ترك برس

أعلنت الرئاسة التركية، السبت، إقالة محافظ البنك المركزي ناجي آغبال من منصبه، الأمر الذي أثار تساؤلات عدة حول أسباب القرار وانعكاساته على سعر صرف العملة المحلية، لا سيما وأنه يعد ثالث تغيير في المنصب نفسه، في غضون عام ونصف العام فقط.

ولم يذكر المرسوم الرئاسي التركي، أي سبب رسمي للإقالة، إلا أنه جاء بعد يومين من رفع البنك المركزي سعر الفائدة فوق التوقعات بمقدار 200 نقطة أساس، من 17% إلى 19%، مع تأكيد إجراء تشديد نقدي قوي إضافي بالنظر إلى المخاطر الصاعدة.

وأوضح البنك المركزي أنه يريد مواجهة التضخم الذي ارتفع بنسبة 15.6% على أساس سنوي في فبراير/شباط الماضي.

وكان آغبال، وزير المال السابق، يشغل منصب محافظ البنك المركزي منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، خلفا لمراد أويصال الذي تمت إقالته في إطار إصلاح فريقه الاقتصادي من قبل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان الذي يرفض علناً أسعار الفائدة المرتفعة، لاعتقاده أنها تزيد التضخم، وسبق له أن وصفها بأنها "أم وأب كل الشرور".

ويسعى الرئيس التركي، إلى خفض معدل التضخم السنوي إلى أقل من 10% بحلول نهاية العام المقبل، وإلى 5% بحلول الانتخابات المقبلة المقرّر إجراؤها عام 2023.

وفي معرض تعليقه على قرار الإقالة، قال الباحث الاقتصادي في جامعة يلدريم بيازيد بأنقرة، محمد كلوب، أرجع السبب الحقيقي لإقالة رئيس البنك المركزي التركي إلى تعارض قرار المركزي الأخير مع رؤية الرئيس أردوغان الذي يرى في ارتفاع أسعار الفائدة عدوًّا لرؤيته بالنمو الاقتصادي.

وقال الباحث كلوب إن ارتفاع أسعار الفائدة إلى مستوى 19% سيرفع قيمة الليرة لكنه سيوقف عجلة الإنفاق ومن ثمّ الإنتاج، بسبب شح الأموال المعروضة في الأسواق وهو ما يؤكده الرئيس التركي مرارا بأن الفائدة المرتفعة هي عدو النمو، بحسب تقرير لشبكة الجزيرة القطرية.

وأضاف أنه منذ تسلّم المحافظ المقال مهامه رفع البنك المركزي التركي سعر الفائدة تدريجيا إلى 9%، لكن صمت الرئيس أردوغان فُسّر على أنه قبول منه برفع أسعار الفائدة، ويبدو أن الرئيس التركي بقراره الأخير إقالة المحافظ أراد رسم الخطوط العريضة لسياسات البنك المركزي في المرحلة المقبلة بحيث تكون الفائدة منخفضة قدر الإمكان ولا تتعدى هذا الحاجز.

وعن تداعيات القرار على العملة التركية وأسواق المال، ذكر الباحث كلوب أن خطورته تكمن في آثاره على المدى المتوسط والبعيد، إذ إن هذا القرار يمثل تجديدا لحرب أردوغان على أسعار الفائدة وتأكيدا لخفضها تدريجيا، وهو ما سيؤثر سلبا في أسعار الصرف مستقبلا، وكذلك في الاستثمارات الأجنبية بالعملة المحلية في ظل تخبط سعر الصرف.

من جهته، ذكر المحلل التركي، يوسف كاتب أوغلو، أن نهج المحافظين برفع سعر الفائدة واقتصار مواجهة التضخم على هذه الأداة النقدية فقط يتنافى مع السياسة الاقتصادية والإصلاحات التي أعلنها أردوغان.

وقال كاتب أوغلو إن من حق رئيس الدولة وصلاحياته إقالة محافظ المركزي، حينما يخرج عن السياسة العامة الاقتصادية التي أعلنتها البلاد، وليس في ذلك تدخل أو إساءة إلى المركزي أو ضرب للثقة، بل إعادة ضبط لنهج السياسة النقدية لتتناسب مع الخطة العامة للدولة، مشيرا إلى أن رفع المحافظ السابق أغبال سعر الفائدة 200 نقطة كان مفاجئا وكبيرا حتى لأنصار رفع الفائدة.

ويشير المحلل التركي إلى أن سياسة بلاده ليست جذب الأموال الساخنة إلى خزائن المصارف، بل توجيهها إلى القطاعات الحقيقية والإنتاجية وتشغيل الأيدي العاملة، مؤكدا أن رفع سعر الفائدة في السنتين السابقتين لم يحسّن سعر الليرة، بل بالعكس أحيانا، كانت تتحسن الليرة بعد تخفيض سعر الفائدة.

يُذكر أن المرسوم الرئاسي لإقالة آغبال، تضمن أيضاً تعيين شهاب كافجي أوغلو، خلفاً للأول، وهو خبير اقتصادي تخرّج في قسم الإدارة بكلية العلوم الاقتصادية والإدارية بجامعة 9 سبتمبر/أيلول بإزمير.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!