ترك برس

دعا العراق، مؤخراً، إلى إبرام تكتل اقتصادي يضم معه كلا من تركيا وإيران، الدول الجارة لبعضها.

هذه الدعوة التي أتت على لسان المتحدث باسم وزارة التجارة العراقية محمد حنون، خلال انعقاد منتدى الأعمال العراقي التركي للاستثمار والمقاولات الذي شهدته مدينة إسطنبول في 19 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، لاقت صدى واسعاً لدى المعنيين بالشأن الاقتصادي في المنطقة، وخاصة في البلدان الثلاث، لا سيما وأن طريق تحقيقها محفوفة بالعديد من العوائق والتحديات، فضلاً عن الفرص.

وبحسب تقرير لـ "الجزيرة نت" فإن هناك عوامل كثيرة تسهل قيام هذا التكتل، مثل الوحدة الجغرافية بين الدول الثلاث، ووجود طرق برية، وتعاملات تجارية واقتصادية قائمة بالفعل، وروابط ثقافية وحضارية ممتدة عبر الزمن.

كما أن هناك عوائق ليست سهلة، منها حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني في العراق، ومشكلات تركيا وإيران مع الأكراد في العراق.

وفي الطرف الآخر، تعاني إيران من عقوبات اقتصادية دولية وإن كانت في طريقها إلى الزوال، ومع ذلك فإن لديها تعاملات اقتصادية وتجارية وثقافية وحضارية أيضا مع كل من تركيا والعراق.

ونلقي الضوء عبر السطور الآتية على المقومات التجارية والاقتصادية للدول الثلاث، وكذلك إمكانية النجاح، والتحديات التي يمكن أن توجه التجربة، وذلك من خلال طرح عدة أسئلة والإجابة عنها

المقومات التجارية والاقتصادية لدول التكتل المحتمل

تبين الأرقام الخاصة بقاعدة بيانات البنك الدولي أن الناتج المحلي للدول الثلاث في عام 2020 بلغ ما يزيد على تريليون دولار، وتأتي تركيا في المرتبة الأولى بنحو 720 مليار دولار، ثم إيران بنحو 191 مليار دولار، ثم العراق بـ167 مليار دولار، مع الأخذ في الاعتبار أن انخفاض الناتج المحلي الإيراني يأتي بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، فقد كان ناتجها قبل العقوبات في عام 2017 نحو 445 مليار دولار، كما أثر انخفاض قيمة الليرة التركية على قيمة الناتج المحلي لتركيا المقوم بالدولار.

وعلى صعيد عدد السكان وفق بيانات عام 2020، يصل عدد السكان في الدول الثلاث نحو 208 ملايين نسمة، وتأتي تركيا في المرتبة الأولى التي يبلغ عدد سكانها 84.3 مليون نسمة، ثم إيران ويبلغ عدد سكانها 83.9 مليون نسمة، أما العراق فقد بلغ عدد سكانه 40.2 مليون نسمة.

أما من حيث مساحة الأراضي فقد بلغ مجموع مساحة أراضي الدول الثلاث 2.8 مليون كيلومتر مربع، تأتي إيران في المقدمة بمساحة 1.6 مليون كيلومتر مربع، لتبلغ مساحتها أزيد من مجموعة مساحتي تركيا والعراق، فتركيا تبلغ مساحتها 769 ألف كيلو مترمربع، ثم العراق بمساحة 434 مليون كيلومتر مربع.

ويعد العراق وإيران من الدول المصدرة للنفط، وهما عضوان في منظمة الأوبك، ولديهما إنتاج واحتياطي من النفط والغاز الطبيعي، مما يجعلهما إضافة إلى أي تكتل اقتصادي، بل قد يكونان ورقة ضغط في إدارة بعض الملفات التي يديرها التكتل، ويعتبران أيضا مصدرين مهمين للنفط والغاز الطبيعي لتركيا.

وفي الوقت نفسه، تمثل تركيا مصدرا مهما للمياه، حيث تعتبر دولة منبع لأنهار تجري في العراق وإيران، وبلا شك فإن الإنتاج الزراعي والغذائي في تركيا يعد مصدرا مهما لكل من العراق وإيران، كما تعد تركيا ذات مكون صناعي مهم، وفي طريقها لإنتاج التكنولوجيا في مجالات مختلفة.

أما بشأن حجم التبادل التجاري بين الدول الثلاث فتبين الإحصاءات أن التبادل التجاري بين إيران وتركيا في مارس/آذار 2021 على أساس سنوي بلغ 6.8 مليارات دولار، وأن ذلك انعكس في شكل فائض لصالح تركيا بما يصل إلى ملياري دولار، ولكن هذه البيانات تعكس تأثير العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، حيث تراجع التبادل التجاري بينهما، فالطبيعي أن صادرات الغاز والنفط الإيرانية إلى تركيا كانت تصل إلى نحو 9 مليارات دولار قبل العقوبات.

أما عن قيمة التبادل التجاري بين تركيا والعراق فقد بلغت في 2020 نحو 17.3 مليار دولار، وذلك حسب أرقام معهد الإحصاء التركي، وسجل التبادل التجاري بين البلدين فائضا تجاريا لصالح تركيا بلغ 941 مليون دولار، إلا أنه مع تحسن أسعار النفط في النصف الثاني من عام 2021 قد تفضي التبادلات التجارية في نهاية العام بفائض لصالح العراق.

أما عن التبادل التجاري بين إيران والعراق فقد بلغ في مارس/آذار 2020 على أساس سنوي 13 مليار دولار، وبما يحقق فائضا لصالح إيران بنحو 5 مليارات دولار.

يذكر أن إيران تعد المصدر الوحيد لتصدير الكهرباء للعراق، ويتم بينهما تعامل يتم استثناؤه في هذا المجال من العقوبات المفروضة على طهران.

التحديات التي يمكن أن تواجه قيام هذا التكتل

لا يمكن أن نغفل الجانبين السياسي والأمني السائدين في المنطقة كذلك لدى دول التكتل كونهما يمثلان تحديا لقيام هذا التكتل، فمن ناحية تعمل كل من إيران وتركيا منذ سنوات على مشروعين إقليميين، وهو ما يتطلب مراعاة مصالح المشروعين وإزالة ما بينهما من تعارض، وهو أمر صعب تحقيقه في الأجلين المتوسط والطويل.

كما أن حالة الاستقرار السياسي والأمني في العراق على ما يبدو أنها عصية في الأجل القصير، وهو ما يؤدي إلى غياب الالتزام من قبل الحكومة العراقية للوفاء بالتزاماتها، كما أن المشكلات التي تثار من قبل أكراد العراق تجاه كل من تركيا وإيران ستؤدي إلى النظر مليا في الالتزام بأي اتفاقيات تجارية واقتصادية قد تسبب خسائر للأطراف المختلفة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!