ترك برس

شهد دار أطلس التاريخية للسينما حفلًا فنيًا قبل أيام بحضور شخصيات حكومية للتعريف بالفيلم الوثائقي "شيخ المعماريين سنان / Mimarların Piri Sinan" الذي تم إنتاجه بمساهمة ولاية إسطنبول.

وشارك في الحفل الأول المقام داخل المكان التاريخي الذي أعيد افتتاحه بوجه حديث في 26 فبراير، كل من رئيس البرلمان التركي البروفيسور الدكتور مصطفى شنطوب، ووزير الثقافة والسياحة محمد نوري أرسوي، ووالي إسطنبول علي يرلي قايا، وضيوف من عالم الأعمال والفن والرياضة.

الحفل شهد أيضًا عرضًا لكتاب "تذكرة البنيان" الذي يعود لـ4 قرون ويتضمن كتابات يدوية للمعمار سنان الذي برز بمعالمه الهندسية خلال أروع مراحل الإمبراطورية العثمانية.

تولى مسعود غينغيج، إخراج الفيلم الوثائقي "شيخ المعماريين سنان" الذي استكمل تصويره عام 2021، وشغل بولنت غونال مهمة المنسق العام، ويلماز أيدن مسؤولية المشروع.

وجرى تصوير الفيلم على طريقة الدراما الوثائقية، ومدته 60 دقيقة خصصت لتجسيد طفولة وشباب وشيخوخة المعمار سنان، من قبل 3 ممثلين.

وتم تصوير الفيلم الوثائقي في أغيرناس، وإسطنبول، وأدرنة، لتسليط الضوء على الأوجه غير المعروفة لحياة المعمار سنان ومعالمه.

أمّا العمود الفقري للفيلم الوثائقي، فقد شكله كتاب "تذكرة البنيان" الذي يعتبر سيرة ذاتية للمعمار سنان، وألفه النقاش-الشاعر مصطفى ساعي جلبي.

في كلمة خلال الحفل، قال رئيس البرلمان شنطوب إن "قوجة سنان"، مصدر فخر للإمبراطورية العثمانية وبمثابة ختم لجميع المناطق الصديقة، ومعالمه ربما لا يعرف جميعها بشكل منفصل لكن عندما ترى واحدة منها يمكن التوقع بأنه "هذا المعلم هو حتما للمعمار سنان"، لأنه كان عبقريا فنيا أصيلا يتمتع بأسلوب فريد ومحدد للغاية.

وأضاف شنطوب أن "المعمار سنان الذي شعر بحزن حيال مقولة (لا يستطيع المسلمون إنشاء قبة كبيرة مثل آيا صوفيا)، يعد قائدًا عظيمًا لدرجة أنه أطلق ما هو أشبه بغزوة معمارية عبر بناء  السليمية"، مشيرًا إلى أنه يجب التذكير بأن المعمار سنان جرب بجاب هذه التصاميم الكبيرة جماليات معمارية مختلفة من خلال إنشاء مساجد صغيرة لا قبة فيها.

وترك المعمار سنان ما يقارب 365 أثرا معماريا حول العالم، بينها أكثر من 90 جامعا و55 مدرسة عثمانية، إضافة إلى العديد من المساجد الصغيرة ودور تحفيظ القرآن والأضرحة والمستشفيات والجسور والخانات والقصور والمخازن والحمامات وغير ذلك ليصبح أكبر معماريي عصره الذي تحتفظ إسطنبول وغيرها من المدن العثمانية بأعماله التي بناها بنفسه أو أشرف على بنائها.

ولد المعمار سنان لعائلة مسيحية في الأناضول، وكان رئيس المعماريين العثمانيين وأشهرهم خلال حكم السلاطين سليم الأول وسليمان الأول وسليم الثاني ومراد الثالث، وأسلم في بداية العشرينيات من عمره وانضم إلى الجيش الانكشاري كمقاتل عثماني في شرق أوروبا وبلاد فارس.

وبفضل رحلاته مع حملات الجيش العسكرية عبر منطقة جغرافية واسعة تمتد على طول حوض البحر الأبيض المتوسط ​​من الأناضول إلى إيطاليا والساحل الأدرياتيكي إلى أوروبا الوسطى، ومن أذربيجان إلى بغداد في آسيا.

وأثرت معرفته المعمارية وزودته بثروة من الأفكار والموارد والحلول من عصور مختلفة، بينها السلجوقية والبيزنطية والإيرانية، كما اطلع على الطراز المعماري العربي وفنون العمارة في حلب ودمشق وحتى القاهرة التي عرفت بمساجدها في الزمن الأيوبي والمملوكي، مثل جامع السلطان حسن.

ومن ضمن الحملات العسكرية العثمانية التي شارك فيها سنان معركة بلغراد ومعركة النمسا وحملة بغداد وبوليا الإيطالية ومولدافيا في 1537.

أبصر سنان آغا النور في قرية آغرناص الواقعة حاليا بولاية قيصري وسط تركيا عام 1490م وعاش في القرن العاشر الهجري في أوج العصر الذهبي للعمارة العثمانية.

وعند بلوغه سن الرشد أرسلته عائلته عام 1511 في عهد السلطان ياووز سليم إلى إسطنبول، حيث ترعرع قريبا من القصر العثماني وتلقى العلوم الدينية والدنيوية، ما جعله من أشهر المهندسين المعماريين والرسامين المبدعين إبان عهد بايزيد الثاني بن محمد الفاتح.

وبحسب التقارير، يعتبر جامع شاه زادة أول عمل للمعماري سنان في مدينة إسطنبول.

ومن أبرز أعماله المعمارية في إسطنبول ضريح خير الدين بارباروس باشا في منطقة بشيكطاش على الشق الأوروبي من المدينة، وكلية "أتيك والدة سلطان" بمنطقة أوسكودار، وقصر إبراهيم باشا بميدان السلطان أحمد، ومآذن جامع آيا صوفيا، وحمام " كتخدا خسرو" بمنطقة أورتاكوي، ومدرسة "سميز علي باشا" في الفاتح.

لا شك أن من أهم الأعمال المعمارية لـ"سنان آغا" جامع السليمانية الذي يعد من أبرز واجهات إسطنبول.

ومن بين الآثار المهمة للمعماري سنان جامع السليمية بأدرنة القريبة من الحدود اليونانية الذي بني خلال فترة حكم السلطان سليم الثاني عام 1575.

وأشرف المعماري سنان على أعمال بنائه بين عامي 1569 و1575 وهو في العقد الثامن من عمره، ليلخص فيها خبرة السنين الطويلة في فن العمارة وهندسة البناء.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!