ترك برس

سلّط خبراء أتراك وعرب، الضوء على دلالات وأبعاد التقارب بين تركيا ومصر في شرق المتوسط، وأسباب انزعاج حلفاء القاهرة من خطوتها هذه تجاه أنقرة.

المحلل السياسي التركي أحمد أويصال، مدير مركز أورسام لدراسات الشرق الأوسط (مستقل ومقره أنقرة)، يؤكد وجود مصالح مشتركة بين بلاده ومصر، محذرا في الوقت نفسه من أن محاولة إبعاد تركيا عن حقوقها بمناطق نفوذ شرق المتوسط، بسبب الجزر الكبيرة والصغيرة (التابعة لليونان)، لا يخدم تركيا ولا السلام بالمنطقة.

أما عن مصر، فيعتقد الباحث التركي أنها تستفيد من المبدأ التركي في التقاسم للمجال البحري بالمناصفة، كما لها مصلحة مشتركة ومباشرة في مشاركة تركيا، وهو ما أدى إلى تفاعل وتفاهم أكثر بين البلدين.

وحول أسباب انزعاج حلفاء مصر من تقاربها مع تركيا، أوضح أويصال أن خلفياته هي أن إسرائيل لا تريد تعاونا بين دول المنطقة يضعف ويهدد مصالحها، وكذلك اليونان، ومن بعيد فرنسا التي تريد إضعاف تركيا في شرق المتوسط وشمال إفريقيا، إضافة إلى الإمارات التي ليس لها مصلحة مباشرة لكنها تتدخل لصالح إسرائيل واليونان حقدا على تركيا كأمر غير منطقي، بحسب وصفه.

وشدد المحلل التركي على أن بلاده لن تنزعج من قوة مصر لو اتفق البلدان على الإنصاف والمشاركة والتعاون الأخوي ومنطق الجوار السليم، مشيرا إلى أن بلاده لا تحتاج إلى تقديم تنازلات في هذا الصدد، لكن قد تكون هناك بعض التفاهمات بناء على المصالح المشتركة.

ومتطرقا إلى الملف الليبي وارتباطه بتحالفات شرق المتوسط، قال أويصال إن هناك نية للتعاون في ليبيا لأهميتها المشتركة باعتبار استقرارها ونهضتها يمثلان مصدر قوة للبلدين، بحسب تقرير لـ "الجزيرة نت."

من جانبه، رأى الباحث والمحلل السياسي التركي فراس رضوان أوغلو أن اليونان هي المتضرر الأبرز والأكبر من التقارب بين بلاده ومصر، حيث ستتضرر مباشرة في المساحة المائية التي كانت تحلم بها في شرق المتوسط، خلافا للنفوذ المائي والسياسي، وذلك بجانب دول أخرى تدعم مصر في سبيل تحقق النفوذ بليبيا.

ورأى أن إسرائيل تعتبر تركيا المنافس الأقوى لها، في وقت استطاعت فيه أنقرة على الأقل تحييد القوة المصرية الكبيرة، بما يمثل أهمية في توازنات المنطقة.

وتوقع رضوان أوغلو أن إسرائيل واليونان، باعتبارهما دولتين مشاطئتين للمتوسط، ستبقيان قوتين ضعيفتين من بين الدول المشاطئة، في حين لن يقدم الحليف القبرصي لمصر شيئا كونه مجرد واجهة إعلامية في المعاملات السياسية. وشدد على أهمية الدور الليبي في ملف شرق المتوسط، بعد أن أصبح له كلمة نافذة بعد ترسيم الحدود مع تركيا.

وفي ضوء المؤشرات الراهنة، رأى الباحث والكاتب الصحفي التركي عبد الله أيدوغان أن تقارب بلاده ومصر سيغير إستراتيجية ومساعي إبعاد تركيا عن مشهد شرق المتوسط، وسيخلخل النظام الجديد بالشرق الأوسط بعد تطبيع العلاقات الإسرائيلية الإماراتية، التي أصبح لها تأثير سلبي على مصر، خلافا لمؤشرات ابتعاد أبو ظبي عن القاهرة.

وفي ضوء استثناء مصر من قبل حلفائها في لقاء قبرص الأخير، قال الكاتب التركي إن الرباعي ليسوا راضين عن السياسة الجديدة التي تقوم بها الحكومة المصرية، والمتمثلة في التقارب مع تركيا.

وأكد أيدوغان أن الدول المحورية كتركيا ومصر ربما لا يمكنها كتابة سيناريوهات جديد بالمنطقة، لكنها تستطيع منع الخطط والسيناريوهات المعمولة ضدها من دول أخرى، مشيرا إلى أن البلدين يمكن أن يتعاونا على أساس "أنت تكسب وأنا أكسب"، بما يصب في النهاية في صالحهما وصالح شعبيهما.

كما أشار إلى أن بلاده سبق أن تلقت اقتراحات بإمكانية توقيع اتفاقية مع إسرائيل لترسيم الحدود البحرية ومناطق التنقيب بشرق المتوسط على غرار الاتفاق الليبي، لكنَّ الرئيس رجب أردوغان رفض ذلك واختار مصالح مصر.

يُشار إلى أنه بعد سنوات من القطيعة السياسية، أسفر التقارب المصري التركي عن تهدئة الصراع الثنائي، وتزايد فرص عودة العلاقات إلى طبيعتها، وسط مخاوف من حلفاء القاهرة في السنوات الماضية من أن يكون لهذا التقارب أثر سلبي على تحالفات مصر الجيوسياسية، خصوصا فيما يتعلق بالنزاع البحري بمنطقة شرق المتوسط.

وما يعزز من فرضية هذه المخاوف لقاءٌ رباعي شهدته قبرص مؤخراً، ضم وزير خارجيتها ونظيريه الإسرائيلي واليوناني والمستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، في حين تم استبعاد مصر مجددا بعدم دعوتها إلى تحالف كثيرا ما سعى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تدعيمه في السنوات الأخيرة.

وفي تجاهل آخر لمصر، وقع الثلاثي (إسرائيل وقبرص واليونان) في مارس/آذار الماضي اتفاقا لتطوير أطول وأعمق كابل كهربائي في العالم، يربط بين أوروبا وآسيا تحت سطح البحر.

ومطلع العام الماضي اتفق الثلاثي نفسه، بجانب إيطاليا، على تدشين مشروع خط أنابيب شرق المتوسط "إيست ميد"، في وقت كانت تأمل فيه القاهرة أن تتحول إلى مركز إقليمي للطاقة.

يأتي هذا في وقت تشهد فيه العلاقات المصرية التركية تقاربا، حيث ينتظر أن يزور وفد تركي القاهرة في مايو/أيار المقبل تلبية لدعوة مصرية، حسبما كشف وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، الثلاثاء.

وبدأ التوتر في العلاقات السياسية بين أنقرة والقاهرة، عام 2013، عقب الانقلاب العسكري على محمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطياً في تاريخ مصر.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!