ترك برس

ناقش خبراء ومحللون خلال برنامج على قناة الجزيرة القطرية، قدرة تركيا على تقديم دعم عسكري لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا، ودور ذلك في إنهاء أحلام خصومها في حسم مسلح للأزمة الليبية، وتساءلت عن مآلات الدعم بالمستقبل.

المحلل السياسي يوسف أريم، قال إن التقدم السياسي لتركيا على طاولة الحوار فيما يخص الشأن الليبي لن يتم إلا في حال وجود قوة عسكرية تركية تدعم حكومة الوفاق على أرض الواقع. 

وأشار أريم، خلال مشاركته في البرنامج، إلى رغبة أنقرة في إرسال قواتها إلى طرابلس لتكون في مواجهة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

واعتبر أن اللجوء للحوار بين تركيا وقوات حفتر لن يحدث إلا بعد نشر أنقرة قواتها العسكرية في الميدان الليبي، موضحا أن هذا القانون سيعرض على البرلمان التركي في السابع من يناير/كانون الثاني المقبل.

وأكد أن تمريره سيؤدي لتغيير موازين القوى ميدانيا ودبلوماسيا، حيث سيوجد جنود أتراك في الميدان دعما لحكومة الوفاق الوطني، وهو الأمر الذي سيمنع قوات حفتر من التقدم أو شن أي هجوم على الجنود الأتراك.

ومن جانبه، اعتبر المحلل السياسي الليبي فيصل الشريف، أن التدخل العسكري التركي سيهدف لإعادة التوازن للعملية العسكرية حتى لا يتعنت الطرف المعتدي وهو قوات حفتر ويتصور أن باستطاعته السيطرة على المشهد.

وأوضح أن العصا التركية يراد منها تحجيم الدور الذي يلعبه حفتر وداعموه، معتبرا أن المعادلة التركية أصبحت أكثر نضجا واقترب موعد وجودها على الأرض.

أما بيير برتولو، الباحث الفرنسي في "المعهد الأوروبي للاستشراف"، فتحدث عن تخوف باريس في تعاملها مع الملف الليبي، معتبرا أن تدخل تركيا عسكريا سيصعد من التوتر الموجود بين أنقرة وباريس، متخوفا من هجوم أنقرة على فرنسا بحجة أن الأخيرة تدعم قوات حفتر.

وأشار إلى وجود توازنات جديدة بمنطقة البحر المتوسط في ظل فشل كثير من السياسات بالعراق وسوريا، معتبرا أن باريس ستلجأ في النهاية للتواصل مع تركيا خاصة وأن الأخيرة قد تدفع باللاجئين إلى أوروبا.

في سياق متصل، اتهم أحد مؤسسي تحالف القوى الوطنية في ليببا دول أوروبا وروسيا بلعب دور المنافق في الأزمة العسكرية الطاحنة التي تعيشها بلاده منذ عدة أشهر.

وقال أشرف الشح إن أوروبا التي تدعو علنا كافة أطراف الصراع إلى ضبط النفس، وتطالب بوقف تصدير الأسلحة إلى ليبيا، كشفت تقارير أممية تورط بعض دولها بتصدير الأسلحة إلى اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يشن هجوما على العاصمة طرابلس، حيث مقر الحكومة الشرعية المعترف بها أمميا، في إشارة إلى الكشف عن صواريخ فرنسية وضبط جنود فرنسيين على الحدود مع تونس أقروا باشتراكهم للقتال إلى جانب حفتر.

بدوره شدد مانياس بروغمان -وهو رئيس تحرير صحيفة ألمانية- على ضرورة التزام الاتحاد الأوروبي بموقف علني موحد إزاء الأزمة في ليبيا، وشدد على أهمية وقف تصدير الأسلحة لكافة أطراف النزاع هناك، بما في ذلك الحكومة الشرعية بقيادة فايز السراج حتى لا تتحول ليبيا إلى سوريا أخرى، على حد رأيه.

لكن الشح سخر من وجهة النظر هذه واعتبر أن الدعوة الأوروبية إلى وقف تصدير الأسلحة قد عفا عليها الزمن، حيث تحدثت التقارير الأممية عن انتهاك لتصدير الأسلحة يتم فقط من جانب الإمارات وفرنسا ومصر لصالح اللواء حفتر الذي يشن هجوما على الحكومة الشرعية.

كما اعتبر أن دعوة أوروبا لكل أطراف النزاع إلى الهدوء هي بمثابة انتصار للظالم على المظلوم، مشددا على أن المطلوب من هذه الدول -لو كانت صادقة في نواياها تجاه ليبيا- هو دعوة الطرف المعتدي إلى وقف عدوانه والعودة من حيث أتى.

وفيما يتعلق بحقيقة التورط العسكري الروسي في أزمة ليبيا، خاصة بعد أن كشف الطيار عامر الجغم الذي تم أسره من قبل قوات الحكومة الشرعية عن مساندة روسية لحفتر، قال الباحث بمعهد بريماكوف في أكاديمية العلوم الروسية نيكولاس سوركوف إن هناك العديد من التيارات داخل روسيا، وبعضها يرى أن من مصلحته أن يدعم حفتر، بينما يفضل الآخرون دعم حكومة السراج الشرعية، مشددا على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرغب في الوقوف على الحياد ويفضل الحل السلمي للأزمة بليبيا.

وبحسب سوركوف فإن بوتين لا يريد أن يتدخل في الأزمة الليبية حتى لا ينعكس ذلك سلبا على علاقاته مع تركيا.

لكن الشح سخر من هذه المبررات، متسائلا "هل يمكن لعاقل أن يصدق أن هناك من يجرؤ في روسيا على اتخاذ قرار بعكس رغبة بوتين؟"، مشيرا إلى أن الكل يعلم بأن شركة "فغنار" الروسية العسكرية التي تقاتل إلى جانب حفتر تمول من قبل مقربين من بوتين، وأنه يستخدمها في القضايا التي لا يريد لموسكو أن تظهر فيها بوضوح.

وأما لماذا يفضل الأوروبيون والروس دعم حفتر بدلا من السراج، فلم يستبعد سوركوف أن يكون الأوروبيون متخوفين من الخلفية الإسلامية لحكومة السراج، مشددا على أن هذه المخاوف غير موجودة لدى موسكو.

ورفض الشح هذه المبررات، وقال إن أوروبا وروسيا عندما تفشلان في إيجاد المبررات المنطقية لمواقفها، تلجآن إلى التذرع بالإسلام السياسي، وأكد على قناعته بأن الأوروبيين ينافقون بمواقفهم من الأزمة الليبية للمساهمة في إنجاح مشروع حفتر الممول إماراتيا والمدعوم مصريا وفرنسيا، على أمل تحقيق مصالح خاصة من ثروات ليبيا فيما بعد.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!