ترك برس

يواصل المسؤولون الأتراك على مختلف مستوياتهم، إطلاق تصريحات إيجابية تجاه مصر، وسط توقعات بتطبيع محتمل بين البلدين، لا سيما بعد أن خطوة مصرية راعت مصالح أنقرة في شرق البحر المتوسط.

وكانت مصر قد أعلنت الشهر الماضي طرح مزايدة للتنقيب عن النفط والغاز في 24 منطقة، بعضها في البحر المتوسط، راعت فيها الجرف القاري التركي، الأمر الذي أشادت به أنقرة واعتبرته احتراماً لحقوقها ومصالحها.

وفي غياب ردود رسمية واضحة من مصر على التصريحات التركية الأخيرة، بدا أن القاهرة تركت الرد إلى وسائل إعلام مقربة من السلطة، حيث خصص الإعلامي أسامة كمال حلقة من برنامجه على قناة المحور لقضية العلاقات مع تركيا، معتبرا أن مصر يجب أن تنظر إلى مصالحها التي تعتقد أنها ليست مع الأتراك.

كما تحدث مدير تحرير صحيفة الأهرام أشرف العشري عما وصفها بقائمة مطالب مصرية لقبول الحوار مع تركيا تتضمن إغلاق ما وصفها بـ "المنصات الإعلامية المعادية وتسليم قيادات جماعة الإخوان المسلمين".

كما نشر المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية الذي يعتقد أنه قريب من جهات سيادية مصرية حيث يرأسه الخبير الأمني العميد خالد عكاشة، ورقة بحثية تحدثت عما أسمته بـ"الغزل السياسي" التركي لمصر، مؤكدة أن الموقف المصري يرتبط بما أعلنه وزير الخارجية سامح شكري من ضرورة توافق التصريحات التركية مع السياسات، بحسب ما نقله تقرير لشبكة الجزيرة القطرية.

وحسب الورقة التي أعدتها نوران عوضين ونشرت الثلاثاء، فإن هناك 3 محددات رئيسية من وجهة النظر المصرية تعرقل إتمام التعاون التركي المصري، أولها الموقف التركي من "ثورة 30 يونيو" والثاني هو رفض التدخلات التركية في الإقليم، والثالث رفض الممارسة التركية الاستفزازية في منطقة الشرق الأوسط.

وربطت الدراسة حدوث تقارب حقيقي بين مصر وتركيا باتخاذ الأخيرة لعدة خطوات منها سحب قواتها من ليبيا وإغلاق قنوات المعارضة المصرية التي تبثها من تركيا وتسليم المطلوبين من قيادات جماعة الإخوان، بل والتوقف عن انتهاك السيادة الإقليمية لكل من العراق وسوريا والتوقف عن انتهاك السيادة البحرية لكل من قبرص واليونان.

في المقابل، يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور عصام عبد الشافي، أن مستقبل العلاقات بين مصر وتركيا وسيناريوهات التقارب تحكمها ملفات معقدة، من بينها الموقف التركي الرسمي من الانقلاب العسكري في مصر 2013، ووجود عدد من قيادات المعارضة المصرية وقنواتها الإعلامية في تركيا، وكذلك تعارض دور تركيا مع الدور المصري في ليبيا، والسياسة المصرية في شرق المتوسط.

وأضاف عبد الشافي أنه وكذلك المواقف المصرية في قضايا سوريا والعراق، بجانب دور الطرف الإماراتي الداعم للنظام المصري في خلق الكثير من الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية للنظام التركي، بجانب تداعيات أزمة حصار قطر، والدور التركي الداعم لقطر في مواجهة دول الحصار ومن بينها مصر.

وفي مواجهة هذه الاعتبارات، ومع تعدد التصريحات الرسمية سواء من تركيا أو مصر المرحبة بتعزيز العلاقات -والحديث لا يزال للأكاديمي المعارض للسلطة الحالية في مصر- إلا أن هذا مجرد تحول تكتيكي ولن يستمر، فالكل مدفوع بتغير الإدارة الأميركية، ووصول بايدن للسلطة.

وختم حديثه بالقول إن الغريب في الأمر خروج بعض المسؤولين المصريين -وهم في موقف ضعف- يتحدثون عن مطالبة تركيا بتقديم ضمانات وأفعال عملية على جدية تقاربها مع النظام المصري، مضيفا "وكأن تركيا هي التي تحتاج للنظام الهش في مصر، وليس العكس"، بحسب وصفه.

ومنذ اللحظات الأولى للانقلاب العسكري في مصر صيف 2013 بقيادة وزير الدفاع وقتها عبد الفتاح السيسي، عارضت أنقرة بقوة الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي، انطلاقا من موقفها الرافض للانقلابات باعتبارها خيار غير ديمقراطي، مما أدى إلى تدهور العلاقات بين البلدين، لكن العلاقات التجارية والاقتصادية بينهما استمرت بشكل طبيعي.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، وردا على سؤال صحفي بشأن وجود اتصالات مع مصر، فيما يتعلق بتحديد مناطق الصلاحية البحرية في شرق البحر الأبيض المتوسط بين البلدين، تحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن إمكانية إجراء بلاده محادثات استخباراتية مع مصر في أي وقت، لتتعاقب بعدها تصريحات تركية إيجابية حول تطبيع العلاقات مع القاهرة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!