دينيز باران - الجزيرة نت

كما ذكرت في مقالتي السابقة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تم تداول العديد من الأخبار والشائعات على وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأشهر الأخيرة، أثارت مخاوف العديد من المستثمرين العقاريين العرب في تركيا، لا سيما المستثمرين من أصول سورية. كانت هذه الأخبار والشائعات على النحو التالي:

-إجراء جديد وأمر إداري بخصوص المستثمرين العقاريين السوريي الأصل.

-مشكلة حديثة وشائعة حول تقارير التقييم العقاري التي تظهر أسعارا أقل بكثير من أسعار السوق العادلة.

-مقطع فيديو لأحد السياسيين يزعم أنه سيتم سحب جنسية المستثمرين العرب إذا تغيرت الحكومة في تركيا عام 2023.

في مقالتي السابقة أيضا تناولت الموضوع الأول، واحتفظت بالموضوعات الأخرى للمقالات التالية. ومع ذلك، نظرًا لوجود بعض التطورات المهمة حول المستثمرين العقاريين السوريين، فأنا بحاجة إلى الكتابة حول الموضوع ذاته في هذا الشهر أيضًا. وفي نهاية هذا المقال، سأتطرق إلى الموضوع المذكور في المادة 2 (المشكلة المتعلقة بتقارير التقييم العقاري) لأنه لا يحتاج فعليا للمساحة الكبيرة التي منحت له. لذلك سيكون لدينا عنوانان رئيسيان في هذه المقالة:

أولا: آخر المستجدات بخصوص المستثمرين العقاريين من أصل سوري في تركيا.

ثانيا: آخر المستجدات المتعلقة بتقارير تثمين العقارات في تركيا.

ماذا بعد بالنسبة للمستثمرين العقاريين من أصل سوري في تركيا؟

دعونا نتذكر أولا بعض المعلومات الأساسية: كما هو معروف ومذكور في بعض مقالاتي السابقة لموقع الجزيرة نت، لا يمكن للسوريين قانونًا امتلاك عقارات في تركيا. وهذا هو السبب في تقدم المستثمرين السوريين للحصول على الجنسية التركية من خلال:

-أنواع مختلفة من الاستثمارات غير الاستثمار العقاري (مثل إيداع 500 ألف دولار أميركي في أحد البنوك التركية).

-استخدام أي جواز سفر آخر لشراء عقارات في تركيا، إن كانت بحوزتهم، وغالبيتها جوازات دول من أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي.

مع ذلك، فقد بات هؤلاء المستثمرون الذين هم سوريون في الأصل ولكن يستخدمون جواز سفر آخر للتقدم للحصول على الجنسية التركية من خلال الاستثمار العقاري، مضطرين منذ نحو شهرين إلى التوقيع على وثيقة رسمية تنص على أنهم "على دراية بمخاطر أن تتم مصادرة عقاراتهم من قبل السلطات التركية إذا تم اكتشاف أصولهم السورية". لا شك في أن هذا الإجراء الجديد تسبب في ارتباك كبير.

بعد فترة وجيزة من إقرار هذا الإجراء، تم نشر صور أمر إداري جديد تم تسليمه لمكتب تسجيل سند الملكية على مواقع التواصل الاجتماعي باعتباره مصدرا لهذا الإجراء الجديد. كانت وثيقة حقيقية وأصلية تتحدث عن مصادرة ممتلكات المستثمرين السوريين من أصول أجنبية في تركيا. وهذا هو السبب في أن حيرة المستثمرين من أصول سورية تحولت فجأة إلى ذعر وخوف كبيرين. لم يكن خوفًا غير مبرر، وكان محتوى الوثيقة غامضا للغاية.

كما ذكرت في مقالتي السابقة، وصلنا إلى كبار المسؤولين، وتحدينا هذا الأمر الإداري الجديد الذي يمكن أن يؤدي إلى بعض التبعات القانونية غير الدستورية. حق الملكية هو حق مقدس وفقا للدستور التركي، كما أن مصادرة محتملة لممتلكات المواطنين الأتراك من أصل سوري قد تتعارض أيضًا مع المبدأ القانوني الرئيسي لقوانين الجنسية التركية التي تعتبر المواطنين المجنسين مساوين لباقي المواطنين من حيث التمتع بالحقوق. لحسن الحظ، أخذت مديرية تسجيل سند الملكية، وهي المؤسسة العامة المسؤولة عن جميع مبيعات العقارات في تركيا، مخاوفنا على محمل الجد، وبذلت بعض المحاولات المهمة لتوضيح هذا الوضع المقلق.

وفي ظل محاولات مديرية تسجيل سند الملكية وقف الخوف المتزايد وتأثيره المدمر المحتمل على سوق العقارات، أصبح من الواضح أن مثل هذا الأمر لن يشمل الأشخاص من أصول سورية ممن اشتروا عقارات في تركيا بجواز سفر آخر. لقد أعطى كبار المسؤولين هذا الوعد لنا، وقد نقلت هذه الرسالة إلى قرائي في مقالي السابق. ومع ذلك، فقد انتقدت أيضا أن هذا الوعد لم يتم النص عليه في أي لائحة قانونية ملزمة جديدة من شأنها أن تبطل الأمر السابق. هذا هو السبب في إصرارنا على طلبنا لمديرية مكتب تسجيل سند الملكية نشر مثل هذا الأمر الجديد الذي يوضح جميع جوانب وتفاصيل الوضع القانوني للمستثمرين الأجانب من أصول سورية والذين يحملون جنسيات متعددة.

أخيرًا تم يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري نشر هذا الأمر من قبل مديرية مكتب تسجيل سند الملكية، وفق ما يلي:

-إذا كان شخص سوري الأصل قد حصل بالفعل على الجنسية التركية، فلن يتم أخذ الجنسية السورية في الاعتبار في أي صفقة عقارية، وستستند السلطات التركية فقط على الجنسية التركية. وبالتالي لن يكون هناك أي قيد أو خطر من مصادرة حقوق ملكية العقارات لذلك الشخص. هذا بالتأكيد قرار صائب من قبل السلطات التركية، وأي مصادرة لعقارات هؤلاء الأشخاص ستكون غير دستورية تماما.

-ومع ذلك، اعتبارًا من 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، لا يُسمح للمستثمرين الأجانب من أصول سورية ممن يحملون جنسية دولة أخرى (ليست تركيا) غير الجنسية السورية بشراء عقارات في تركيا بالاعتماد على جنسيتهم الثانية.

-لن يؤثر هذا النظام الجديد على وضع العقارات المشتراة أصلا من قبل المستثمرين الأجانب السوريي الأصل، ولا يزال يُسمح لهؤلاء المستثمرين بالمضي قدما في الحصول على الجنسية من خلال إجراءات الاستثمار باستخدام استثماراتهم السابقة. لذلك يمكنهم الحصول على الجنسية التركية من خلال طرق أخرى للاستثمار مثل إيداع 500 ألف دولار أميركي في أحد البنوك التركية.

-تكشف السلطات العمومية عن الأصل السوري لمقدم الطلب من خلال الوثائق المقدمة مثل شهادة الميلاد. إذا كان بإمكان مقدم الطلب تقديم مثل هذه المستندات من جنسيته الثانية، فلا يزال الخطر قائما، لأنه إذا كان مكان الميلاد المكتوب على جواز السفر مدينة سورية، فإن السلطات التركية ستفترض آنذاك أن مقدم الطلب يحمل الجنسية السورية وستستفسر منه عن أي دليل يثبت أنه لا يحمل هذه الجنسية. لم يُذكر بوضوح نوع المستندات التي يمكن اعتبارها دليلاً في هذا الإطار، ولكن يمكن أن تكون على سبيل المثال شهادات ميلاد والدي مقدم الطلب تظهر أنهما لم يولدا أيضا في سوريا.

-إذا كان لدى إدارة مكتب تسجيل سند الملكية أي شك حول ما إذا كان المستثمر العقاري الأجنبي يحمل الجنسية السورية ولكنه لم يصرح بذلك أثناء تقديم المستندات المطلوبة لبيع عقار، فيمكنها حينئذ اتخاذ قرار بتعليق البيع لإجراء مزيد من البحث حول المستثمر الأجنبي.

هل تم حل "مشكلة تقرير التقييم"؟

لنتذكر أولا ماذا كانت المشكلة: بينما يشتري المستثمرون الأجانب عقارات في تركيا فمن الإلزامي تقديم تقرير تقييم عقاري لا يمكن إعداده إلا من قبل شركات التقييم الخاصة المرخصة. هذا إجراء وقائي لصالح المستثمرين الأجانب. يتم تقديم تقارير التقييم هذه أيضا لغرض الحصول على الجنسية من خلال طلبات الاستثمار العقاري من أجل التأكيد من قبل السلطات التركية على أن الاستثمار المعني هو استثمار كافٍ حقا بقيمة 250 ألف دولار أميركي أو أكثر.

حتى الشهر الماضي كانت للمستثمرين الأجانب حرية اختيار أي شركة تقييم يرغبون فيها والحصول على تقرير من تلك الشركة. لكن بهدف منع بعض التلاعبات من قبل شركات خاصة لاحظتها السلطات العامة، قررت مديرية مكتب تسجيل سند الملكية جعل نظام تقرير التقييم مركزيا، ومنعت الاتصال المباشر بين المستثمرين الأجانب وتلك الشركات من خلال إنشاء آلية جديدة عبر الإنترنت تقضي بقبول تقديم تقارير التقييم من خلال موقع إلكتروني رسمي، ثم تعيين شركات التقييم تلقائيا لتقديم الطلبات.

كان ينبغي لهذه الآلية في الواقع أن تمهد الطريق لنظام أكثر لياقة، لكن لم تستطع أن تعمل بشكل جيد، وبطريقة ما بدأت تقارير التقييم في إظهار أسعار أقل بشكل كبير من أسعار السوق العادلة، مما وضع العديد من المستثمرين في موقف صعب.

وبناءً على رد الفعل السريع من جانبنا ومن قبل العديد من الجهات الفاعلة الأخرى في السوق على هذا الوضع الصعب، اتخذت إدارة مكتب تسجيل سند الملكية إجراء فوريا لحل هذه المشكلة: حثوا جميع شركات التقييم وأصدروا لائحة جديدة لإعادة تنظيم معايير التقييم الخاصة بهم. قررت إدارة مكتب تسجيل سند الملكية أيضا تحديث الآلية المعتمدة عبر الإنترنت وتمنح الآن المستثمرين الأجانب خيار اختيار شركة التقييم الخاصة بهم على النحو الذي يرونه مناسبا، في حين لا يزال يتعين عليهم تقديم طلباتهم من خلال الموقع الرسمي حيث يمكن تتبع جميع الخطوات من قبل مديرية تسجيل صك الملكية.

عن الكاتب

دينيز باران

محام تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس