تقرير ترك برس

أعلن المدير الإقليمي للبنك الدولي "مارتين رايزر" في تقرير أصدره البنك حول "تطور تركيا"، أنّ الإصلاحات البنيوية ستعود لتحظى بالمرتبة الأولى من الاهتمام وذلك بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية  في 7 حزيران/ يونيو، مضيفاً أنّ المدن التركية فيما عدا إسطنبول وأنقرة وإزمير ستفاجئ زائريها بما حققته من تطور، مثل قيصري وقونية وغازي عنتاب التي تسمى نمور الأناضول.

وأشار التقرير الذي كان موضوعا لندوة عقدت في واشنطن إلى أنّ على تركيا أن تسرع عجلة التطور للانتقال من فئة البلدان ذات الدخل المحدود إلى فئة البلدان ذات الدخل المرتفع، وأنّها بذلك سوف تكون مصدر إلهام للدول النامية.

وتركزت الندوة على النجاح الذي أحرزته تركيا في العشرين عاماً الماضية، وما يجب أن تفعله لكي لا تقع في فخ الدخل المتوسط للفرد.

وأفاد رايزر بأن التجربة التركية في النجاح خصوصا في السنتين الماضيتين سواء في تطور القطاعات الخاصة وقطاع البنوك والتعليم والصحة والعقارات والسكن والتواصل هي بمثابة برهان لـ25 دولة دعي ممثلوها إلى الندوة للاستفادة من التجربة التركية وهذه إحدى الأسباب التي كانت وراء تحضير التقرير كما بين رايزر.

وبين رايزر أن ظهور تركيا كقوة حرة على مستوى العالم قد بدأ منذ الثمانينات وأدى إلى تضاعف الصادرات والواردات للبلاد 3 أو 4 مرات، وأشار رايزر إلى اعتقاده أن توقيع اتفاقية الاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي كان له أثر كبير في هذا، كذلك الدعم الذي قدمته الدولة إلى المُصدّرين الأتراك فتح الأبواب أمام فرص جديدة وكان له تأثير إيجابي أيضا.

وركز التقرير على أن التوظيف والتمدن هما العمودان الأساسيان في قصة النجاح التركي، حيث جاء فيه: "عندما كان العالم يخاف من انعدام إمكانية إيجاد فرص عمل ارتفعت معدلات التوظيف في تركيا بنسبة ملحوظة. فقد استطاع 5 مليون مواطنا تركيا إيجاد عمل منذ عام 2009 حتى الآن." وعزى التقرير ذلك إلى الدور الكبير للنمو الاقتصادي خصوصا في قطاعي الإنشاءات والزراعة.

التمدن ونمور الأناضول

إن برنامج التمدن الناجح الذي طبقته تركيا كان له دور إيجابي في ارتفاع مستوى دخل الفرد فالمدن التركية أدرجت على قائمة أكثر مدن العالم سرعة في التطور، حسب ما ذكر رايزر.

وأكد رايزر على أهمية التخطيط في عملية التوسع العمراني في المدن إذ أنّ مؤسسة البناء طوكي التي نفذت الكثير من المشاريع الناجحة في البداية لم تعد تنال الرضى.

لا بد من الإدخار

شدد رايزر على أن النجاح الأكبر حققه قطاع البنوك في تركيا الذي دعم القطاعات الخاصة والاستقرار. وجاء في التقرير: "لقد اختارت البنوك التركية الخيار الصعب وتصرفت بحذر قبل البنوك الأوروبية بـ10 سنوات، واستمرت في أخذ استثمارات من خارج تركيا وهذا ما جعل تركيا تتعافى بسرعة من أزمة 2007-2009."

وأشار التقرير إلى أنّ تركيا وهي في طريقها لتحقيق أهدافها قد عاشت ازديادا في المشاكل ممّا أدى إلى تباطؤ النمو منذ عام 2007 إلى الآن، مبينا أن تركيا قد رسمت خارطة الطريق للارتفاع من مستوى دخل الفرد المتوسط إلى مستوى دخل الفرد العالي.

وفي هذه النقطة يرى رايزر أنّ على تركيا أن تزيد من ادخارها محتذية بذلك ببعض الدول مثل كولومبيا والمكسيك لتتخلص من فخ الدخل المتوسط للفرد. مشيراً إلى أنّ الدول التي استطاعت التخلص من فخ الدخل المتوسط منذ الستينات إلى الآن قليلة للغاية ويمكن تصنيفها بثلاث مجموعات: نمور آسيا، والبلدان التي دخلت الاتحاد الأوروبي وبعض البلدان التي وجدت نفطاً. أما تركيا فمواردها الطبيعية محدودة ونسبة الادخار فيها محدودة في سوق اقتصادي نامي، وهذا يحيط تركيا بالغموض ويبعدها عن أن تكون بلدا في الاتحاد الأوروبي."  

تركيا  مصدر إلهام في عملية الإصلاح

أفاد رايزر بأنّ على تركيا زيادة قوتها الإنتاجية، ومن أجل ذلك يجب تشغيل الطاقات الشابة والنساء، حيث هناك حاجة إلى مليون فرصة عمل. وأوضح أنّ تركيا التي يبلغ معدل العمر فيها 29 عاما تعتبر من البلدان الشابة النادرة الآخذة في التطور والغنى.

ونوّه رايزر إلى أنّ السبب الآخر الذي يبطئ نمو تركيا هو قلة الاستثمارات الأجنبية إذا ما قورنت مع الدول النامية الأخرى، مذكرا أنّ مرحلة ما بعد الانتخابات في حزيران/ يونيو ستكون فرصة لتسارع عملية الإصلاح، وستجعل من تركيا مصدر إلهام للكثير من الدول النامية.

ومن جهته، أفاد المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي "ابراهيم تشاناكجي" بأنّ الدخل القومي في تركيا أقل من الدخل القومي في البلدان ذات الدخل القومي المرتفع بـ20 بالمئة، مؤكداً أنّ تركيا إذا ما استمرت على نفس الوتيرة في مسيرتها التطورية فسوف تتجاوز هذا الفرق خلال 3 - 5 سنوات.

التباطؤ في إجمالي عوامل الإنتاج يزيد الحاجة إلى الإصلاحات

ومن جهة أخرى فإن التباطؤ الذي حدث في إجمالي عوامل الإنتاج خلال الأعوام الأخيرة يدعو إلى ضرورة الإسراع في الإصلاحات البنيوية، حسب ما أوضح تشاناكجي الذي أضاف أنّ السياسيين الأتراك والمؤسسات التركية مدركة لذلك، وهذا ما يدل عليه "برنامج أولويات التطور الـ25" الذي أعلنه رئيس الوزراء داود أوغلو قبل فترة وجيزة.

وأعرب المدير العام للبنك الدولي "سري مولياني إندراواتي" عن أنّ اتخاذ تركيا على عاتقها مهمة رئاسة دول مجموعة العشرين هو أمر يدعو للافتخار لجميع الدول الآخذة في التطور، وقال في هذا الصدد: "حاولنا في هذا التقرير تسليط الضوء على الدور التركي في الاقتصاد العالمي واندماجه فيه."

وختم الندوة بلفت النظر إلى الدروس التي يجب استخلاصها من التجربة التركية في التوجه نحو العالمية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!