ترك برس

قال الأكاديمي والسياسي التركي، ياسين أقطاي، إن تركيا باتت خلال السنوات الأخيرة، إحدى المراكز الهامة بالنسبة للفكر العربي.

جاء ذلك في مقال له على موقع "الجزيرة نت"، تطرق فيه إلى العلاقات التركية العربية والتي اكتسبت زخماً خاصة على الصعيدين الفكري والثقافي.

وأضاف "أقطاي" أنه وخلال السنوات العشر الماضية "أصبح عدد المقيمين العرب في تركيا ملحوظًا، خاصة من الأصول السورية. ولا يقتصر تأثير الجالية العربية المقيمة في تركيا على انتشار المطاعم العربية أو الاعتياد على رؤية الملابس العربية في الحياة اليومية في إسطنبول أو غيرها من المدن التركية مثل بورصة وطرابزون، بل أسهمت الجالية أيضًا في جعل تركيا إحدى المراكز المهمة للفكر والثقافة والفن العربي، حيث يقام سنويًا العديد من الفعاليات السياسية والفكرية والأكاديمية والثقافية ذات الصلة بالعالم العربي."

وتابع: "لا يعد هذا الأمر مفاجئًا، ذلك أن تركيا باتت تمثل ملاذا للنخبة المثقفة في العالم العربي، لا سيما بعد "الربيع العربي". ويتجاوز عدد المهاجرين العرب الذين تستضيفهم تركيا 5 ملايين شخص، ويصل العدد الإجمالي للجالية العربية إلى نحو 10 ملايين باحتساب الأتراك من أصول عربية المقيمين بشكل أساسي في الأناضول حيث توطنوا هناك منذ أكثر من ألف عام. وكما أشرنا سابقا في عدة مناسبات، فإن عدد المهاجرين العرب في تركيا يفوق عدد العرب المهاجرين إلى الدول العربية."

وفيما يلي النص الكامل للمقال:

عندما تتحدث تركيا عن شؤون العالم العربي، تصف بعض الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية ذلك على أنه تدخل في الشأن الداخلي للعرب، بيد أن نسبة العرب في تركيا تمنحها الحق في التحدث باسمهم في أي حال.

إلى جانب هذه التطورات، أصبحت اللغة العربية تكتسي أهمية في تركيا. ولعل ذلك ما يؤكده تنظيم الدورة السادسة من "معرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي"، الذي سجل هذا العام مشاركة نحو 250 ناشرًا من 23 دولة مختلفة. ونُظم المعرض بالتعاون مع كل من جمعية الصحافة والنشر، وجمعية محترفي الطباعة والنشر التركية، والجمعية الدولية لناشري الكتب العربية.

يعد معرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي أكبر معرض عربي يتم تنظيمه خارج العالم العربي من حيث عدد الناشرين والزوار، كما أنه من أفضل المعارض المقامة في العالم العربي على مستوى تنوع الكتب والأفكار، لا سيما في ظل عدم قدرة العديد من الكتاب والناشرين حضور المعارض الكبرى التي تقام في العديد من الدول العربية.

وحاليًا يعد معرض إسطنبول البيئة الأنسب للناشرين لما يوفره من حرية وبيئة خصبة لتنمية الثقافة والإبداع العربي. وقد اختير لهذا المعرض عنوان "حلِّق بالمعرفة"، وهو يقوم على فكرة أن المعرفة والفكر يمنحان الإنسان أجنحة تجعله حرًا طليقًا وتفتح له آفاقًا جديدة. وحتى في غياب البيئة الحرة، فإن الكتب تسهم في تحرير العقول وكسر القيود وفتح الأبواب المغلقة.

وأقام معرض الكتاب العربي في إسطنبول احتفالا بالذكرى العاشرة لقيام الربيع العربي وهو ما يحمل عدة دلالات؛ تعد إسطنبول الملاذ الآمن الذي لجأ إليه كثيرون ممن فروا من انتهاكات حقوق الإنسان والضغوط السياسية وكلهم أمل في تحرير أوطانهم. كما أن التنوع الفكري والأيديولوجي -الذي ميّز دور النشر في هذا المعرض- يمثل انعكاسًا لحرية الرأي والتعبير في تركيا.

احتضن هذا المعرض جميع أنواع الأعمال الأدبية والفكرية، من الكتب العربية الإيرانية والسعودية وصولا إلى الأعمال الحداثية والتاريخية من المغرب العربي وتونس. وفي الواقع، من الصعب العثور على هذا القدر من التنوع في أي دولة عربية.

تمثل إسطنبول مركزًا فكريًا هامًا للغاية، خاصة بالنسبة للفكر العربي، وهي حقيقة باتت أكثر وضوحًا من ذي قبل. وقد فتحت دور نشر عربية عديدة فروعًا لها في إسطنبول. ويوجد في إسطنبول نحو 50 دار نشر تنشر باللغة العربية تستهدف العرب المقيمين في إسطنبول والأتراك المتحدثين باللغة العربية، وجميع أنحاء العالم العربي. وتمثل إسطنبول مركزًا إصلاحيًا للفكر العربي الإسلامي ومصدر إلهام للنهضة الفكرية.

التقى العديد من المؤلفين بجمهورهم خلال الندوات أو حفلات التوقيع، وشارك في المعرض جميع الناشرين المعروفين في العالم العربي. كما وفّر المعرض أرضية لمشاريع ترجمة أعمال بارزة من العربية إلى التركية أو العكس، ومنذ انطلاق المعرض تُرجمت مئات الأعمال. وحسب تصريح الأمين العام لاتحاد الإذاعات العربية بشار شيبيرو -في كلمته الافتتاحية بالمعرض- فإن المعرض مثّل جسرًا للتواصل بين عالمين ولغتين.

ولابد من الإشارة إلى الحوافز -التي لم تُقدم مسبقًا- التي تهدف إلى تحسين وتطوير المشهد الثقافي في البلاد. فقد ترجمت آلاف الأعمال من التركية إلى لغات أخرى، وذلك بفضل هذا البرنامج الذي يشجع على ترجمة أعمال المؤلفين الأتراك للغة العربية وغيرها من اللغات.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!