خلود الخميس - العرب القطرية

في السابع من يونيو المقبل تنطلق الانتخابات البرلمانية التركية حيث يتجه ما يقارب 56 مليوناً من الأتراك إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم واختيار الحزب السياسي الذي يمثلهم في الدورة الخامسة والعشرين للبرلمان التركي، واستطلاعات القياس تشير إلى سبعة ملايين صوت للحسم.

والانتخابات التركية دائماً ما تكون حلبة صراع، ولكن اشتدت منذ أن تمايزت الصفوف بين المحافظين والعلمانيين كأكبر كتلتين متنافستين على القيادة مع أن حزب الشعب الجمهوري المعارض لا يتعدى أنصاره 23 بالمئة من الناخبين، إلا أن التحالفات التي تتم تحت الطاولة يجب أن يُحسب لها حساب في الترجيح لا الفوز، لأنه محسوم لحزب العدالة والتنمية على الأقل بما يفوق نصف الناخبين فالأحزاب الصغيرة قد تدخل في مناورات سياسية سرية لا تنكشف إلا بعد ظهور النتائج، وهذا لا يسبب قلق الخسارة، بل يؤثر على نسبة النجاح فقط.

منذ اثني عشر عاماً وتركيا الشعب هي التي تحكم، وهذه تختلف عن تركيا العسكر، تختلف اقتصادياً وتنموياً واجتماعياً وفي الانفتاح على الحريات الدينية، كل الأديان التي تعيش في تركيا والطوائف والملل والأعراق وجدت حقوقها في حكم العدالة والتنمية، حيث المسطرة هي المواطنة، فكل تركي له الحقوق ذاتها وعليه الواجبات ذاتها.

تركيا الشعب، اختارت الحزب الذي يمثل الدين الإسلامي وقيَمه الأخلاقية، ولم تتخل عنه لا في الانتخابات البرلمانية ولا الرئاسية، ونظرة عادلة لإنجازات حزب العدالة والتنمية تؤكد أن الوفاء الشعبي له سيستمر عمرا مديدا. 

ونستذكر هنا ما جاء في خطاب داود أوغلو أمام المؤتمر العام للحزب حول تسعة عناصر تشكل البنية التحتية لحزب العدالة والتنمية، جذوره الدعم الشعبي، وجذعه التفوق الإداري، وأغصانه التميز في القيادة، وأوراقه الفريق المخلص الملتف حول أهداف حزبه، وثماره ما آلت إليه تركيا في اثني عشر عاماً من قفزة حضارية واقتصادية وسياسية واجتماعية وعلى جميع الأصعدة. وتلك البنية هي، أولاً: الوقفة الواثقة بالنفس ضد محاولات الانقلاب على مؤسسات الدولة وتقويضها واستخدامها للمصالح الشخصية. ثانياً: متابعة المصالحة الوطنية واعتبارها وحدة ثقافية واجتماعية. ثالثاً: تشكيل أخلاقي جديد للحريات كالتعبير والمعتقدات ضمن المسؤولية العامة.

رابعاً: إجراء إصلاحات في بيروقراطية الدولة واصفاً إياها أنها الجدارة بينما الدخول في مؤسسات الدولة ومن ثم ابتزاز سلطات الدولة خيانة، ومحاربة الكيان الموازي.
خامساً: إصلاح الأخلاق -الأخلاق السياسية- محاربة الفساد، اعتماداً على مبدأ «بإحياء الإنسان تحيا الدولة».

سادساً: العدالة والقضاء، وهنا يعني تنظيف القضاء من الكيان الموازي، بألا يكون منسوبو القضاء تحت محفل سلطة واحدة.

سابعاً: الترميم المدني الثقافي، بالاهتمام بثقافة العمارة الأفقية وليس العمودية فحسب بعدم تهميش أي حضارة عاشت في الأناضول.

ثامناً: الإصلاح الاقتصادي والتعليم، وأن المجال الاقتصادي سيتحسن بمجرد تحسن التعليم وأن تركيا ستصبح أهم قاعدة إنتاج إفريقي - أوروبي في العالم.

تاسعاً: موقع تركيا في العالم، السعي أن تكون أنقرة مركزاً للسياسية الخارجية في العالم، ولا أحد يحاول وضع تركيا في كماشة آسيا وأوروبا، والمضي في طريق الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

تركيا العدالة والتنمية هي القوة والهيبة وصوت الشعب، وآخر وأقرب مثال على ذلك، عندما تبجح بابا الفاتيكان بتسمية أحداث 2015 «إبادة» للأرمن وتجاهل مئات الآلاف من المسلمين الذين دفعوا أرواحهم في تلك الأحداث جاءه الرد الحازم من رئيس الحزب الحاكم أحمد داود أوغلو، بأن تركيا لن تسمح أن يحدثها أحد بتعالٍ، ولن تقبل اتهامات البابا، وأصدرت وزارة الخارجية بياناً في هذا الشأن شديد اللهجة، ولم يصمت أي مسؤول معني في الحكومة عن أي تطاول على الدولة التركية في أي شأن كان.

هذه هي تركيا التي نقلها حزب العدالة والتنمية لمصاف الدول العظمى عبر الالتزام بما يلي: منهج السياسة الأخلاقية خارجياً وداخلياً، الاستثمار في الإنسان، تحقيق العدالة الاجتماعية، الرفاه الاقتصادي، والأرقام خير محام.

فمن تظنون سيختار الشعب في السابع من يونيو المقبل؟

عن الكاتب

خلود عبد الله الخميس

كاتبة وروائية كويتية مختصة في الإعلام السياسي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس