ترك برس

أعلنت تركيا قبل أيام على لسان رئيسها، رجب طيب أردوغان، تسمية عام 2021 بـ"عام حاج بكتاش ولي"، الأمر الذي أثار الفضول لمعرفة صاحب هذه الشخصية.

وبحسب مرسوم رئاسي نشر في الجريدة الرسمية التركية، فإن عام 2021، وهو الذكرى الـ750 لوفاة حاج بكتاش ولي، الذي "كان يبشر بالحب والتسامح والوحدة والتضامن والسلام منذ قرون بأفكاره وتعاليمه، وقد أُدرِجت ذكرى وفاته لدى اليونسكو".

ويحظى ضريح وقبر حاج بكتاش ولي الواقع في منطقة "حجي بكتاش" بولاية نوشهير وسط تركيا، بإقبال كبير من قبل السيّاح والسكان كمتحف، وفي عام 2012 صُنف من قبل اليونسكو على أنه من أحد الآثار العالمية، وقد جرى فتح هذا المتحف من قبل وزارة الثقافة والسياحة التركية للعبادة بعد انقطاع دام لمدة 188 سنة.

ومن المقرر وفق المرسوم الرئاسي التركية، أن تكون أفكار حاج بكتاش ولي التي ساهمت في تكوين الهوية الاجتماعية والوحدة في منطقة الأناضول، عنوان الحملات الثقافية والإعلامية على مدار العام 2021.

عُرف حاج بكتاش ولي في تركيا، بأنه رجل دين وشاعر متصوف، وفيلسوف إسلامي، ويقال بأن المولد الأصلي لهذا العالم هو فارسي من خوراسان في مدينة نيشابور، ويعود أصله إلى والده السيد إبراهيم ساني، وأمه خاتم هاتون، واللذان يعودان للأصل التركي، بحسب تقرير لـ "TRT عربي."

كما عُرف بأنه صاحب عقل وعلم، وأنه كان إنساناً صادقاً ومعتدلاً، وقد تلقى تعليمه الأساسي في المدرسة التركستانية التابعة للمعلم أحمد يوسفي، صاحبة الطريقة اليوسفية، وأدى تلقيه العلم من تلك المدرسة على يد العديد من أصحاب العلم والدين، ومنهم المعلم لقمان بارندا، إلى تكوين بنية عقلية صوفية مميزة للحجي بكتاش، كما يقال إنه خليفة المعلم أحمد يوسفي للطريقة اليوسفية.

وبناءً على أمرٍ من يوسفي، جاء الحاج بكتاش إلى الأناضول، واستقرّ في "صولوجا قره هيوك" الواقعة على بعد 40 كيلومتراً جنوب قرشهير بعد أن زار المدن المقدّسة مثل مكة والمدينة والنجف والشام والقدس وحلب، وتقول أكثر الكتب التاريخية إنه التقى بالسلطان السلجوقي علاء الدين قيقوباد، ومولانا جلال الدين، وعثمان غازي، وأخي أوران وآخرين، وأرسل 360 من تلاميذه بوظيفة الإرشاد إلى بلدانٍ مختلفة.

أطلق على الحاج بكتاش لقب "شيخ المتصوفين"، إذ إنه قاد ثورة جديدة في الأفكار بزمنه، وإن أكثر المصادر أهمية فيما يتعلق بفهم هذه الأفكار هي مؤلّفاته التي تركها والتي تظهر هويّة متصوّف ناضج.

تبنى أفكاره على أبواب أربعة متتالية وهي: الشريعة، والطريقة، والمعرفة، والحقيقة، ويوجد في كل واحد منها عشر مقامات بحيث يكون مجموعها أربعين مقاماً.

طالما صنف حاج بكتاش بأنه الأب الروحي للطائفة البكتاشية والتي تنحدر من الإسماعيلية إلا أن أفكاره تعارض هذه الطائفة في عدة نقاط جوهرية.

ويمكن رصد أفكار حاج بكتاش في أشعار الشاعر التركي الكبير يونس إمره (ت 1320)، وفي مؤلَّفِه الرسالة النُّصحيّة، وهو ما يدل على وجود ارتباط قوي مباشراً كان أم عبر واسطة بين بكتاش ويونس إمره.

تاريخياً، كان الحاج بكتاش ولي أحد أهم المؤثرين على قبائل الأتراك في آسيا الصغرى، إذ وُصف باسم سلطان القلوب ودرويش الدراويش، وصار محبوباً لدى جنود الجيش العثماني.

كما يذكر أن الحجي بيكتاش ولي كان محبوباً من قبل السلاطين العثمانيين، بالإضافة لحبّ الشعب والجيش العثماني له، حيث كان الجنود المنضمين حديثاً للجيش العثماني يتلقون التعليم والتدريب على يده، وعلى الطريقة البكتاشية.

وكانت آنذاك الدولة السلجوقية تعيش وضعاً سياسياً، اقتصادياً وثقافياً صعباً، وعند قيام الدولة العثمانية كان الحاج بيكتاش مسؤولاً عن تشكيلات تسمى بـ "آهيليك – Ahilik".

وكانوا عند الذهاب إلى معظم الحروب والفتوحات الإسلامية يصطحبونه معهم، حيث يوجد في هذه الأيام في كل زاوية من زوايا دول البلقان أثار للشيخ حجي بكتاش ولي، وقد منحت طريقة الحجي بكتاش ولي اسم الطريقة البكتاشية.

سمح السلطان العثماني بأن يكون في كل ثكنة مرشد من تلامذة الحاج بكتاش، لما في ذلك من دعم روحي للجنود، وهو ما يتجلى في وجود أعمال منحوتة في بعض الأماكن بدول البلقان تشير إليه.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!