ترك برس
استعرض المؤرخ الموريشي (من جزر موريشيوس) أسعد بوغلا، في كتابه الجديد بعنوان "ملاحة الهند الأوائل في موريشيوس وغازي سبدار في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر"، تاريخ العلاقات بين الإمبراطورية العثمانية ومسلمي موريشيوس، والتي تعود جذورها إلى 156 عامًا.
وذكر بوغلا، في مقابلة مع وكالة الأناضول، أن علاقات وثيقة ربطت بين الدولة العثمانية والمسلمين في جمهورية موريشيوس، وهي دولة جزرية تقع في شرق إفريقيا في المحيط الهندي، وخاصة في عهد الإمام الموريشي ناصر الدين غازي سبدار (1790-1861) والسلطان العثماني عبد العزيز (1830 - 1876).
وقال بوغلا أن السلطان عبد العزيز، خليفة المسلمين الرابع بعد المئة والسلطان الثاني والثلاثين من آل عثمان، أرسل إلى الإمام ناصر الدين غازي سبدار في موريشيوس عام 1865، قفطان الإمامة ومصحفا، كما أن الدولة العثمانية منحت الإمام المذكور لقب الممثل الديني لموريشيوس، لتبدأ العلاقات الرسمية بين الجانبين منذ ذلك التاريخ.
وأشار الى أن الإمام سبدار كان أول ممثل للدولة العثمانية في موريشيوس، إضافة الى كونه ممثلًا دينيًا للمسلمين في الجزيرة وإمامًا لمسجد معسكر لاسكار، الذي بني عام 1805 والمعروف اليوم باسم المسجد الأقصى.
ولفت بوغلا إلى أن الإمام سبدار طلب من السلطان عبد العزيز أن يخلع عليه قفطان الإمامة، وأن السلطان استجاب له فأرسل عام 1865 الخلعة التي طلبها (القفطان) مع مصحف شريف، وكلفه أيضًا بتمثيل الدولة العثمانية في موريشيوس.
- مسلمو موريشيوس يجمعون التبرعات للدولة العثمانية زمن الحرب
وأوضح بوغلا أن المسلمين في موريشيوس مدوا يد العون والمساعدة للدولة العثمانية في 3 فترات مختلفة من التاريخ، وأنه قد استعرض في كتابه الجديد بعنوان "ملاحة الهند الأوائل في موريشيوس وغازي سبدار في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر"، تاريخ العلاقات بين الإمبراطورية العثمانية ومسلمي موريشيوس، والتي تعود جذورها إلى 156 عامًا.
وأضاف: "قدم مسلمو موريشيوس مساعدات عاجلة للدولة خلال الحرب العثمانية الروسية (1877-1878)، وبلغت 850 ليرة عثمانية أرسلها مسلمو موريشيوس إلى السفارة العثمانية في لندن. بينما ساعد مسلمو موريشيوس الإمبراطورية العثمانية مالياً أثناء بناء سكّة حديد الحجاز، وفي عام 1913 بعد حرب طرابلس مع إيطاليا".
وتابع: "جمع مسلمو موريشيوس في 28 ديسمبر/ كانون الأول 1913، المساعدات للنساء والأيتام المتضررين من الحرب العثمانية الإيطالية، وتم إرسال المبلغ المحصل إلى الهلال الأحمر التركي".
كما أوضح بوغلا أن أبو بكر أفندي، مبعوث الدولة العثمانية إلى جنوب إفريقيا، زار موريشيوس وموزمبيق، وبعث تقريرًا مفصلًا للأستانة (إسطنبول) حول حياة وأوضاع المسلمين في جزيرة مورشيوس.
وأفاد أنه بعد تعيين سبدار ممثلًا للدولة العثمانية في موريشيوس، أصبح من التقاليد رفع علم الدولة العثمانية في جميع المساجد، والدعاء أيام الجمعة على المنابر لسلاطين آل عثمان.
وأشار إلى أن الدولة العثمانية توجهت منذ القرن السادس عشر إلى المحيط الهندي حيث تقع موريشيوس لثلاثة أسباب.
وقال موضحا: "أولاً، أراد العثمانيون السيطرة على طريق التوابل الذي استولى عليه البرتغاليون مع فاسكو دي جاما عام 1498. ثانياً، كانوا يهدفون إلى إبعاد البرتغاليين عن البحر الأحمر ومنطقة جدّة في الحجاز لضمان حماية مكة والمدينة من أي غزو محتمل. وأخيرًا، أراد العثمانيون ضمان سلامة طريق الحج".
وأكد بوغلا أن الإمبراطورية العثمانية أثرت على مسلمي موريشيوس بالمعنى الثقافي، وقال: "تحول مسلمو موريشيوس لارتداء طرابيش حمراء على الطراز العثماني. لقد اعتاد والدي على ارتداء الطربوش العثماني بفخر لاسيما في المناسبات الخاصة، وأنا اليوم لا أزال أرتديه أيضًا في الإجازات".
- سكان موريشيوس ينظرون إلى أردوغان على أنه "بطل وقائد نموذجي"
ولفت بوغلا الى أن تركيا لديها سفارة فخرية في عاصمة موريشيوس، بورت لويس، وقد حصل 54 طالبًا من موريشيوس على منح دراسية في تركيا منذ عام 1992 في إطار برنامج المنح الدراسية التركية.
وحول التبادل التجاري بين البلدين، أشار بوغلا الى أن حجم التجارة الخارجية بين تركيا وموريشيوس بلغ 76.5 مليون دولار عام 2019، وأن هذا الرقم مرشح للارتفاع لاسيما مع تراجع جائحة كورونا.
وقال: "يذكر الكثير من أبناء موريشيوس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على أنه بطل وقائد نموذجي ملهم. تركيا دولة حديثة بتراثها التاريخي والثقافي الغني، ودولة غنية بإمكانياتها الاقتصادية والتجارية. لقد زرت تركيا عدة مرات وأعجبت أيما إعجاب بهذا البلد العريق".
بدوره، قال المحاضر التركي بجامعة كيب تاون للدراسات الإفريقية ومؤلف كتاب "الآثار العثمانية في جنوب إفريقيا"، حليم كنج أوغلو إن المؤرخين والباحثين من أمثال أسعد بوغلا يلعبون دورًا مهمًا للغاية في العلاقات بين تركيا وإفريقيا جنوب الصحراء.
وأضاف كنج أوغلو لمراسل الأناضول، هذه الشخصيات لا تميط اللثام فقط عن المعلومات التاريخية من خلال الدراسات ووثائق الأرشيف، بل تلعب أيضًا دورًا رئيسيًا في بناء علاقات وثيقة بين تركيا وبلدان أفريقيا.
وذكر كنج أوغلو أن الإمام سبدار كان حريصًا على إقامة علاقات وثيقة مع حكومة الدولة العثمانية في إسطنبول ودار الخلافة العثمانية.
وأكد أن جمهورية موريشيوس، البعيدة عن تركيا جغرافيًا والقريبة بشعبها وتاريخها، تعتبر منطقة مهمة لإجراء الدراسات التاريخية والسياسية.
وختم كنج أوغلو بالقول: "بدأ المؤرخون المحليون مؤخرًا بإظهار اهتمام خاص بتركيا، خصوصًا مع اكتشاف بعض المقابر العثمانية في مدينة لاسكار في المنطقة الشمالية من موريشيوس عام 2018. نعتقد أن البلدين باتا قاب قوسين أو أدنى من تعاون أكاديمي مهم في هذا المجال".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!