ترك برس

شهدت تركيا خلال الفترة الأخيرة، حديثاً متزايداً عن احتمالية وقوع انقلاب ضد الحكومة، الأمر الذي أثار تساؤلات عن خلفية هذه المزاعم والتوقيت الذي طرحت فيه للتداول على وسائل الإعلام.

وقبل أيام، حذّر أحمد داود أوغلو رئيس الوزراء الأسبق ورئيس حزب المستقبل المعارض، من وجود جهات خفية تسعى للانقلاب على رئيس بلاده، رجب طيب أردوغان.

وفي حوار على إحدى قنوات التلفزة التركية، أضاف داوود أوغلو، أن "بعض المحيطين بأردوغان سيتخلون عنه في حال انزلقت قدمه".

تحذير داود أوغلو من وجود جهات خفية تسعى للانقلاب ليس الوحيد في هذا الإطار، فقد سادت حالة من القلق مؤخرا بعد عدة تصريحات تبدو كأنها تهديد أو تحريض على انقلاب، منها تصريح رئيس أركان الجيش السابق إلكر باشبوغ أن "عدنان مندريس (الذي أعدم بعد الانقلاب عليه) لو كان دعا إلى انتخابات مبكرة لما حصل عليه انقلاب".

وكان باشبوغ الذي خدم رئيسا للأركان بين عامي 2008 و2010، قد اعتقل في أغسطس/آب 2012، حيث ظل خلف القضبان لمدة 26 شهرا على خلفية تهم تتعلق بالإرهاب، والانتماء إلى شبكة "أرجنكون" الانقلابية داخل الجيش.

كما أثار تقرير صادر عن "مؤسسة راند" (RAND Corporation) الأميركية -أشار فيه إلى أن تركيا على أبواب انقلاب جديد من الجيش- جدلا واسعا كبيرا في تركيا، بحسب ما نقله تقرير نشرته شبكة الجزيرة القطرية.

وعلقت المؤسسة الأميركية على قرارات السلطات التركية باعتقال واستبعاد عدد كبير من الضباط الأتراك بسبب انتمائهم لتنظيم "غولن" التي تتهمها أنقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/تموز 2016، مما أثار غضبا داخل صفوف الجيش التركي.

وفي فبراير/شباط الماضي كتب أنغين يلدريم نائب رئيس المحكمة الدستورية التركية في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر عبارة "الأضواء مشتعلة" مصحوبة بصورة مبنى المحكمة الدستورية مضاءة بالكامل.

وأثارت التغريدة ردود فعل واسعة، أدت إلى قيام عضو المحكمة الدستورية بحذف التغريدة وإغلاق حسابه، بعد أن نشر توضيحا قال فيه إنه يقصد "أضواء القانون."

وتشير عبارة "الأضواء المشتعلة" في أذهان الأتراك إلى إضاءة مبنى رئاسة الأركان التركية للمصابيح كافة ليلا في فترات التحضير للانقلابات العسكرية التي مرت بها تركيا.

ورد وزير الداخلية التركي على تهديد أنغين يلدريم في تغريدة مشفرة، قائلا "أنوارنا لا تنطفئ أبدا"، مرفقا صورة لمبنى وزارة الداخلية وأنواره مضاءة بالكامل.

من جهته، رد أردوغان على تغريدة يلدريم بقوله "كانت رسالة مؤسفة، لقد أعلن عن نواياه، ولن يكون الأمر متروكا له"، ملمحا إلى إعادة هيكلة لأعضاء المحكمة الدستورية العليا.

ونقل تقرير "الجزيرة نت" عن ياسين غوفانتش أستاذ العلوم السياسية في جامعة أرجيس التركية، قوله إنه في حال انفك التحالف بين العدالة والتنمية والحركة القومية فإن الأمور ستتجه بسرعة نحو الانتخابات المبكرة.

وأضاف الأكاديمي التركي، أن موقف زعيم "الحركة القومية"، دولت بهتشلي، المتشدد في قضية إغلاق حزب الشعوب الديمقراطي، قد يسبب حرجا لتركيا في الفترة المقبلة، خاصة أن الرئيس الأميركي جو بايدن والاتحاد الأوروبي ينتظران "إصلاحات" في الداخل.

ولفت إلى أن الانتخابات المبكرة ستكون نسبيا في صالح المعارضة إن حدثت، لكن إن أبعدها أردوغان ونجح في تعديل الملف الاقتصادي فسيحقق الفوز مجددا.

وبشأن الحديث عن حصول انقلاب، أوضح غوفانتش أن ذلك قد يكون مجرد ضغوط أو تعبير عن رغبات، لكن لا يمكن القول إن تركيا أغلقت باب الانقلابات العسكرية تماما، وإن كان الأمر أصبح أصعب بكثير.

يُذكر أن تركيا شهدت خمسة انقلابات عسكرية رئيسية قام بها الجيش التركي منذ قيام الجمهورية مع مصطفى كمال أتاتورك، وقع أولها عام 1960، وثانيها سنة 1971، وكان ثالثها عام 1980، ورابعها سنة 1997، ومحاولة انقلابية خامسة فاشلة عام 2016. وقد نجحت حكومة العدالة والتنمية في فرض تعديلات جوهرية على دور الجيش تتلخص في حماية حدود البلاد والمواطنين.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!