ترك برس

عقب قرار القضاء التركي إلغاء قرار مجلس الوزراء الصادر عام 1934، الذي قضى بتحويل "آيا صوفيا" في مدينة إسطنبول من مسجد إلى متحف؛ وافتتاح المعبد التاريخي للعبادة، عاد النقاش مجدداً حول مصير الفسيفساء المسيحية والأيقونات الأرثوذكسية الموجودة على جدران "آيا صوفيا" من الداخل.

وتمتلئ آيا صوفيا بالعديد من الزخارف المسيحية والكتابات الإسلامية، التي تؤرخ لتاريخها وتحولاتها المميزة، وتحتفظ جدران القبة الداخلية بالعديد من الزخارف الهندسية والرموز الدينية المسيحية، إلى جانب العديد من النصوص الإسلامية المكتوبة بخطوط عربية وعثمانية.

وتعرضت الفسيفساء المسيحية والأيقونات الأرثوذكسية للتدمير في عهد الإمبراطور البيزنطي قسطنطين الخامس (718-775)، الذي حرّم الصور بشدة، واعتبر أن الطبيعة الإلهية لا يمكن تصويرها؛ قبل أن يعاد تزيينها مرة أخرى في منتصف القرن التاسع الميلادي.

وبعد فتح القسطنطينية سنة 1453م حافظ السلطان محمد الفاتح على فسيفساء آيا صوفيا، بما فيها من رسوم مسيحية تصويرية "للسيدة مريم" و"السيد المسيح" و"يوحنا المعمدان"، وفي عام 1847، كلف السلطان العثماني عبد المجيد المعماريين السويسريين والأخوين غاسبار وجوسيبي فوساتي بترميم آيا صوفيا واستعادة الزخرفة، وأكملوا الترميم في غضون عامين، مع توظيف مئات العمال لتوثيق مواقع الفسيفساء البيزنطية القديمة.

وفي لقاء له مع قناة "بي بي سي"، أكد الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، أن قيمة آيا صوفيا التاريخية والدينية ستظل محفوظة ومتاحة للزوار من كل الأديان بفسيفسائها وفنونها وأيقوناتها المسيحية ورسومها وخطوطها في المكان الذي يعد واحدا من مواقع اليونيسكو للتراث الإنساني العالمي.

وشدد على أن المسيحيين الأرثوذكس سيكون بإمكانهم زيارة أيقوناتهم الدينية، التي سيتم الحفاظ عليها في آيا صوفيا، مثل جميع أبناء الأديان المختلفة.

وفي سياق متواصل، تتواصل تحضيرات رئاسة الشؤون الدينية، لافتتاح جامع آيا صوفيا في 24 يوليو/تموز الحالي، بالتزامن مع الذكرى السنوية لمعاهدة لوزان 1923، التي مهدت لتأسيس الجمهورية التركية، وفقاً لتقرير نشره موقع الجزيرة نت القطرية.

وأعلنت رئاسة الشؤون الدينية تعيين إمامين و4 مؤذنين لجامع آيا صوفيا، وأكدت أن القرآن ستتم تلاوته في المسجد لمدة 24 ساعة، كما سيبقى سجاد الصلاة مبسوطا طيلة الوقت، مع مراعاة القواعد الصحية المرتبطة بالوقاية من جائحة كورونا.

وأفادت وسائل إعلام تركية أنه تم إجراء دراسة واسعة حول كيفية استخدام آيا صوفيا كجامع من دون الإضرار بالفسيفساء واللوحات الجدارية والأيقونات، وسيتم تطوير صيغة لن تعطل كون آيا صوفيا مسجدا مفتوحا للعبادة في أوقات الصلاة، ومكانا للسياحة في الوقت ذاته.

وذكرت صحيفة "يني شفق" التركية، أن عملاً محموماً بدأ في المعبد التاريخي لأداة الصلاة فيه.

وأوضحت الصحيفة التركية أنه تقرر استخدام تكنولوجيا الإضاءة في تعتيم اللوحات الجدارية المسيحية والفسيفساء والرموز الدينية بالضوء الأسود أثناء أوقات الصلاة، في حين تظهر الرسوم المسيحية في الأوقات الأخرى غير المخصصة للعبادة.

وستكون اللوحات الجدارية والفسيفساء المسيحية متاحة للسياح خارج أوقات الصلاة، وسيتسنى للسياح زيارة آيا صوفيا مجانا.

وسيتم إنشاء ممرات سياحية خاصة، بحيث لا يجد السياح أي صعوبة أثناء زيارة المكان، وسيجري بسط سجاد ذي خصائص مقاومة للبكتيريا، ومصمم خصيصا لآيا صوفيا.

وفي وقت سابق، أكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان أنهم سيحافظون "على صفة التراث الثقافي العالمي لآيا صوفيا بنفس الطريقة التي عمل بها الأجداد."

والجمعة الماضية، ألغت المحكمة الإدارية العليا التركية، قرار مجلس الوزراء الصادر في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 1934، القاضي بتحويل "آيا صوفيا" من مسجد إلى متحف.

وبعدها بيومين، أعلن رئيس الشؤون الدينية التركي، علي أرباش، خلال زيارته "آيا صوفيا"، أن الصلوت الخمس ستقام يوميا في المسجد بشكل منتظم، اعتبارا من الجمعة 24 يوليو (تموز الجاري)".

و"آيا صوفيا" هو صرح فني ومعماري فريد، يقع في منطقة "السلطان أحمد" بإسطنبول، واستُخدم لمدة 481 سنة مسجدا، ثم تحول إلى متحف في 1934، وهو من أهم المعالم المعمارية في تاريخ منطقة الشرق الأوسط.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!