سامي كوهين – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

وجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في تصريح قبل يومين، إنذرًا نهائيًّا إلى الجيش السوري، وأمهله حتى نهاية الشهر من أجل التراجع وراء نقاط المراقبة التركية في إدلب التي يحاصرها نظام الأسد. 

إن لم يفِ الأسد بهذا الشرط فإن الجيش التركي سوف يتحرك، ويخضع المنطقة المذكورة لسيطرته. وفي حال قيام القوات السورية بهجوم فإن الجيش التركي سينفذ في المنطقة عملية واسعة النطاق. 

هل يأخذ الأسد الإنذار على محمل الجد ويسحب قواته خلال المهلة المحددة؟ الردود الأولى من دمشق لا تشير إلى تراجع في الموقف الرسمي. لا شك أن النظام لا يريد التفريط في المكاسب التي حققها على الصعيد العسكري. 

الحقيقة أن النظام يصمد بفضل الدعم الروسي الفعال. ولا يستطيع الأسد مواصلة الحرب دون روسيا. في هذا الحال، يتعلق الأمر بما سيفعله بوتين إزاء الإنذار التركي وتلويح أنقرة بعملية عسكرية جديدة، والتعليمات التي سيصدرها للأسد.. 

نقل أردوغان، في الاتصال الأخير، مخاوفه بخصوص إدلب إلى بوتين، وطلب منه وضع هذه المسألة في الاعتبار. 

رغم تقديم روسيا الدعم الكامل حتى اليوم لسياسات الأسد، إلا أنها ستحتاج إلى تقييم جديد للوضع في ظل الإنذار التركي. والسبب الأهم لقيامها بذلك هو عدم رغبتها بفقدان تركيا بسبب مصالحها معها. 

من هذه الناحية، يمكن أن نتوقع تجنب بوتين مواصلة الدعم الأعمى للأسد في مسألة إدلب والعمل على إقناعه باتخاذ موقف يلبي متطلبات تركيا. 

إذا تحقق هذا الاحتمال، فإن مطالب الجانب التركي ستكون قد لُبيت علاوة على خفض التوتر الذي أشعله الهجوم الأخير على القوات التركية. يمكننا القول في هذا السياق إن الكرة الآن في ملعب بوتين. 

أصبحت الأزمة السورية، التي تحولت في الوقت نفسه إلى مأساة إنسانية، عصية على الحل جراء المصالح والمواقف المتناقضة للفاعلين المؤثرين فيها، وعددهم لا يستهان به. 

هناك الكثير من الأمثلة على ذلك. تقف الولايات المتحدة، الحليف السابق لتركيا، في جبهة ضدها بسوريا وخصوصًا فيما يتعلق بنتظيم "ي ب ك"، في حين أن روسيا، العدو السابق لتركيا، تحولت إلى شريك استراتيجي لها. 

غير أن هناك خلاف تركي روسي خصوصًا في أزمة إدلب.. وهناك تناقض آخر بين الجانبين، حيث تدعم موسكو الأسد، في حين تعارضه أنقرة. 

أطلقت تركيا عملياتها العسكرية حتى اليوم في شمال سوريا لدواعٍ أمنية. الأمر نفسه يندرج على إدلب. بيد أن كل عملية جديدة تدفع تركيا للمشاركة بشكل أكبر في الحرب السورية وتجعلها جزءًا من المشاكل المعقدة فيها..

عن الكاتب

سامي كوهين

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس