سامي كوهين – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

لا أحد يمكنه أن يدّعي بأن القضاء المصري الذي أصدر حكم الإعدام بحقّ الرّئيس المعزول محمد مرسي وعدد من زملائه، يتمتّع بالاستقلالية في اتخاذ قرارته، ولا يمكن لأحد أن يقول بأنّ الجهاز القضائي أصدر هذه الأحكام لأنّه رأى ذلك مناسباً.

كذلك لا يمكن لأحد أن يقول بأنّ الاستنكار والاستهجان الخارجي حيال هذه القرارات، يعتبر تدخّلاً بشؤون مصر الدّاخلية. فالحقيقة واضحة وهي أنّ المحكمة المصرية التي حكمت على مرسي و106 من أعوانه بحكم الإعدام اتخذت هذا القرار نتيجة ضغوطات من القيادة السياسية الحاكمة في هذا البلد ولأسباب سياسية بحتة.

إنّ قرار المحكمة حيال تبرئة الدّيكتاتور محمد حسني مبارك الذي تمّ إطاحته عام 2011، وما أعقبه من إنزال حكم الإعدام بحقّ أول رئيس منتخب منقِبل الشّعب المصري، يوضّح بما لا يدع مجالاً للشّك، الوضع المأساوي الذي وقع به القضاء المصري في الآونة الأخيرة.

منذ أول يوم من استلامه للسلطة عن طريق الانقلاب العسكري قبل سنتين، كان واضحاً بأنّ عبد الفتاح السيسي يسعى إلى إبعاد المحافظين عن السّلطة في البلاد وإقامة نظام جديد. ولهذا فقد كان الهدف الرّئيسي لهذا الرّجل هو الحفاظ على نظام حكمه. أمّا تطبيق الدّيمقراطية وحيادية النّظام القضائي في البلاد، فكانت في المراتب الأخيرة بالنسبة للسيسي. وإذا ما نظرنا إلى مؤسّسات الدّولة المصرية، نجد أنّ معظمها تعمل الآن على هذا المبدأ.

لكن بالمقابل، علينا ألّا ننسى أنّ نظام المرسي أيضاً تحرّك وفق منهج معيّن، لكنّ الفرق بينهما هو أنّ المرسي اعتلى منصب رئاسة الجمهورية عن طريق انتخابات حرّة ونزيهة وتسلّم السّلطة بعد أن أيّده 52 بالمئة من الشّعب المصري.

وإنّ وصول المرسي إلى السّلطة عن طريق الانتخابات الحرة والنّزيهة، بعث في نفوس الكثيرين الأمل في أن تعمّ الحرية والدّيمقراطية أرجاء هذا البلد. فالجموع المختلطة التي اجتمعت في ميدان التحرير سواء من المحافظين والعلمانيّين كان يبشّر بقيادةٍ مشتركة بين كافّة الأطياف والأيديولوجيّات المصرية. لكن وللأسف فإنّ هذا الحلم لم يدم طويلاً.

الأصوات الصّادرة من تركيا:

علينا ألّا نلقي اللوم الأكبر للدّول الأوروبية بشأن التزامهم الصّمت حيال ما يجري في مصر. صحيح أنّ الولايات المتحدة الأمريكية ندّدت بشكل بسيط وصحيح أنّ دول القارة الأوروبية كتمت صوتها تجاه ما يحصل في مصر. لكن بالمقابل هناك دول عظمى مثل روسيا والصّين، لم ترفع صوتها تجاه ما يحصل في مصر من انتهاكات لحقوق الإنسان، وكذلك دول إقليمية غضّت الطّرف عمّا يجري في هذه الدّولة مثل إيران. والأهم من كلّ هذا، علينا ألّا ننسى صمت المملكة العربية السعودية والدّول الخليجية أيضاً. وفي هذا الصّدد لا بدّ لنا من الإشارة إلى الأصوات المندّدة التي صدرت من القيادة التركية، فهذه القيادة هي الوحيدة بين دول العالم قامت بالتّنديد العلني والصّريح لما يجري في مصر وطالبت المجتمع الدّولي بالتّحرك لوقف هذه الإجراءات التعسفية.

ومن خلال العلاقات التي تربط القيادة المصرية الحالية بالولايات المتحدة الأمريكية ودول القارة الأوروبية والمملكة العربية السعودية، نستنتج أنّ الجميع هذه الدّول باتت تعترف بشرعية السيسي في الحكم. وأعتقد أنّ هذه الدّول تأمل في ألّا يتمادى السيسي بإجراءاته التّعسفية أكثر، حيث من المتوقّع أن تستعمل هذه الدّول نفوذها من أجل منع تطبيق حكم الإعدام بحق المرسي وزملائه.

ومن المتوقّع أن تقوم الدّبلوماسية التركية بالتّحرّك في هذا الصّدد في حال لم تقطع القيادة التركية جميع خطوط الاتصال مع إدارة السيسي.  

عن الكاتب

سامي كوهين

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس