ترك برس 

نشرت مجلة "فوربس إسرائيل" في عددها الحالي تقريرا للمحللين أدون لافين ويوفال بوستان، قالا فيه إن تركيا مرت العام الماضي بتحول استراتيجي كبير، وتتحول من موقفها الموالي للغرب إلى الاعتماد على توثيق العلاقات مع الصين وروسيا، وأنها قد تدخل في صدام مع إسرائيل بسبب تبني أردوغان لسياسة خارجية عنيفة. 

تركيا ومحور إسلامي جديد معاد لإسرائيل والغرب 

ويستهل التقرير بالحديث عن قمة كوالالمبور التي "جمعت زعامات بارزة في العالم الإسلامي، في مقدمتهم أردوغان، ورئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، المعروف بمواقفه المعادية لإسرائيل، إضافة إلى قادة إندونيسيا وقطر". 

ويضيف أن هذه القمة قد لا تحقق حلولًا فورية، ولكنها توفر منصة واسعة لمحور جديد من القادة المعادين للغرب، وبعضهم معاد للسامية، يمثلون أكثر من 600 مليون شخص و3٪ من الاقتصاد العالمي.

ويلفت إلى أن هناك أيضا تعاونا وثيقا بين تركيا وباكستان، حيث "يحرص الباكستانيون على الاستثمار، بينما يهتم الأتراك بالمعرفة النووية الباكستانية لتطوير قدراتهم النووية. ولدى الأتراك علماء ومفاعل نووي قيد الإنشاء ورواسب اليورانيوم، وبمساعدة المعرفة الباكستانية يأملون في تحقيق غايتهم".

ويشير إلى حديث الرئيس أردوغان في أيلول/ سبتمبر الماضي عن أن بلاده مُنعت من تطوير أسلحة نووية بينما تمتلك إسرائيل ترسانة نووية تهدد بها الآخرين. وهو بذلك يريد أن يقول إنه يتمتع بالشرعية لتحقيق هذه القدرة.

ويزعم التقرير أن هذا المحور الناشئ بدأ في وقت أصبح فيه العالم العربي ضعيفًا بشكل كبير. 

ويوضح أن "الجيوش العربية القوية في الماضي، مثل العراق وليبيا وسوريا، أصبحت دولًا فاشلة بدون حكومة مركزية منظمة. أما مصر فهي تواجه الإرهاب في عدد كبير من المواقع، وتعتمد اقتصاديا على السعودية".

ويضيف أن الإيرانيين الذين بدا حتى وقت قريب أنهم أكبر المستفيدين من الربيع العربي، يجدون أنفسهم في ظل أشد العقوبات الاقتصادية التي تضعف الوحدة الوطنية وتتسبب في ثورات ضد التدخل الإيراني في العراق ولبنان.

تهديد لإسرائيل

ووفقا للتقرير، فإن المناورات البحرية التي أجرتها تركيا في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي بمشاركة البحرية الباكستانية، هي رسالة واضحة من الأتراك الغاضبين بشدة من تعزيزالتحالف بين اليونان وإسرائيل وقبرص ومصر حول مشروع الغاز في المتوسط، والذي ينظر إليه على أنه تهديد للأتراك.

ويقول إن تحالف الغاز الرباعي "يتكون من دول تعتبر أردوغان تهديدًا عسكريًا مستمرًا، حيث تعد اليونان وقبرص خصمين تاريخيين لتركيا لا يزالان مهددين، وترى مصر وإسرائيل أن أردوغان يحرض ويدعم جماعات مثيرة للمشاكل، من جماعة الإخوان المسلمين في مصر، ومرورًا بحركة حماس في غزة إلى الفصيل الشمالي للحركة الإسلامية. ويضاف إلى ذلك أن الأتراك يطورن أنشطتهم في البلدة القديمة بالقدس".

ويرى التقرير أن رؤية تركيا لنفسها كإمبراطورية شرق أوسطية، ظلت مقصورة على المجال الدبلوماسي فقط، واقتصر استعمال القوة الخشنة على إرسال الجيش لمحاربة الإرهاب فقط على الحدود. لكن بعد القضاء على محاولة الانقلاب، يشعر أردوغان بأنه يمكن تفعيل التدخل العسكري في المستقبل. 

أصدقاء من طرابلس

وينتقل التقرير إلى الحديث عن الحرب الأهلية في ليبيا، مشيدا من جانبه بالدور الذي يضطلع به حفتر في قتال الجماعات الإرهابية: "التي سببت معاناة كبيرة لمصر وإسرائيل، علاوة على أن غياب حكم الدولة تسبب في مشكلة تدفق اللاجئين إلى أوروبا". 

ويذكر أنه: "مع ضعف طرابلس في مواجهة قوات حفتر، نفذت تركيا خطوة أثارت غضب مصر واليونان وقبرص، حيث وقعت اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي تحرم اليونان وقبرص من حقوقهما في الرواسب الكربونية".

هذا الإجراء التركي عدّه التقرير مقدمة لصدام مباشر مع إسرائيل، ويقول إن ذروة الاستفزاز التركي حدثت عندما طردت سفينة مقاتلة تركية سفينة الأبحاث الإسرائيلية التي كانت تجوب بإذن وتصريح في المياه الاقتصادية في قبرص. وردت إسرائيل بتسيير طائرة فوق سفينة تركية تنقب عن الغاز بالقرب من المياه القبرصية. كما أجرت وحدات إسرائيل الخاصة والقوات الجوية مناورة مشتركة مع الجيش القبرصي.

تعزيز التقارب مع الصين

وإذا كان التحالف التركي الباكستاني-الماليزي-الإندونيسي يمنح الأتراك فرصا جديدة على الصعيدين الاقتصادي والتجاري والعسكري، تظهر الصين كلاعب جديد في الصورة، حيث تخدم علاقات  تركيا مع دول مثل باكستان كثيرا من المصالح المهمة للصينيين. 

وأوضح أن تركيا تتناسب تماما مع مشروع الحزام والطريق الذي يتطلب أن يكون نموذج الشريك منطقة كبيرة وموقعًا استراتيجيًا، ومنفذا بحريا، وحكومة مركزية قوية، وكذلك الانتماء السياسي المعادي للغرب.

وبعد أن يتحدث عن تدهور العلاقات التركية الأمريكية منذ محاولة الانقلاب العسكري الساقط عام 2016، يذكر أن تركيا تدرك أن المعاملة الباردة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الذي يرفض الانضمام إليها، حقيقة لن تتغير.

ومن أجل إجراء هذا التغيير الاستراتيجي الكبير والانتقال من الاعتماد على الغرب الذي ميز تركيا في العصر الكمالي، إلى "روابط مع روسيا والصين في العصر الإسلامي القومي، تعمل تركيا على عدة مستويات".

يشمل المجال الاقتصادي الاتصال بطريق الحرير، والجهود المبذولة للحصول على الغاز في البحر المتوسط . ويشمل المستوى العسكري تنويع المشتريات العسكرية واستبدال التحالف الحالي بتحالفات مع دول منافسة للناتو. وعلى المستوى السياسي - الأمني ، تعمل تركيا على تعزيز موقعها الإقليمي، وتشكل يوما بعد يوم أيضًا تهديدًا لإسرائيل قد يغطي على التهديد الإيراني.

ويخلص التقرير بأنه يتعين على إسرائيل الانتباه ما دام النظام الحالي بقيادة أردوغان قائما، لا سيما أن أردوغان لم يتردد في استخدام مزيد من العنف خلال العام الماضي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!