للقدرة ونوع الاستخدام".

ثالثاً: فيما يتعلق بالوقود النووي (اليورانيوم) المستنفد

1- لن تمارس إيران في السنوات ال 15 القادمة أية أنشطة متعلقة بالوقود المستنفد؛ باستثناء إنتاج النظائر المشعة.

تعليق المؤلف: "هذه النقطة سلبية؛ لأن الوقود المستنفد يستخدم لإنتاج البلوتونيوم واليورانيوم – 235، وجرى تقييد استخدامه في إنتاج النظائر فقط".

رابعاً: الرقابة والتفتيش

1- تلتزم إيران بالتصديق على البروتوكول الإضافي للوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن التفتيش "الفجائي"؛ وإعطاء التصاريح اللازمة لمفتشي الوكالة؛ والسماح للمفتشين بالبقاء في أراضيها لمدة طويلة من الزمن.

تعليق المؤلف: هذه النقطة سلبية لأن البروتوكول الإضافي يسمح بالزيارات الفجائية ويحرم إيران من حق الاعتراض؛ بالإضافة إلى طول المكث على الأراضي الإيرانية".

خامساً: رفع العقوبات

1- مقابل التزامات إيران تتعهد الأطراف الأخرى، برفع جميع العقوبات عن إيران، بما فيها العقوبات المفروضة من الأمم المتحدة، وبشكل موازٍ مع تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

تعليق المؤلف: "هذه النقطة إيجابية؛ ولكنها ملغومة لربط رفع العقوبات بالتفتيش الدولي الذي أثبت أنه يزيف الحقائق كما حصل في العراق".

2- تتعهد الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي بعدم فرض أي حظر جديد على إيران.

تعليق المؤلف: "هذه النقطة إيجابية؛ ولكنها ملغومة؛ لعدم مصداقية الأطراف المشار إليها".

3- تتعهد كافة الأطراف باحترام نصوص الاتفاق؛ وعدم الإقدام على أي خطوة تسيء للاتفاق وأهدافه.

تعليق المؤلف: "هذه النقطة إيجابية؛ ولكنها ملغومة للأسباب السابقة".

سادساً: حل الخلافات

1- تنظر اللجنة المشتركة، المكونة من جميع الأطراف، في أي خلاف يطرأ في مرحلة تطبيق الاتفاق لمدة 15 يوماً. وإن عجزت اللجنة عن حلها تحال المُشْكِلَةُ إلى وزراء الخارجية؛ وفي حال لم تحل خلال 15 يوماً، تحال المشكلة إلى لجنة استشارية مؤلفة من ثلاثة أشخاص بينهم عضو مستقل.

تعليق المؤلف: "هذه النقطة إيجابية؛ ولكنها ملغومة، وربما سلبية لأنها قد تتخذ سبباً في نقض الاتفاق من أوله، والبدء في التفاوض من جديد؛ سيما أن الطرف الغربي هو الأقوى".

2- وفي حال استمر الخلاف، تحال المسألة إلى مجلس الأمن، الذي سيصوت بدوره على رفع أو استمرار الحظر المفروض على إيران.

تعليق المؤلف: "هذه النقطة إيجابية؛ ولكنها ملغومة؛ لأن موقف إيران سيظل رهناً بموقف روسيا والصين، لنقض أي خلل يريد الغرب فرضه".

3- وفي حال فشل مجلس الأمن في استصدار أي قرار، يعاد فرض عقوبات الأمم المتحدة على طهران، من جديد. 

تعليق المؤلف: "هذه النقطة سلبية؛ وتجبُّ كل الإيجابيات التي قبلها، لأن مجلس الأمن لا يمكن أن ينجح إذا عارضت قوة غربية واحدة أي قرار له، بحق النقض".

يبين السرد السابق أن الاتفاق النووي الإيراني (المعلن)، رغم الدعاية الكبيرة التي رافقته والهالة الإعلامية المبهرة التي رسمت حوله (في حينه)، لا يمكن النظر إليه على أنه إنجاز استراتيجي للدولة الإيرانية. بل إن معظم مضامينه في غير مصلحة إيران؛ وصياغته تتضمن الكثير من الثغرات والمطبات التي يمكن أن يستغلها الغرب للتملص منه، والتنكر له، وتسليط المزيد من الضغط على إيران، كلما انحرفت سياستها عن المسار الذي يرغبون لها أن تسير فيه.

سوف يقولون (وقد قالوها): إن إيران لم تَفِ بالتزاماتها. وسوف تعود وفود الغرب، والوكالات الدولية، يجوبون المنطقة طولًا وعرضًا. وسوف نجتهد نُعِدُّ لهم أطايب الطعام وأحسن استقبال وأروع وداع، وهم يهيئون لحرب مدمرة جديدة، كما فعلوا في العراق، ولكن ضد إيران هذه المرة.

ولكن السؤال الذي يظهر الآن: هلا كان عرَّابُ الاتفاق النووي، ومهندس السياسة الخارجية الإيرانية، ومن هم على شاكلته، في الداخل الإيراني، لا يدركون هذه الحقائق؟

لا شك أنهم كانوا يدركون هذه الحقائق. ولكنهم، ربما غضوا النظر عنها: بسبب حاجتهم الملحة لفك الحصار الخانق الذي كان مضروبًا عليهم؛ وللإفراج عما يقرب من 100 مليار دولار لهم، كان الغرب يحتجزها، في سياق العقوبات التي فرضها عليهم، وهذه أمور طبيعية ومن حقهم أن يفعلوها...

ولكن الشيء المفزع: أنهم ربما كانوا مقتنعين بأنهم قادرون على تحقيق واقع استراتيجي، سياسي وعسكري، طائفي، في المنطقة العربية والإسلامية، يصعب ارتداده عليهم أو انعكاسه لغيره، يعوضهم عما خسروه في الاتفاق النووي فذهبوا للتوقيع عليه.

ربما كانوا، أو المفاوض النووي على الأقل ومن يؤمن بسياسته، يحلمون بإنشاء إمبراطورية، شعوبية طائفية، بعباءة إسلامية، عاصمتها بغداد، أو غيرها، كما صرح كبار قادتها. ولكنهم غفلوا أو تغافلوا أن هذه الإمبراطورية سوف تظل، في ظل الاتفاق النووي، راضية أم مكرهة، تقوم بدور الشرطي المنبوذ في المنطقة. سيبقى الغرب يغذي الصراعات، بين السنة والشيعة، حتى إذا شعر الغرب بأن مصلحته تقتضي الانقلاب عليها: فسينقلب؛ بدعوى أنها لم تلتزم بالاتفاق النووي، وأنها تضطهد الشعوب السنية، والأقليات العرقية، وتقوض مصالحه، وتهدد أمن ربيبته (إسرائيل). وسيجد قوى، من خارجها ومن داخلها، أشد كرهاً يومئذٍ لها، وأكثر تحفزاً ورغبة في التعاون معه ضدها.

وهكذا ... ستجد إيران، في كل مرة، نفسها مضطرة لمواءمة سياساتها مع الأهداف الغربية. وستظل، ومعها الاتفاق النووي، تترنح على حبل مشدود، بين القبول والرفض، من الخارج ومن الداخل. وسيظل مصير ظريف يترنح على وقع ترنح اتفاقه النووي الظريف، ولن يطول الانتظار حتى ينقطع به الحبل، أو يهوي في مكان سحيق، ليلقى واتفاقه المصير المرتقب، الذي يريده المعارضون في الداخل الإيراني، ومعهم كل المسلمين الذين رأوا في الاتفاق قفزة في أحضان الأعداء أضرت بمصالح الأمة، ولن يجد عندها من يذرف عليه دموع التماسيح!    

وإلى اللقاء في مقال آخر


1 مقالة بعنوان "استقالة جواد ظريف: أكثر من مناورة وأقل من تمرد"؛ علي هاشم؛ الموقع الإلكتروني لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

2 مقالة بعنوان "محمد جواد ظريف"؛ موقع الموسوعة الحرة (ويكيبيديا).

3 الجزيرة، ووكالات.

4 من كتاب بعنوان "الثورة الإسلامية الإيرانية والغرب-مسيرة احتواء بغطاء نووي"، ص99-103؛ الدكتور علي المر؛ دار المأمون للنشر والتوزيع؛ عمان الأردن؛ الطبعة الثانية: 2016.

5 "IR-1 " مختصر (IRAN-1)؛ وتعني الجيل الأول من أجهزة الطرد المركزي الإيرانية؛ والتي هي نسخة عن الجيل الأول من أجهزة الطرد الباكستانية-1 (P-1)؛ والتي يدعي الغرب أن ما يسميها بشبكة عبد القدير خان، العالم النووي الباكستاني، الذي يعزى له فضل صناعة القنبلة النووية الباكستانية، قد سربتها لإيران؛ انظر الموسوعة الحرة (ويكيبيديا).

6 هذا يعني أن تلك الأجهزة ربما لن تفتح؛ وقد يظل الغربيون يتحينون الفرصة لسحبها؛ كما حصل، في سبعينيات القرن الماضي، في معهد البحوث النووية بتاجوراء، ظلت صناديق، قيل إن فيها أجهزة تخصيب، اشترتها ليبيا من ألمانيا، مغلقة حتى حانت الفرصة للغرب لسحبها، قبل سقوط القذافي، أثناء ثورة 17 شباط 2011.

7 "الثورة الإسلامية الإيرانية والغرب-مسيرة احتواء بغطاء نووي"، ص108؛ الدكتور علي المر؛ دار المأمون للنشر والتوزيع؛ عمان الأردن؛ الطبعة الثانية: 2016.

عن الكاتب

د. علي المر

المدير السابق للطاقة النووية في الأردن


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس