ترك برس

تواصل وسائل الإعلام التركية وبعض الصحف العالمية، الحديث عن النموذج المالي الجديد الذي كشفه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، والذي صعد بالليرة التركية لقرابة 50 بالمئة أمام الدولار. وفي هذا الإطار، ينصب الاهتمام والتركيز مؤخراً، على شخصية هي التي أشارت على أردوغان بهذه الخطة. هذا الشخص هو جميل إرتيم، الأكاديمي والاقتصادي وكبير مستشاري الرئيس التركي.

وُلد إرتيم في مدينة دوزجه على ساحل البحر الأسود (شمالي تركيا)، ودرس العلوم المالية والإدارية في جامعة إيجة بمدينة إزمير (غربي تركيا) قبل أن يُكمل دراسة الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد في جامعة إسطنبول التي عمل بها محاضرا في كلية الاقتصاد.

ويُعدّ إرتيم من أبرز كتّاب المقالات الاقتصادية في العديد من الصحف التركية والمجلات العالمية المتخصصة، أبرزها صحف "أكشام" و"ستار" و"نقطة" و"طرف" و"بيرغون" و"فوربيس". وعمل أيضا محررا للاقتصاد في نشرات الأخبار الرئيسة في تلفزيون "إيه تي في" كما حصل على جائزة أفضل كاتب اقتصادي من جمعية "موصياد" التركية عام 2011، بحسب تقرير لـ "الجزيرة نت."

في عام 2014 ألقى محاضرات عن اقتصاد المعرفة والسياسة الاقتصادية والنمو البديل والنظريات النقدية في إسطنبول وجامعة الاتحاد التركي للطيران قبل أن يعيّنه الرئيس التركي أردوغان مستشارا اقتصاديا في 26 يناير/كانون الثاني عام 2015 إلى أن أصبح كبير مستشاريه للشؤون المالية والاقتصادية.

وإلى جانب منصبه في رئاسة الجمهورية هو أيضا عضو في مجلس إدارة "بنك وقف" الحكومي منذ 13 أغسطس/آب 2018، فضلا عن كونه حاليا كاتب عمود في صحيفتي "ملييت" و"ديلي صباح."

توفيت زوجة جميل إرتيم الأولى عام 2014 بمرض السرطان، بعدما أنجب منها ابنه دنيز، ثم تزوج نور فيرال، مقدمة برنامج "كل شيء في الحياة" على تلفزيون "بياض" في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2016.

له العديد من المؤلفات، أبرزها: كتاب "النهر الذي وجد قاعه: الاقتصاد السياسي في عهد أردوغان"، وكتاب "نهايات وبدايات"، وكتاب "النظام العالمي الجديد".

أبرز أفكاره الاقتصادية

كان إرتيم في مقالاته المنشورة في صحيفة "طرف" يعزو تفاقم الأزمة الاقتصادية إلى جبهة فاشية تتكون من الانقلابيين ولوبي الفائدة بهدف التضييق على الرئيس أردوغان.

ويوصف إرتيم بعدائه للفائدة حاله حال الرئيس أردوغان، وكتب كثيرا من المقالات عن أضرارها وأهمية محاربتها.

وقال عنه صحفيون إن "إرتيم يفحص عن كثب التطورات السياسية والاقتصادية في العالم الرأسمالي، ويدرك التغيرات ونقاط التحول، إنه أكاديمي وكاتب عمود، واسع الأفق، أممي لكنه لا يقع في فخ المركزية الغربية".

وذكرت وسائل إعلام تركية أن لجميل إرتيم دورا مهما في تحسن علاقات بلاده مع ألمانيا بالتوازي مع تحسن عام في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي مما عزز فرص تنامي حركة التصدير والسياحة التركية، بعدما شهدت العلاقات بين تركيا وألمانيا توترا عقب الانقلاب الفاشل عام 2016 واتهام أنقرة لبرلين بإيواء عدد من الانقلابيين ورفض تسليمهم لها، ثم تصاعد التوتر مع دعوة الرئيس أردوغان الألمان ذوي الأصول التركية إلى عدم التصويت لمصلحة بعض الأحزاب الألمانية المعادية لتركيا.

وإبان خلاف أردوغان مع أحمد داود أوغلو في عام 2015 حينما كان رئيسا للوزراء، دعا المستشار الرئاسي إرتيم آنذاك إلى ضرورة تولي رئاسة الوزراء شخص أكثر توافقا مع أردوغان، من أجل استقرار الاقتصاد بدرجة أكبر.

نموذج اقتصادي جديد

وذكرت صحيفة "جمهورييت" الشهيرة ووسائل إعلامية تركية أخرى وكذلك "ميدل إيست آي" ورويترز أن المستشار جميل إرتيم عزا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في مقالاته المنشورة بإحدى الصحف المحلية، تفاقم الأزمة الاقتصادية إلى جبهة فاشية تتكون من الانقلابيين ولوبي الفائدة بهدف التضييق على الرئيس أردوغان، وقدّم عرضا للرئيس أردوغان حمل عنوان "النموذج الاقتصادي الجديد: الأسباب والفوائد" يركز على المشاكل الاقتصادية المزمنة التي واجهتها تركيا، ونجمت عن ارتفاع تكاليف الاقتراض وانخفاض أسعار الصرف.

وتتمحور الرسالة الرئيسة التي قدمها عرض إرتيم حول الاستقلال الاقتصادي. ويؤكد العرض مرارا أن من المستحيل أن تكون مستقلا اقتصاديا أثناء تنفيذ سياسة مالية قائمة على أسعار الفائدة المرتفعة أو توصيات صندوق النقد الدولي.

ويشدد إرتيم على أن سياسة أسعار الفائدة المرتفعة أدت إلى حلقة مفرغة من انخفاض الصادرات، وانخفاض العمالة، وارتفاع الواردات، وتفاقم الديون الخارجية، وزيادة الاعتماد على الخارج، الأمر الذي يتطلب مرة أخرى أسعار فائدة أعلى وأعلى. ونتيجة هذا الوضع أن البلاد تعاني الآن عجزا في الموازنة وارتفاعا في الدين الخارجي، وهو وضع اقتصادي يفتح الباب أمام تعرض البلاد لهجمات اقتصادية خارجية.

ويقول كبير المستشارين الاقتصاديين إن نموذجه الجديد القائم على أسعار الفائدة المنخفضة سيزيد الصادرات ويقلل الواردات، وذلك سيؤدي إلى فائض في الحساب الجاري ونمو أعلى مع ارتفاع معدلات التوظيف. ويعتقد إرتيم أن هذا النموذج سيجعل الصادرات التركية أكثر قدرة على المنافسة مع انخفاض الليرة.

ومنذ أغسطس/آب خفّض البنك المركزي التركي سعر الفائدة بمقدار 500 نقطة أساس، من 19% إلى 14%. وفي غضون ذلك، قفزت الصادرات بنسبة 33% في نوفمبر/تشرين الثاني لتبلغ 21.5 مليار دولار، في حين سجل الحساب الجاري فائضا قدره 3.16 مليارات دولار في أكتوبر/تشرين الأول.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!