ترك برس

خلال محادثة هاتفية مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أثار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، استخدام الأوكرانيين للطائرات بدون طيار تركية الصنع، واصفا ذلك بالسلوك "المدمر" و"النشاط الاستفزازي".

وقال وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، إنه "لا يمكن إلقاء اللوم على أنقرة في نشر أوكرانيا للأسلحة".

ففي السادس والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نفذت طائرة أوكرانية بدون طيار من طراز بيرقدار (تركية الصنع) ضربة جوية استهدفت مدفعا روسيا من نوع هاوتزر يستخدمه الانفصاليون الأوكرانيون – بحسب رواية كييف – في ضربة قالت صحيفة "واشنطن بوست" إنها ألقت الضوء على نقطة "اشتعال" جديدة في صراع المنطقة.

ويظهر في تسجيل فيديو الطائرة بدون طيار الذي نشره الجيش الأوكراني، مربع استهداف أزرق صغير يحوم فوق شيء ما على الأرض، وبعد عدة ثوان، ينفجر عمود كبير من الدخان، ثم يشاهد شخصان يهربان من الموقع حيث تقول أوكرانيا إنها دمرت مدفعا للانفصاليين في منطقة دونباس الشرقية. حسبما نقل موقع "الحرة".

وتقول "واشنطن بوست" إنه "بالنسبة لروسيا، كانت هذه إشارة أخرى إلى أن أوكرانيا تعزز ترسانتها من أجل تغيير التوازن العسكري في المنطقة"، حيث إن ضربات الطائرة بدون طيار توقفت فترة من الزمن، واستخدمت كييف طائراتها التركية للاستطلاع فقط.

وما يزيد التوتر، بحسب الصحيفة، هو أن تركيا وأوكرانيا لا تمتلكان اتفاقا لتزويد يسمح لكييف باستخدام طائراتها كيفما شاءت فحسب، بل إن البلدين أيضا يريدان إقامة مصنع للطائرات من طراز بيرقدار في أوكرانيا.

ونقلت الصحيفة عن، روب لي، الخبير العسكري الروسي وزميل معهد أبحاث السياسة الخارجية قوله إن "روسيا تشهد اتجاها تقوم فيه كل هذه الدول في حلف شمال الأطلسي بتسليم المزيد والمزيد من الأسلحة إلى أوكرانيا".

ويضيف لي أنه "ليس بالضرورة أن التجهيزات كبيرة حتى الآن، ولكن موسكو لا تحب هذا الاتجاه، ولا تطوراته المتوقعة".

وتمتلك أوكرانيا أسلحة أميركية مضادة للدبابات، وأسلحة أخرى من الناتو، لكن "إنشاء مصنع لإنتاج الطائرات في أوكرانيا "يخلق ظروفا مختلفة" بحسب سيرغي زغوريتسا، الخبير العسكري الأوكراني.

ويقول زغوريتسا لواشنطن بوست "أعتقد أنه عنصر تأثير حقيقي على العدو".

ونقلت الصحيفة عن، أوليكسي أروستوفيتش، وهو مدون عسكري مقيم في كييف، أن "هذه أخبار غير سارة تماما بالنسبة للروس، لأن هذه زيادة كبيرة في القدرات القتالية لأوكرانيا التي أصبح لديها ما يغير اللعبة".

وتوفر طائرات بيرقدار TB2 المسيرة قوة جوية قليلة التكاليف للبلدان التي تشغلها. وقد برزت فائدتها بشكل بارز في الصراعات في ليبيا وسوريا.

وفي 2020، استخدمت أذربيجان هذه الطائرات ضد أرمينيا بشكل واسع، إذ أنها استفادت منها لتدمير مواقع الجنود، والدبابات، والمدفعية، وأنظمة الدفاع الجوي، مانحة نصرا كبيرا لأذربيجان في صراع استمر أكثر من ثلاثة عقود.

وتكتسب الطائرات التركية أهمية أخرى هي أنها تأتي في وقت تفرض الدول الأوروبية نوعا من المنع على شراء أوكرانيا أسلحة دفاعية من خلال وكالة الدعم والمشتريات التابعة لحلف شمال الأطلسي.

وتنقل الصحيفة عن، أولكسي دانيلوف، سكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني وصفه لألمانيا، التي تشارك روسيا في خطي أنابيب غاز، أن "برلين خائفة"، وأن ألمانيا "تضع باستمرار العصي في دواليبنا بشأن هذه المسألة".

ومع هذا، فإن تركيا تمتلك هي الأخرى علاقات مع روسيا، يصفها، سنان أولجن، مدير مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية في اسطنبول بأنها "عملية توازن دقيقة وصعبة" بسبب علاقة تركيا بروسيا التى لديها "عناصر تعاون، ولكنها عناصر منافسة أيضا".

وقد أدى ذلك إلى علاقة جيوسياسية معقدة بين موسكو وأنقرة على مدى السنوات القليلة الماضية.

وتدعم تركيا وروسيا معسكرين متحاربين في سوريا وليبيا، وفي الوقت نفسه تسبب شراء تركيا أنظمة دفاع جوي متطورة من روسيا بإغضاب شركائها في حلف شمالي الأطلسي ونجم عنها عقوبات من الولايات المتحدة.

وفي حين اتخذت حكومة أردوغان موقفا قويا برفضها الاعتراف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم من أوكرانيا في عام 2014، إلا أنها لم تتبع أوروبا والولايات المتحدة في فرض عقوبات على موسكو.

وقال أولجن إن تركيا ترى أيضا في أوكرانيا فرصة لتوسيع القائمة المتنامية لعملاء طائراتها المسلحة بدون طيار والاستفادة من قدرات الإنتاج الدفاعي الأوكرانية، بما في ذلك قدرتها على تصنيع محركات الصواريخ.

ومع هذا، فإن أوكرانيا إذا أرادت إحداث فرق حقيقي في التوازن العسكري، فإن عليها البحث أبعد من طائرات بيرقدار التركية.

وقد نشرت وزارة الدفاع الروسية بالفعل صورا لمناورات تدريبية لكيفية مواجهة طائرات بيرقدار  TB2 بدون طيار.

في المقابل تنقل واشنطن بوست عن محللين عسكريين قولهم إنه "إذا دخلت أوكرانيا في معركة مع روسيا فإن روسيا ستدمرها"، مضيفين "يمكن لروسيا إسقاط هذه الطائرات، أو تدمير مطاراتها ومحطات المراقبة الأرضية".

وتقول مجلة فوربس الأميركية إن روسيا بدأت بالفعل في تطوير أسلحة لـ"تحييد" خطر الطائرات بدون طيار، بالإضافة إلى الاستثمار في صناعة هذه الطائرات بنفسها.

بحسب موقع Armed Forces المتخصص بالتحليلات العسكرية، فإن كلا من روسيا وأوكرانيا ينفقان أقل من 5 بالمئة من دخلهما القومي على الدفاع والجيش.

وهذا المبلغ هو 61 مليار دولار سنويا بالنسبة لروسيا، و5.4 مليار دولار بالنسبة لأوكرانيا.

أي أن أوكرانيا تنفق أقل من عشر الانفاق الروسي على التسليح، ولديها أيضا عدد أقل من السكان يصل إلى نحو 25 بالمئة من السكان في روسيا.

ونتيجة للفرق في عدد السكان، يمتلك الروس أكثر من 1.1 مليون جندي، مقابل 255 ألفا لأوكرانيا.

وتمتلك موسكو أكثر من 12 ألف دبابة، ونحو 27 ألف مركبة قتال مدرعة، و18 ألف مدفعا، فيما تمتلك أوكرانيا ألفي دبابة، و7 آلاف مركبة مدرعة، و3 آلاف مدفع.

ويمتد الفرق في باقي الصنوف أكثر من ذلك، حيث تمتلك روسيا أسطولا كبيرا من الطائرات والسفن المقاتلة، مقابل أرقام فقيرة جدا بالنسبة لأوكرانيا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!