ترك برس

أثار قرار القضاء التركي إلغاء قرار مجلس الوزراء الصادر عام 1934، الذي قضى بتحويل "آيا صوفيا" في مدينة إسطنبول من مسجد إلى متحف؛ وافتتاح المعبد التاريخي للعبادة، حفيظة بعض الدول التي انتقدت إعادة "آيا صوفيا" لمسجد، رغم أنه كان كذلك قبل تحويله إلى متحف.

وتصدّرت اليونان الدول المنتقدة بشدة لإعادة افتتاح "آيا صوفيا" للعبادة، فيما تضم هي على أراضيها، عشرات آلاف المعالم الأثرية الإسلامية والعثمانية، من تلك التي تعرضت للخراب والإهمال، فيما تم تحويل بعضها الآخر إلى حانات أو استخدمت لأغراض غير التي شيّدت لأجلها.

وعلى مرّ العصور، تم تحويل العديد من المواقع الدينية الرمزية، حيث رصد تقرير لـ "الجزيرة نت"، أبرزها.

اليونان

نوال قونوق حلاج أوغلو الأكاديمية بجامعة مرمرة التركية، قالت إن اليونان يضم نحو 20 ألف مبنى أثري عثماني، بينها العديد من المساجد، وإن الكثير من تلك المباني تتطلب تدخلا فوريا لترميمها.

وتابعت "على سبيل المثال، تجولت في أزقة مدينة سالونيك اليونانية زقاقًا زقاقًا، وتمكنت من تسجيل 36 سبيل ماء عثمانيا فقط في المنطقة المحيطة للبيت الذي ولد فيه مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، كما عثرتُ على مسجد ذهني باشا الذي لم يتبقَّ منه سوى مئذنته، وجرى تحويله إلى منزل تسكنه إحدى العوائل اليونانية، إضافة إلى مسجد ديمتوكا جلبي محمد باشا الذي التهمته النيران وهو متروك الآن ليواجه مصيره، فضلًا عن مجموعة من التكايا والمدارس والأبنية التي تعود للقرن 14 الميلادي".

وأشارت حلاج أوغلو إلى أن الحكومة اليونانية لا تعير اهتمامًا بالمباني التاريخية العثمانية، وأن بعضا منها يجري استخدامها بطريقة غير مناسبة، فكم من مسجد يستخدم روضة أطفال، وكم من حمام يستخدم صالة للديسكو، وجرى طلاء تلك المساجد بألوان مختلفة تشوه العمارة التركية العثمانية.

وأضافت "مسجد خليل باشا بمدينة قولة (شمال شرقي اليونان) يستخدم اليوم روضة أطفال. وفي رودس، تم طلاء مسجد علي باشا بالأحمر، وجرى طلاء جميع القباب في حمام جزيرة مدللي التاريخية بألوان مختلفة. ولو أننا في تركيا فعلنا الشيء نفسه تجاه المباني الأثرية الرومانية أو الإغريقية لثارت ثائرة أوروبا"، بحسب تعبيرها.

ولفتت حلاج أوغلو إلى أن تركيا شهدت افتتاح العشرات من الكنائس خلال السنوات الأخيرة، مشيرة إلى أن اليونان لا تمنح مواطنيها من المسلمين التسامح الذي يلقاه المسيحيون في تركيا.

مصر

كان مسجد العطارين في مدينة الإسكندرية كنيسة تعود إلى عام 370م، وتحمل اسم القديس أثناسيوس، وهو وجه مهم في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

حوّل المعلم الديني إلى مسجد مع وصول المسلمين في القرن السابع الميلادي، وسمي نسبة إلى موقعه في سوق البهارات القديم في الإسكندرية. وخلال حملة نابليون، اعتقد مستكشفون أن الإسكندر الأكبر مدفون داخل المسجد في تابوت أخضر.

إسبانيا

كان جامع قرطبة، المعروف باسم ميزكيتا، في منطقة الأندلس جنوب إسبانيا، أقدس موقع ديني إسلامي في الغرب خلال فترة حكم الأمويين في القرنين الـ 10 و11.

حوّل المعلم إلى كنيسة كاثوليكية منذ سيطرة المسيحيين على المدينة عام 1236، ثم شيّدت كاتدرائية داخل الموقع.

يعتبر المعلم أحد أبرز أمثلة الهندسة الأندلسية، وأضيف المسجد-الكاتدرائية إلى لائحة اليونسكو للتراث العالمي عام 1984.

شيّد الأمويون مسجد قرطبة في القرن الثامن الميلادي قبل أن يتحول إلى كنيسة بعد طرد المسلمين من إسبانيا عقب سقوط الأندلس (897هـ/ 1492م).

واستخدمت في البناء أعمدة رومانية بعضها كان موجودا بالفعل في المكان ذاته وبعضها أهدي من قبل حكام المقاطعات الإيبيرية، واستخدم العاج والذهب والفضة والنحاس لتصميم الفسيفساء والزخارف، وتم ربط ألواح الأخشاب المعطرة بمسامير من الذهب، وتميز بأعمدة الرخام الأحمر.

وتم بناء الجامع خلال قرنين ونصف القرن تقريبا، بدءا من عام (92هـ)، في قرطبة العاصمة الأموية للأندلس، وتشارك المسلمون والمسيحيون بقرطبة في المكان ذاته الذي كان بعضه جامعا والآخر كنيسة، لكن عبد الرحمن الداخل اشترى جزء الكنيسة وأضافه للجامع مقابل أن يعيد بناء ما هدم من الكنائس وقت دخول الأندلس.

وعام (340هـ) شرع عبد الرحمن الناصر في بناء مئذنة كبرى للمسجد الجامع، ولاحقا أضاف المنصور توسعة واهتم بالبناء.  وعندما سقطت قرطبة في أيدي القشتاليين سنة (633هـ/ 1236م) حوّلوا المسجد إلى كنيسة أسموها "سانتا ماريا الكبرى".

ومنذ ذلك الحين أخذ مظهر الجامع يتحول شيئا فشيئا إلى صورته الحالية، وأضاف إليه القشتاليون بعض الزيادات التي غيرت ملامحه لكنها لم تغير جوهر البناء.

لكن التغيير الأساسي حدث سنة 1523 حين هدمت أسقفية قرطبة جزءا كبيرا من توسعة عبد الرحمن الأوسط، وبنت كاتدرائية.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!