ترك برس

أشارت شبكة الجزيرة القطرية إلى تدفق عدد كبير من المهاجرين الأفغان وبطريقة غير مسبوقة نحو تركيا في الفترة الأخيرة، وذكرت أن الجهات المعنية بهذا الموضوع دقت "ناقوس الخطر".

وقالت الجزيرة في تقرير لها إن أزمة اللاجئين الأفغان أصبحت أولوية للحكومة التركية بعد التطورات في بلادهم، إذ يقود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حراكا سياسيا دوليا واسعا بالتواصل مع العديد من الرؤساء لمعالجة هذه الأزمة في ظل استمرار تدفقهم نحو الأراضي التركية عبر الحدود الإيرانية.

وبحسب التقرير، دقت جهات تركية تهتم بالمهاجرين وأوضاعهم الإنسانية "ناقوس الخطر"، مشيرة إلى حالة تدفق غير مسبوقة للاجئين الأفغان إلى تركيا، في ظل تدهور الوضع الأمني في بلادهم، وسيطرة حركة طالبان على الحكم.

وأكد الرئيس أردوغان، في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أنه إذا لم تُتخذ الإجراءات اللازمة في أفغانستان وإيران، فلا مفر من موجة هجرة جديدة، مشددا على الجميع وخاصة الدول الأوروبية أن تتحمّل مسؤوليتها، وأن على المجتمع الدولي التكاتف بشأن قضية الهجرة غير النظامية القادمة من أفغانستان.

وفي اتصال هاتفي مع رئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشيمن، أكد الرئيس أردوغان أن بلاده لا يمكنها تحمل أعباء موجة جديدة من المهاجرين.

وكان الرئيس التركي قد بحث مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين المستجدات بأفغانستان، كما بحث مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تطورات أفغانستان وملف الهجرة، وقال إن من الضروري منع حدوث مأساة إنسانية في مواجهة هجرة الأفغان وتقديم المساعدة العاجلة لهم في بلدهم والدول المجاورة.

إلى جانب ذلك، بحث أردوغان في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس تداعيات التطورات الأخيرة في أفغانستان على ملف الهجرة والبلدين، مؤكدا ضرورة تعزيز التعاون في مجال الهجرة على أساس التفاهم والمصالح المتبادلة.

كما طلب من الاتحاد الأوروبي الالتزام بتعهداته تجاه تركيا في ما يتعلق باتفاقية "إعادة القبول" المتعلقة بالهجرة المبرمة بين الطرفين في 18 مارس/آذار 2016.

وفي السياق، ذكر الكاتب الصحفي التركي مليح ألتنوك أن تركيا تتحمل الجزء الأكبر من عبء اللاجئين في أزمة أفغانستان، وذلك يشكل ضغطا كبيرا على أنقرة التي تستضيف ملايين اللاجئين ويجعل حكومة الرئيس أردوغان تكافح في مواجهة العبء الاقتصادي والاجتماعي للاجئين من جهة، والخطاب الشعبوي وأفعال كتلة المعارضة التي تستخدم ورقة اللاجئين ضد الحكومة من جهة أخرى.

ونقلت الجزيرة عن ألتنوك قوله إن "على الاتحاد الأوروبي الذي لم يستطع أخذ زمام المبادرة بشأن قضية اللاجئين السوريين ألا يرتكب الخطأ نفسه في ما يتعلق باللاجئين الأفغان، بل يجب أن يتحرك على الفور لتجنب أزمة مماثلة لأزمة اللاجئين التي واجهها بين عامي 2014-2016".

وأضاف "كما يجب تشكيل منظومة عمل متكاملة تجمع الولايات المتحدة والأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، ووضع خطة عمل طارئة موضع التنفيذ في إطار رؤية بلد العبور الرئيسي، تركيا".

يدخل المهاجرون الأفغان إلى تركيا بعبور الحدود الشرقية مع إيران، قادمين من مناطق ماكو وأورميا الإيرانية، المعروفة بأنها مركز لتجمع اللاجئين غير القانونيين الذين يريدون الدخول إلى الأراضي التركية، يقطعون خلالها مسافة 10 أيام إلى 15 يوما، مشيا على الأقدام للوصول إلى الحدود التركية.

ويدخل اللاجئون الأفغان من ولايات اغدير ووان، وأغري التركية، وتحديدا من المناطق التي لم يُبن فيها الجدار الأمني بعد على الحدود التركية الإيرانية، ثم يبدؤون السير على الأقدام نحو ولاية أرزروم، وبعد ذلك تتولى شبكات التهريب نقل هؤلاء اللاجئين إلى مدينة إسطنبول بالحافلات الصغيرة والشاحنات، كلٌّ بحسب قدرته على الدفع.

وعلى الرغم من التشديد الأمني على الحدود الإيرانية التركية، وإنشاء مديرية خاصة لمكافحة تهريب البشر في منطقة أرزروم شرقي تركيا، فإن الحدود الإيرانية التركية ما زالت تشهد تدفقا كبيرا للاجئين الأفغان.

وحسب الفيديوهات المنتشرة بكثرة عبر موقع التواصل "تويتر"، فإنها تظهر عبور آلاف المهاجرين ضمن سلاسل بشرية.

وكانت وزارة الداخلية التركية أعلنت قرب إتمام أعمال البناء المتواصلة في الجدار الحدودي الذي يمتد على طول مئات الكيلومترات على الحدود مع إيران والعراق، ويتضمن جدارا إسمنتيا مرتفعا وأسلاكا شائكة وطريقا للمراقبة وكاميرات مراقبة متطورة وأبراج مراقبة ومخافر حدودية.

ومن جانب آخر، فقد أكد لاجئون أفغان أن قوات الأمن الإيرانية لم تمنعهم من عبور الحدود إلى تركيا، وقال اللاجئ الأفغاني سهيل خان إن قوات حرس الحدود الإيراني كانت قريبة من اللاجئين أثناء عبورهم الحدود بشكل غير قانوني نحو تركيا، ولم تمنعهم من ذلك.

وذكر رئيس مركز دراسات اللجوء والهجرة بأنقرة متين كوراباتير أن معظم الأفغان الذين وصلوا إلى تركيا عبر إيران في الأيام الماضية هم رجال تراوح أعمارهم بين 16 و25 عاما.

ويضيف أن الانسحاب الأميركي من أفغانستان أعطى زخما إضافيا للشباب الذين يحاولون السير عبر الطريق الجبلي، على الرغم من المخاطر وسيناريوهات الموت، ويتابع أنه "مع سيطرة طالبان في أفغانستان يبدو أن عدد اللاجئين الأفغان سيزداد ازديادا كبيرا".

وذكر صحفي ومصور يقيم في محافظة وان، في حسابه بموقع تويتر، أنه وثق آلاف حالات العبور غير الشرعي للاجئين الأفغان في الأيام الماضية إلى داخل الأراضي التركية.

في المقابل، تشير الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية التركية إلى أن عدد طالبي اللجوء الذين قبض عليهم لدى دخولهم إلى تركيا عبر محافظة وان وحدها في عام 2020 بلغ 500 ألف، توزعوا بين مهاجرين أفغان وباكستانيين وبنغاليين.

ولا توجد إحصائية رسمية من الحكومة التركية خاصة بتدفق اللاجئين من إيران، منذ مطلع العام الحالي.

من جهتها، تقول صحيفة حرييت إن متوسط ألف لاجئ أفغاني دخلوا الحدود التركية خلال الأيام الماضية بطرق مختلفة؛ كان أبرزها العبور سيرًا على الأقدام أو متكدسين داخل شاحنات تجارية كبيرة.

وفي المرتبة الثانية بعد اللاجئين السوريين هناك أكبر عدد من المهاجرين واللاجئين الأفغان في تركيا، إذ يتجاوز عددهم 500 ألف شخص، حسب إحصائيات رسمية.

وأوقفت وزارة الداخلية التركية -حسب بيان صادر عنها- مئات آلاف اللاجئين الأفغان بعد عبورهم الحدود على النحو الآتي: 174 ألفا عام 2016، و175 ألفا عام 2017، 268 ألفا عام 2018، 454 ألفا عام 2019، و122 ألفا عام 2020، في حين سجلت الأشهر الستة الأولى من العام الجاري توقيف 62 ألف لاجئ أفغاني.

وفي السابق كان المهاجرون الأفغان ينظرون إلى تركيا كبلد عبور إلى أوروبا أكثر من الاستقرار، لكن هذه الوجهة يبدو أنها قد تغيرت في الوقت الحالي، لا سيما في ظل الإجراءات المشددة التي تضعها اليونان لعبور أي مهاجر إلى الدول الأوروبية، سواء برا أو عبر البحر.

وتستضيف تركيا أكثر من 5 ملايين لاجئ من جنسيات مختلفة، منهم 3.6 ملايين سوري، ومئات الآلاف من اللاجئين الأفغان والعراقيين والمصريين ومن جنسيات عربية وأفريقية مختلفة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!