ترك برس

تناول تقرير في موقع "الجزيرة نت" أبعاد التطور الذي تشهده العلاقات بين تركيا والجزائر في مختلف المجالات خلال الفترة الأخيرة، والتوافق بين البلدين حول قضايا المنطقة.

وذكر التقرير أنه برؤى متطابقة تمامًا حول كل القضايا الإقليمية والدولية، واستثمارات تركية في الجزائر وصلت حتى الآن 5 مليارات دولار، إلى جانب 1300 شركة تركية تنشط هناك، تتوجه علاقات البلدين، بعد مرور 15 عاما على توقيع معاهدة التعاون، نحو مزيد من التقارب على المستويين السياسي والاقتصادي، في سياق حساس لكلا الجانبين، وفي ظل تحديات مشتركة.

وبحسب الموقع، كان ذلك من أبرز ما حرص وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، على تأكيده خلال زيارته للجزائر، قبل أيام، منوّها بالدور المهم الذي تلعبه من أجل مصالح المنطقة.

وكشف جاويش أوغلو أنه سيتم قريبًا عقد أول لقاء لمجلس التعاون رفيع المستوى الذي تم إنشاؤه خلال زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى الجزائر في يناير/كانون الثاني من العام الماضي، مشيرا إلى أنه سيتوّج بالتوقيع على العديد من الاتفاقيات.

وفي قراءته لتوقيت زيارة جاويش أوغلو الجديدة إلى الجزائر وأجندتها السياسية، أكد رئيس جمعية الجزائريين الدولية إدريس ربّوح أنها تأتي في سياق موعد الانتخابات في ليبيا ومحاولات اللواء المتقاعد خليفة حفتر ومن يدعمه ضرب الحل السياسي المتفق عليه للخروج من الأزمة.

وربطها أيضًا بالتوافق التركي الجزائري على دعم استقرار المؤسسات المنتخبة في تونس، مقابل رفضهما أي تدخل خارجي، بل "ضرورة التعاون بينهما ضدّ إرادة الانقلاب الذي دعمته الإمارات وحلفاؤها العرب لضرب التجربة الديمقراطية التونسية".

وأوضح ربّوح في تصريح للجزيرة نت أنّ الزيارة لها صلة وثيقة كذلك بدخول إسرائيل إلى المنطقة الأفريقية، وهو لاعب منافس لتركيا في الشرق الأوسط والتي ترفض وجوده.

أمّا عن تقييم مسار التعاون بين البلدين منذ 2006، فقد أشار ربّوح إلى تطور مطرد بحجم التبادلات التجارية، في حين تتركز الاستثمارات الجزائرية بتركيا في مجال الطاقة، وهي قطاع جدّ حيوي للأتراك، ناهيك عن استثمار أنقرة 5 مليارات دولار بالجزائر دون مطالب سياسية.

وهذا ما عبّر عنه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون لمجلة "لوبوان" الفرنسية في تصريح له دلالات سياسية كبيرة، خاصة أن باريس منزعجة من الوجود التركي بالجزائر وأفريقيا، وبالخصوص شمالها القريب من حدودها، على حد قوله.

كما تشهد العلاقات الثقافية والعلمية تقدما كبيرًا، حيث أعلن البلدان فتح مركز ثقافي جزائري في تركيا وآخر تركي بالجزائر، علاوة على تدشين مراكز تعليم التركية بالجامعات الجزائرية، وتبادل الطلبة بين الجانبين، والتعاون في ميدان الأرشيف، خاصة فترة الدولة العثمانية.

وبخصوص العلاقات السياسية، فقد اعتبرها ربّوح في أزهى أيامها بين الجمهوريتين، بقدوم حزب العدالة والتنمية الحريص على عودة تركيا لعمقها العربي والإسلامي والأفريقي والآسيوي.

وعرفت العلاقات تعاونًا وثيقًا في الجوانب العسكرية والأمنية، حيث تنحو إلى مزيد من التنسيق، خاصة أنّ تركيا دخلت نادي السلاح الروسي باقتنائها منظومة "إس-400" لتجد نفسها مع الجزائر، مما يفتح المجال للتعاون أكثر في الاستفادة من الخبرة الجزائرية، على حد تعبيره.

أما عن مستقبل العلاقات المشتركة، فقد شدّد رئيس المجموعة البرلمانية للصداقة الجزائرية التركية أحمد صادوق على ضرورة اتجاه الجزائر إلى دول الشرق وتعميق الشراكة معها، وفق نظرية رابح رابح، دون خلفيات تاريخية أو استغلال، كما هو الشأن مع المعسكر الغربي خاصة فرنسا.

وأكد صادوق في تصريح للجزيرة نت أنّ العلاقات الاقتصادية بين الجزائر وتركيا ستشهد تقدما أكبر بعد تراجع مؤقت للوبي الفرنسي بالجزائر منذ حراك 22 فبراير/شباط 2019، معتبرا أنّ فرنسا تمثل "العدو المشترك" غير المعلن بالمنطقة لأسباب تاريخية.

من جهته، يتوقع ربّوح أن تشهد العلاقات الجزائريّة التركية المزيد من التعاون في ليبيا لتحقيق الاستقرار السياسي عبر بوابة الانتخابات نهاية السنة، مما يعزز جهود المصالحة ويعضد المؤسسات الليبية السيادية في بسط نفوذها على كامل الأراضي، ليتسنى بعد ذلك خروج القوات الأجنبية، ومن ثمّة تكريس الدورين التركي والجزائري بليبيا وعودة شركات البلدين.

وقال أيضا "كل استثمار تركي بالجزائر في ميادين الصناعة والفلاحة والخدمات وغيرها سيكون استثمارا في كل أفريقيا، خاصّة أنّها جار قريب لأكبر مجموعة إقليمية أفريقية (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس") وللعملاق الاقتصادي جمهورية نيجيريا ذات أكبر كثافة سكانية في القارة، وحليف الجزائر بالاتحاد الأفريقي".

كما أن التغلغل الإسرائيلي بأفريقيا في مواجهة الجزائر ودورها الإقليمي سيعمّق علاقاتها مع تركيا، حيث ليس من مصلحتها قدوم أي لاعب جديد في هذه الساحات.

ويعتقد -كذلك- ترشيح ملف شمال قبرص للتداول بين الجانبين بعد وصول العلاقات إلى مرحلة النضج الدبلوماسي.

وعاد صادوق ليقول إنّ تركيا أصبحت الآن من القوى الاقتصادية الصاعدة، حيث تمكنت من امتلاك التكنولوجيا المتقدمة، والجزائر بحاجة إلى انتقال تكنولوجي، وإنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة، مما يجعلها فرصة للبلدين، من خلال تجسيد اتفاقيات بهذا الاتجاه.

كل تلك الملفات وأخرى، من شأنها – بحسب رئيس المجموعة البرلمانية للصداقة الجزائرية التركية- أن توطد العلاقات بين البلدين إلى مستوى صناعة تحالف إستراتيجي، على المدى البعيد، يستحضر تاريخا طويلا من البطولات المشتركة في البحر الأبيض المتوسط.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!