إبراهيم قاراغول - صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس                          

معركة التحرر الأخيرة

أخبار الإعدامات المدوية التي حصلت في مصر تُمثل لحظة فارقة في هذه المنطقة فهو التحول المفصلي الأبرز منذ أيام الحرب العلمية الأولى، فعملية الإنقلاب إحتاجت الكثير من الأسباب والظروف المواتية وأبرزها المُآمرات العالمية بعناصرها الإرهابية المختلفة النابعة من الفكر والمفكرين الإرهابيين الذين قاموا بتصمييم هذا الإنقلاب.

عانت تركيا من هذه العمليات الإجرامية في القرن الماضي واليوم يُصدّر العالم الظالم المُعانى والآلآم للمكلومين الباحثين عن شمس الحرية. فهذه الإنقلابات الإجرامية كانت وما يزال هدفها قمع الشعوب المشتاقة لنسائم الحرية وإبقائها تحت غطرسة وجبروت العسكر الخائن لأمانته.

كل الإنقلابيون هم قتلة مأجورون

لا يوجد صداقة في السياسة وإنما هي حسابات التاريخ، الهوية الثقافية، الدين والماضي النضالي الكفاحي لتلك الشعوب. فالأجندات السياسية هي المحرك لكل الأزمات في منطقتنا، فكل الأحزاب المقاتلة، والشعوب المُحتلة في آخر 20 سنة، والإقتتال الطائفي وغيرها من أعمال العنف هي لإنتاج الفوضى الخلّاقة.

فكل المُحتلين والإنقلابيين وكل شخص كان له يد من قريب أو من بعيد في هذه الأحداث الدموية هو بالتأكيد جندي على رقعة الشطرنج. فهم يعملون بكل كدّ وجدّ للقضاء على أحلام الحرية في مهدها وإعادة عجلات التاريخ لإيام الدكتاتوريين. ينشرون الآلام و المُعاناة وهم يقومون بأدوارهم السرية في مشروع المنطقة، هم بالتأكيد أحقر من القتلة المأجورين.

قميص الدين حاضر بقوة في تمثيل أدوارهم الخبيثة

هؤلاء الخونة بيّاعين الوطن يُتاجرون بالدين بكل وقاحة. في مقر المُخابرات يوجد هنالك أقسام خاصة لهندسة و تصمييم الخطط بغطاء ديني كامل. لتحقيق مُبتغياتهم الشخصية من قوة ومال ومناصب أو حتى أجندات الجماعات فهم يبيعون أنفسهم وأعراضهم للشيطان الرجيم.

من الدولة السلجوقية الى الخلافة العثمانية ومن الحرب العلمية الأولى الى الجمهورية التركية رأينا من مثل هذه الأشكال التي ما ذُكروا إلا بكل سوء وانتهوا إلى مزابل التاريخ. إلى يومنا هذا تستمر مثل هذه العقول المُنسلخة عن ذواتها والبائعة نفسها بأبخس الأثمان.

يُحاربون تاريخهم، شعبهم، دينهم و ثقافتهم بكل ما أوتوا من السلاح، الإعلام، الإمكانيات الحزبية، الفتنة، عمليات الفساد، التفكير والأفكار الإرهابية. لقد عانت هذه المنطقة ما يكفي من الآلام التي يُصدّرها هؤلاء المفسدين المُجرمين.

 الإستخبارات الإسرائيلية من وضعت قائمة المحكوم عليهم بالإعدام

إسرائيل وأوروبا مع أمريكا هم من خططوا للإنقلاب في مصر. قاموا بخربطة الأوراق من السودان إلى سوريا و من ثم قاموا بالقضاء على أول عملية ديمقراطية مُحترمة منذ الأزل في مصر وذلك بحتلاها عن طريق فريق عميل داخلها. هذا الإنقلاب فتح أبواب الجحيم على أهل المنطقة ويعمل على تغذية العنف في أرض الكنانة.

ظهرت معالم هذا الإحتلال عندما أصبحنا نرى وبكل وضوح دون محاولة منهم للإخفاء  والتستر على تحكم إسرائيل ومن خلفها بأدق تفاصيل السياسة المصرية الداخلية و الخارجية. هل يوجد إحتلال أوقح وأبغض من هذا؟؟؟

لقد كُتبت أسماء المُتهمين والمحكوم عليهم بالإعدام في تل أبيب والعواصم الأوروبية فهي من يتحكم بعقل الدولة المصرية. وأما من يُتابع الأخبار هناك فسيرى أن مِسمار النعش الأخير لهذه الديمقراطية هو ما يفّتعلونه من مشاكل في سيناء و يحاولون أن يقودوها إلى العنف مثل كل دول شمال إفريقيا فهم يستخدمون نفس الأدوات والسيناريو. ومنه فإن مراسم التشييع الإخير للديمقراطية في القاهرة بات قاب قوسين أو أدنى.

في مصر أُعطي الدور للسيسي، أما تُركيا فقد أُعطي لغولن

اللافت للنظر أن معالم الإنقلاب في مصر مع محمد مرسي وأصدقائه ومحاولة الإنقلاب في تركيا بتاريخ 17 سبتمبر مُطابقة الى حد كبير، نفس اللغة، نفس السيناريو ونفس المُحاكاة. فمن وكّل السيسي بدوره في مصر هو نفسه من وكّله للذين حاولوا الانقلاب في تركيا (التنظيم الموازي). فقد رأينا الفرحة في أوجه البعض عند إعلان أسماء المحكوم عليهم بالإعدام.

أرادوا أن ينقلبوا على حزب العدالة و التنمية والقضاء عليه وإستئصاله وعلى كل من سانده كما فعلوا مع الإخوان المُسلمين فكل خُططهم كانت بأن يملأوا السجون ويعيثوا في الأرض حربا و تقتيل، حتي أن أحكام الإعدام ستكون حاضرة. ستقام المحاكم في أنقرة كما قامت في القاهرة، ويصفّون الناس طوابير لتسليمهم أحكام الإعدام. فكل أدوار المسرحية رُتبت وحُضّر السينارو مع كل التفاصيل لما سيحدث أثناء وبعد الإنقلاب فكل القرارات مكتوبة واللوائح جاهزة. فكما أُعطي الدور للسيسي في مصر فقد أُعطي لجماعة فتح الله غولن في تُركيا. فهنا أيضا كانت الإستخبارات الإسرائيلية هي من تُدير اللعبة من خلف الكواليس. فقد حضرت قوائم الأسماء التي ستُملئ بها السُجون، وقوائم الإغتيال، وقوائم الإعدام. فقد أرادوا تُركيا الجديدة بخطة و تصميم إسرائيل مع أمريكا وبتنفيذ التنظيم المُوازي.

إذا نجحت تُركيا ستنجح المنطقة.....

كانت لتكون تركيا ذلك الرجل المُتهالك و المُترنّح  الذي لا يهتدي الى سبيل، المنبطح المتذلل على ركبتيه، الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة قبل أن يُجهزْ عليه الغادرون. نعم هذا ما أرادوا لتركيا، لكن كانت كلمة وإردة تركيا مختلفة فلقد إجتازت بعون الله وحفظه أعقد المحن وأخطرها.

لأن تركيا الأمل في مستقبل مُشرق وواعد لكل المنطقة  فهي الصخرة التي تكسرت عليها خُططهم و أحلامهم وبقيت عصية. لقد شمّت تركيا رائحة الغدر والخيانة فستعدّت و تحضّرت ثم واجهت وناضلت فصبرت ثم إنتصرت لأن أحلامها وأمالها أكبر من خُططهم و مخططاتهم الحقيرة.

بالتأكيد نحن نخوض حرب الأستقلال الأخيرة.....

ستُقاوم و تُناضل و لن تنثني أو تضعف لأنها تركيا. هؤلاء الأنقلابيون لن ينتصروا وستكون الكلمة الأخيرة لتركيا التي ستقاتل بكل ما أوتيت من قوة وعُنفوان حتى تُنقظ شقيقتها المكلومة مصر الأبيّة من وحل الإجرام والعمالة.

 في يوم أمس رأينا صورة عن هذا التعاضد بين الأُخوة في ساحات "مالتبي" حيث قام حزب العدالة و التنمية بعمل وقفة تضامنية مع أُخوة الدم و الدين . وهذا لا يعكس فقط حزب العدالة و التنمية وإنما الوضع العام في تركيا فالأتراك هم أصحاب مشروع أمل المستقبل. فتركيا وبعد مئة عام ستبقى حاملة الأمل لكل المظلومين على هذه المعمورة فمن تركيا سينطلق نور الحق و العدل و الحرية ليمد يد العون و المحبة لكل مغدور ومكلوم من المشرق الى المغرب. لهذا كانت وما زالت معركتنا معركة الإستقلال والتحرر الأخير.

عن الكاتب

إبراهيم قاراغول

كاتب تركي - رئيس تحرير صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس