ترك برس

بحلول موسم الصيف من كل عام، يبدأ السيّاح من داخل وخارج تركيا بالتوجّه إلى منطقة "داتشا" بولاية موغلا، جنوب غربي تركيا، حيث الجمال الطبيعي ونقاء البحر والهدوء.

إلا أن شهرة "داتشا" لا تقتصر على السياحة فقط، بل تُعرف بـ "أرض اللوز والعسل"، نظراً لجودة ما تنتجه من هذين المنتجين.

ويسكن "داتشا" في الأغلب مواطنون محليون أو أجانب تقاعدوا وجاؤوا بحثا عن السلام النفسي في مكان بعيد عن الأنظار وصخب السائحين.

ويرتبط كل شيء في "داتشا" بالعسل واللوز، من أسماء الفنادق والمتاجر إلى أنواع الحلويات المختلفة والمثلجات، فتلك الزهرة هي الحياة في شبه الجزيرة الساكنة بين مياه بحر إيجة والبحر المتوسط.

وعلى طول ساحل قرية "بالاموتبوكو" شديد الزرقة والنقاء، تجلس التركية زينب، وهي في العقد السابع من عمرها، لتفرز برفقة زوجها محصول اللوز الذي جمعاه معا من الأشجار المحيطة بمنزلهما الريفي في القرية.

الحياة في "داتشا" لا تتطلب الكثير من وسائل الفرز الحديثة وغيرها، فقط مطرقة خشبية تنهي العمل الذي يدوم لساعات تحت أشعة الشمس، وينقسم على موسمين، الأول منهما في منتصف سبتمبر/أيلول من كل عام، والثاني في فبراير/شباط.

وقالت الجدة زينب "القرية صغيرة، معظمنا من كبار السن وأصحاب بعض الحقول، هذه حياتنا نجمع اللوز ونفرزه ونقشره وننتظر أن يأتي الناس لشرائه منا، فليس لدينا متجر، نحن هنا على الشاطئ نعمل ونبيع".

وأضافت "اللوز زهرة رقيقة، كل شجرة تنتج مرة واحدة في السنة، وتحتاج لرعاية في مرحلة النمو وبعد القطف والجمع، ونحن هنا لخدمتها والاستئناس بها"، وفقاً لما نقلته "الجزيرة نت."

يعيش في "بالاموتبوكو" نحو 800 شخص غالبيتهم فوق الستين عاما، حسب إحصاءات رسمية للحكومة التركية.

وحسب زينب، هناك 96 نوعا من اللوز في شبه جزيرة داتشا بسبب طبيعتها الدافئة، أبرزها لوز يسمى "نورلو"، والذي تصفه بأنه أفضل أنواع اللوز في العالم.

وتابعت "تبدأ أسعار كيلو اللوز بشكل عام من 90 ليرة (نحو 10.6 دولارات أميركية)، لكن النورلو هو أعلاها سعرا، وقد يصل سعر الكيلو منه إلى أكثر من 200 ليرة (نحو 23.7 دولارا أميركيا."

ولفتت إلى أن هذا النوع من اللوز "نادرا ما يتم بيعه خارج داتشا، كونه علامة تميز شبه الجزيرة ولاهتمام السكان بأن يظل لديهم منتج محلي مشهور يأتي إليه الزائرون خصيصا".

ويحتفي مسؤولو داتشا بلوز "النورلو" ويصفونه على الموقع الإلكتروني للمدينة بأنه يتميز بكبر حجم الحبة، ولونها الفاتح ونعومتها واحتوائها على نسبة كبيرة من فيتامين "E".

ويدخل اللوز في عدة صناعات محلية في داتشا، بينها مربى حليب اللوز (تشبه في قوامها وطعمها الحليب المكثف) وكعك اللوز والبرتقال، وهي إحدى الوجبات الخفيفة المفضلة للمصطافين، وأيضا معجون اللوز، وهو حلوى تشبه كريمة الشيكولاتة لكنها مصنوعة من اللوز.

وعلى غرار اللوز، للعسل مكانة خاصة في داتشا، تظهر في إنشاء الحكومة التركية متحفا خاصا لذلك الغذاء المهم لكن في مدينة مرمريس السياحية باعتبارها المدينة الأشهر عالميا والأقرب لداتشا الخفية.

وفي هذا المتحف الذي أطلق عليه اسم "بيت العسل"، يحاول القائمون عليه تغيير نظرة الناس إلى العسل باعتباره غذاء يأكل بجانب القشطة أو الزبدة، وتكريس أهميته الصحية في جميع مناحي الحياة.

وتشتهر داتشا بإنتاج العسل من نباتات الزعتر والصنوبر، وهو ما تتفرد به المدينة في عموم تركيا، بجانب إنتاجها لعسل الورد وعسل الخروب المتعارف عليهما.

ويعد عسل الصنوبر من الأنواع التي تختص تركيا بإنتاجها، وهو من الأنواع النادرة، حيث تنتج ما يقارب من 90 % من عسل الصنوبر العالمي.

وعسل الصنوبر التركي يعرف أيضا بـ"عسل الغابة"، فهو مستخلص من خلايا النحل التي تعيش في غابات منطقة جنوب غربي تركيا على طول بحر إيجة.

يذكر أن شبه جزيرة داتشا تأسست من قبل "الدوريان"، الذين استقروا في جزر بحر إيجه، وتقع شبه الجزيرة بين بحر إيجه والبحر الأبيض المتوسط، في نهاية شبه الجزيرة، وعلى مسافة حوالي 38 كيلومترا من المدينة القديمة الكارية من "كنيدوس"، والتي وصفها عالم الجغرافيا سترابو باسم "مدينة بنيت للآلهة الأكثر جمالا" في شبه الجزيرة الأكثر جمالا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!