ترك برس

تركزت المباحثات العسكرية بين تركيا وروسيا حول الملف السوري، في الآونة الأخيرة، على منطقتي "منبح" و"تل رفعت" في ريف محافظة حلب، إلى جانب المنطقة الآمنة التي تخطط تركيا للانتشار فيها بعد انسحاب القوات الأمريكية.

وقبل أيام قليلة، أعلنت وزارة الدفاع التركية أن مباحثات تجري مع روسيا، من أجل تسيير دوريات مشتركة، لمنع هجمات ميليشيات "وحدات حماية الشعب" (YPG) الإرهابية، انطلاقا من "تل رفعت"، بريف حلب شمالي سوريا.

ويشن مسلحو "YPG"، من تل رفعت، هجمات على منطقة عفرين التي طهرها الجيش التركي بالتعاون مع الجيش السوري الحر، من الإرهاب، في عملية غصن الزيتون، بغية تعكير أجواء الطمأنينة فيها، حسب وكالة الأناضول التركية.

وجاء الإعلان التركي بعد اجتماع عسكري تركي روسي في المنطقة القريبة من مدينة إعزاز، وسط أنباء عن خطة لفتح الطريق الدولي "حلب-غازي عنتاب" أمام حركة النقل والتجارة ضمن مسار أستانا.

الكاتب الصحفي التركي عبدالله سليمان أوغلو، رجّح أن يكون الهدف من تسيير الدوريات المشتركة في هذه المنطقة القريبة من طريق حلب-غازي عنتاب هو فرض الاستقرار تمهيدا لفتح الطريق المذكور أمام حركة النقل.

وقال أوغلو، في حديث لصحيفة "عربي21" الإلكترونية، إن لتركيا، كما لروسيا، مصلحة كبيرة في إعادة تشغيل الطرق الدولية.

من جانب آخر، لفت أوغلو إلى وجود خطة لإعادة سكان مدينة تل رفعت والبلدات المحيطة فيها الخاضعة لسيطرة الوحدات الكردية، مشيرا في هذا الصدد إلى المطالبات الشعبية من أهالي هذه المناطق بالعودة إلى منازلهم.

وقال "إن التفاهمات التي تعقدها تركيا مع روسيا وأمريكا بالملف السوري ليست دائمة، ودائما ما تكون محط شد وجذب"، مضيفا أن "أنقرة تحاول إمساك العصا من المنتصف، حيث تحاول أن توازن في علاقتها مع موسكو وواشنطن".

وأكد أن من شأن التنسيق التركي، الروسي الحالي، أن يسرّع الانتهاء من ملف تل رفعت، الملف الذي يشكل عقدة كبيرة في الشمال السوري، على حد وصفه.

ونقلت "عربي21"، عن وأكد مصدر عسكري من المعارضة أن الغرض من التحركات الروسية التركية في شمال حلب هو التوصل إلى اتفاق بشأن مدينة تل رفعت.

وأوضح أن الجانبين التركي والروسي عقدا العزم على حل شامل لملف تل رفعت، لإدراكهما أن فتح طريق "حلب-غازي عنتاب" لن يتم ما لم يتم الانتهاء من ملف تل رفعت.

واستدرك المصدر بقوله: "لكن ذلك لا يعني الانتهاء من كل النقاط الخلافية، وخصوصا أن روسيا ما زالت تصر على أن يكون لها دور قوي في المنطقة".

وسبق أن أشار رئيس المكتب السياسي في تل رفعت، بشير عليطو، إلى بدء القوات التركية والروسية بخطة عمل لإزالة الألغام على جانبي مناطق السيطرة.

وأوضح أن المناطق الجنوبية الغربية من مدينة إعزاز تشهد إجراءات تركية لنزع الألغام، بالتزامن مع تحركات عسكرية روسية مشابهة سُجلت في جانب سيطرة القوات الكردية وقوات النظام بالقرب من مدينتي نبل والزهراء.

**تحركات في منبج

كشفت مواقع إعلامية روسية، عن إبرام اتفاق بين روسيا و"مجلس منبج العسكري" التابع لقوات سوريا الديمقراطية التي تشكل الوحدات الكردية القوة الرئيسية فيها؛ لدخول منبج في حال انسحبت القوات الأمريكية منها.

وقال موقع "المونيتور" في تقرير له، إنه جرى التوصل لاتفاق شفوي يقضي بتصدي القوات الروسية، لأي محاولة تقوم بها تركيا أو الفصائل المدعومة من قبلها لدخول منبج.

ونقل الموقع عن محمد مصطفى، الرئيس المشترك لـ"مجلس منبج"، قوله إنه تم إعلامه من قبل "القادة الروس، قبل يومين بالضبط، بأن اللحظة التي سيغادر فيها الأمريكيون، ستقوم روسيا بنشر قواتها على طول خط الحدود" الذي يفصل منبج عن مناطق "درع الفرات"، مضيفا أنه "إذا غادرت الولايات المتحدة غدا، فسنقوم بأخذ مكانها".

وتعليقا على الموضوع يرى عضو الائتلاف السوري المعارض السابق حسين البسيس أنه "بحال وجود اتفاق شفوي بين الروس ومجلس منبج العسكري على دخول المدينة، فهذا بالنتيجة سيصب في مصلحة تركيا"، وفق رؤيته.

وأشار إلى أن "العلاقات الحالية والمصالح المشتركة بين روسيا وتركيا في سوريا، هي علاقات تحكمها مصلحة الدولتين اللتين لهما تواجد عسكري على الأراضي السورية، وفق ما رتب له بينهما".

وأكد البسيس أن "هناك تفاهمات غير معلنة بين الدولتين تدعم المصلحة التركية في حال دخلت القوات الروسية إلى منبح، إما إذا كان هناك من تصريح للروس بعدم السماح للأتراك بالدخول لمنبج فما هو إلا من قبيل التصريحات الإعلامية ولتمرير الاتفاق الشفوي الذي تم مع مجلس منبج العسكري"، وفق تقديره.

من جانبه، لم يستبعد المحلل السياسي السوري أسامة بشير أن توافق تركيا على دخول القوات الروسية إلى منبح، مقابل ضمانات، وفق "عربي".

وأشار بشير إلى أن "تركيا أعلنت معركة منبج منذ شهور ولكنها توقفت بسبب التفاهمات والاتفاقيات التي تم التوصل إليها، كما أعلنت تركيا عن معركة وشيكة شرقي الفرات وأيضا توقفت".

لكنه في المقابل يعتقد "الحديث عن دخول قوات روسية إلى منبج بدون موافقة تركية غير واقعي، حيث إن تركيا وروسيا في تفاهم تام ومهما تأزمت الأمور فلن تصل لحال الاشتباك مع تركيا، فالعلاقة بين روسيا وتركيا أكبر من منبج"، بحسب تعبيره.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!