ترك برس

نشأ مواليد الألفية، الذين اصطُلح عليهم باسم "الجيل زد" وتتراوح أعمارهم بين 4 أعوام و24 عاما، على الإعلام الجديد، وقد وجدت دراسة مؤخرًا أن أبناء هذا الجيل يفقدون اهتمامهم بالأشياء وتعلقهم بها بشكل أسرع بكثير من الأجيال السابقة، لدرجة أنهم يتأثرون بها لمدة 8 ثوانٍ فقط.

كانت مدة التأثر والإعجاب في الأشياء بالماضي تستغرق حوالي 30 ثانية، ولذلك كان لدى منتجي الإعلانات مثلًا مدة 30 ثانية للوصول الى المستهلكين من الجيلين السابقين (أكس وواي)، أما الآن فقد تضاءل الوقت إلى أقل من 10 ثوانٍ.

وبمرور الوقت وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، لم يبق لدى العلامات التجارية سوى مدة قصيرة للتسويق لمنتجاتها وبيعها بعد إقناع المشتري بشرائها، لتزيد بالتالي صعوبة مهمة العلامات التجارية في هذا الصدد.

مع كل ذلك، يتساءل الجميع عن سبب قصر مدة التركيز لدى الجيل زد.

يجيب على هذا السؤال مدير مركز الإحصاء في جامعة إسطنبول الدكتور هالوك ذو الفقار قائلا: "السبب واضح جدا، لقد تعرض هذا الجيل للكثير من الاتصالات المرئية، التي أنشئ الكثير منها باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والوسائط الرقمية على نطاق واسع جدًا. يستحضر الأطفال الصور المعروضة الموجهة إليهم بشكل مباشر، مما يؤدي لتقصير مدة تركيزهم بشكل واضح، ليصل متوسط تركيزهم إلى مدة تقل عن 10 ثوان، وقد تكون في الواقع حوالي 6 ثوان أو 7 ثوان فقط".

وقد تحول نظام قنوات الإنترنت بأكمله في الأعوام الأخيرة إلى منظومة للتسوق تعتمد على عملية المشاهدة، لذلك توضع الصور في الخلفية حتى في حال استخدام الصوت لوحده. ولكن هل سينتهي الطلب المتزايد على المرئيات في العالم الرقمي؟

أجاب ذو الفقار قائلا: "تحولت جميع الأجزاء المصممة للتسوق إلى رقمية، من المعروف أن كل ما هو رقمي يعتمد على الصور، التي يتوجب إعدادها ونشرها بسرعة، كما يمكن دمج عدة صور ومؤثرات، ومن الممكن إنشاء صور ولوحات أصلية عبر الآليات الرقمية مشابهة لأعمال فان كوخ وغيره من الفنانين".

أعرب ذو الفقار، عن وقوع  99,7% من أبناء الجيل زد تحت تأثير وسائل الاتصالات المتنقلة، وأنهم يخصصون لها وقتا يصل إلى 11 ساعة يوميا وفقا للدراسات، بمعنى آخر يتعرض هذا الجيل لهجوم بصري طوال الوقت باستثناء وقت النوم، وبالتالي تختلف مفاهيم العوز والحاجة لديه عن الأجيال السابقة له. وعلى سبيل المثال، يُعد الهاتف المحمول بالنسبة للجيل زد حاجة وليس رغبة.

تطرق هالوك ذو الفقار إلى كيفية تلبية هذا الجيل لاحتياجاته قائلا: "لا يوجد شيء يقال عنه الهاتف الخلوي لدى هذا الجيل، فهو منتج من المعدات اللازمة للحياة المتنقلة التي يمكن أن ينفقوا مبلغ 10 آلاف ليرة ثمنا لأحدها... وبالنظر إلى أنماط استهلاك الأجيال الأكبر سنا، توجد لدى أبناء هذا الجيل رغبات وليس احتياجات... وهم مستعدون للمكافحة بجدية للحصول على كل ما يرونه حاجة. لكنهم قابلون للإقناع بسلبيات شرائه بعض الأشياء أو بعدم الرغبة بها في حال كانت لديهم رغبة مسبقة بشرائها".

تتنافس العلامات التجارية منافسة جادة من منطلق وجود اختلاف حقيقي في الرغبات والحاجات لدى الجيل زد عن الجيلين "إكس" و"واي"، وفي الواقع من المتوقع أن يشكل "الجيل زد" مستقبل التسوق، كما يمكن في المستقبل أن تنتهي هيمنة العلامات التجارية.

أشار ذو الفقار إلى أن "هيمنة العلامات التجارية ستتراجع مع إاستمرار هذه الأجيال التي يقول أبناؤها: (هذا حقي وهذه حاجتي التي سألبيها)، ولا يهمهم من سيلبي لهم هذه الحاجة ولا ما هي قيمة علامتها التجارية، والمهم بالنسبة لهم قدرتها وميزتها التي تلبي حاجتهم، ولا يهم أن تكون علامة تجارية مشهورة... يمكنني القول بكل ثقة إن انتقالنا لهذه الفترة سيكون في غضون أعوام قليلة".

كما نوّه إلى الاختلافات بين الأجيال قائلا: "ازداد اتساع فجوة الاختلافات بين الأجيال مؤخرًا، ويبدو أن "الجيل ألفا" الذي يأتي بعد "الجيل زد" سيشكل المستقبل من خلال تفضيلاته المختلفة. وفي الوقت الذي يتم فيه توجيه الجيل زد بصريا، من المتوقع إضافة الرائحة واللمس أيضا إلى متطلبات الحياة المتنقلة لدى الجيل ألفا. وبعبارة أخرى، سيأتي جيل جديد في عالم الأجهزة المحمولة يرغب في الرؤية والشم والإحساس من خلال جهازه المحمول".

يطلق الباحثون الاجتماعيون إسم "الجيل ألفا" على مواليد عام 2010، ولغاية مواليد 2025.

وأضاف ذو الفقار: "تعد ميزة الرائحة واللمس المماثل والمنبهات المماثلة نادرة جدا في الوقت الحالي، للكن جيل ألفا القادم سيحظى بتجربة اللمس والرائحة إلى جانب الميزات الموجودة حاليًا. وأود أن أشير إلى أنه يجري العمل على إعدادات متعلقة بالهاتف المحمول تعمل على نقل الشعور اللمس".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!