ترك برس

حوّل المتقاعد التركي أمين آكاي، البالغ من العمر 76 عامًا، مستودعًا غير مستخدم في قريته التابعة لولاية “بوردور” إلى مكتبة بإمكانياته الخاصة والبسيطة، يستقبل فيها الزوار ويحرص على تدفئتها بإبقاء مدفأتها مشتعلة بالحطب أو الفحم كل يوم، ليجدها من يزور المكتبة دافئة، وينعم بدفئها أثناء القراءة.

يعيش آكاي في منطقة “كارماتلي” بقرية “كاغليجيك” (Kağılcık) التابعة لولاية بوردور (Burdur) جنوب غربي تركيا، وهو خريج مدرسة ابتدائية. توفّيت زوجته شريفة آكغون منذ عامين، وبعد وفاتها بخمسة أشهر قام بتحويل مستودع غير مستخدم في ساحة القرية إلى مكتبة بإمكانياته البسيطة والمتواضعة.

يقول آكاي إنه أسس المكتبة لأنه يحب قراءة الكتب، ومالك المستودع هو شقيقه. وعندما بدأ بإنشاء المكتبة، دعمه كل من حوله. ويأتي إلى المكتبة هواة القراءة من جميع الأعمار، ليسعدوا بأجوائها وبدفئها.

يتولى آكاي تنظيف المكتبة بنفسه، وفي كل يوم يوقد المدفأة فيها، ويقوم كذلك بتحضير أنشطة قراءة للأطفال، بهدف تشجيعهم على القراءة.

يوجد ما يقرب من 1300 كتاب على رفوف المكتبة، وتحتوي أيضًا جهاز كمبيوتر. وينتظر آكاي الأطفال في كل صباح، ويرحب بضيوفه من جميع الأعمار عند باب المكتبة بوجه مبتسم. ويستقبل الضيوف من سكان القرى والأحياء المحيطة بمنطقته. ويزور مكتبته في الغالب الأطفال الذين يستعدون للامتحانات للقراءة والدراسة في جو هادئ ودافئ.

يقول آكاي إن هذه المكتبة جعلته ينسى شعور الوحدة بعد وفاة زوجته، فقد آنسته الكتب التي قرأ 200 منها، وكتب ملاحظات عن اسم كل كتاب ومؤلفه. وتعاونه زوجة شقيقه في تلبية مصاريف واحتياجات المكتبة.

وعن هدفه من إنشاء المكتبة، يقول آكاي: “أريد أن أكون مفيدًا للشباب، وللأطفال وللإنسانية. يتجوّل الشباب بين زوايا المقاهي، ويحملون في أيديهم زجاجات الخمر وأوراق القمار. أردت أن آخذ كل ذلك من أيديهم وأعطيهم كتابًا بدل ذلك”.

يرحّب آكاي بكل من يحب أن يتبرع بالخشب أو الفحم للمكتبة لوجه الله، ويؤكد أنه لا يريد قرشًا من أحد ولا يقبل التبرعات المالية. ويشير إلى أن “قراءة الكتب بحد ذاتها متعة، فأنا لا أستطيع النوم دون أن أقرأ، حتى لو كنت متعبًا أقرأ بضعة صفحات فهي تريحني وتسعدني”.

ويضيف قائلًا: "نحن اليوم هنا، وغدا ذاهبون، ولن نأخذ معنا منه إلا الخير الذي قدمناه للآخرين. قدّم أهل القرية لنا الدعم عند افتتاح المكتبة، ولم أقبل قرشا من أحد لكنني قبلت الكتب، ولا أتوقع أن أقبل مساعدة من أحد. يشعر أهل القرية بأنهم محظوظون لوجود مكتبة في قريتهم”.

وعند سؤال مختار قرية كاغيلجيك يعقوب سلمان عن رأيه بما فعل أمين آكاي وبالمكتبة، قال: "المكتبة تعني التعليم، تعليم أطفالنا شباب المستقبل. وإنّها ميزة رائعة وفرصة عظيمة أن يكون لدى قريتنا شخص محسن مثل آمين آكاي"، مؤكدا استعداده لتقديم كل أنواع الدعم لآكاي.

وتقول هميرة شليكر، وهي طالبة من أهل القرية نفسها، معتادة على زيارة المكتبة: "إن آكاي أحَبُّ أجدادي إليّ. أحبه وأدحب مكتبته كثيرا. يستفيد أصدقائي والجميع من هذه المكتبة. نؤدي وظائفنا المدرسية في المكتبة، ونقرأ كتبها ويعتني بنا جدنا آكاي، ويحرص على تدفئة المكتبة قبل قدومنا. فرصة عظيمة لنا أن تحظى قريتنا بهذه المكتبة الرائعة”.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!