ترك برس

لم يحل توتر العلاقات السياسية بين القاهرة وأنقرة منذ الانقلاب العسكري في مصر الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي في عام 2013، دون تعزيز التجارة بين البلدين التي حققت في العام الماضي رقما قياسيا في التبادل التجاري بلغ أكثر من خمسة مليارات دولار، بفضل اتفاقية التجارة الحرة بينهما الموقعة عام 2007.

ويرى باحثون وخبراء مصريون أن البلدين لن يوقفا العمل باتفاقية التجارة الحرة التي تنتهي في عام 2020، رغم الفتور السياسي، ومطالبات بعض الجهات المصرية بإلغائها، لما لهذه الاتفاقية من فائدة اقتصادية لكل من تركيا ومصر.

ويعتقد الباحث في الشؤون التركية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، كرم سعيد، أن موقف أنقرة السياسي من القاهرة سيتغير، وأنها ستتخذ موقفا إيجابيا من التفاهم معها، لذا فإن التبادل التجاري والاستثمارات المباشرة في كلا البلدين سوف تدفع نحو تذليل العقبات السياسية لتحسين العلاقات الاقتصادية.

وأضاف سعيد لموقع المونيتور الأمريكي، أن الدولتين تعانيان من أزمات اقتصادية تدفعهما نحو استمرار العمل باتفاقية التجارة الحرة وعدم الدخول في صدام تجاري مباشر، كما أن رجال الأعمال من الدولتين يضغطون في اتجاه تجديد العمل بالاتفاقية، علاوة على أن انخفاض الليرة التركية والجنيه المصري يتطلب حرص الجانبين على زيادة الصادرات وتقليل تكلفة الإنتاج.

وأوضح أن توقيع مصر على اتفاقية "الكويز" مع إسرائيل وأمريكا، وتفعيل اتفاقية الشراكة المصرية-الأوروبية، شجعا الاستثمارات التركية على الحضور في السوق المصري للاستفادة من المزايا التي تتيحها تلك الاتفاقيات، حيث ستنفذ المنتجات التركية المصنوعة في مصر إلى الأسواق الأوروبية والأمريكية.

وأشار إلى أن طبيعة الاستثمارات التركية في مصر من شركات صناعية وزراعية تضيف إلى الناتج المحلي المصري، وتوفر ما يقارب 60 ألف فرصة عمل تجعل منها حائط صد في وجه محاولات تصفيتها، مما يجعل من الإبقاء عليها ضرورة للاستفادة منها في الناتج المحلي المصري، الأمر الذي يثبت حاجة البلدين لتجديد اتفاقية التجارة الحرة.

وفيما يتعلق بالمطالب التي طرحها الاتحاد المصري لجمعية المستثمرين بإلغاء اتفاقية التجارة الحرة، قال رئيس شعبة المستوردين أحمد شيحة لموقع المونيتور: "إن من يطالبون بإلغاء الاتفاقية هم من يحتكرون سلعا بعينها في مصر ويطرحونها في الأسواق بأسعار عالية ولا يريدون أي منافسة لمنتجاتهم في السوق المصري".

بدوره قال نائب رئيس شعبة المستوردين محسن التاجوري: "السوق التركي هو سوق واعد يقدم إلى مصر منتجات عالية الجودة بتكلفة منخفضة أكثر من نظيرتها الأوروبية والأمريكية، وإن انخفاض الليرة التركية لا دخل لتركيا فيه، لذا لا يوجد أي نوع من الممارسات غير الشريفة في تنفيذ الاتّفاقية."

وأضاف أن شعبة المستوردين تدعم بقوة استمرار الاتفاقية وتدعو إلى انفراج في الأزمة السياسية بين البلدين.

من جانبه استبعد الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، إلغاء الاتفاقية.

وأوضح أنه لو كانت هناك نية لإلغاء اتفاقية التجارة الحرة بين الجانبين، لتم إلغاؤها في ظل ذروة الأزمة السياسية بين الجانبين كما حدث في اتفاقية "الرورو" في عام 2014، والتي أبرمت بين الطرفين في عام 2012، لتسهيل نقل صادرات البلدين، عن طريق استغلال الموانئ المصرية لنقل الصادرات التركيّة من المواد الغذائية والأجهزة الكهربائية والمنسوجات إلى دول الخليج العربي، وليس بعد مضي 7 سنوات من 30 حزيران/ يونيو 2013.

ورأت عضو لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب المصري، بسنت فهمي، أن استمرار تنفيذ الاتفاقية ضروري، لأن تركيا هي ثاني مستورد للسلع المصرية على مستوى العالم بعد إيطاليا في عام 2018.

وأوضحت أن كثيرا من الدول الأوروبية ترى أن من الأنسب أنها تستثمر في أفريقيا، لمنع الهجرة غير الشرعية ولمكافحة الإرهاب أيضا، ومصر من أكثر الدول التي لديها فرص لجذب تلك الاستثمارات عن طريق ما تنفذه من بنية تحتية، خصوصا في الطرق والكهرباء والمناطق الاقتصادية الخاصة والقوانين الجديدة المشجعة للاستثمار، ومن ثم فإن الفرص التصديرية لمصر وتركيا وغيرها ستكون أفضل خلال الفترة المقبلة، مما يحتم الإبقاء على العمل بالاتفاقية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!