ترك برس

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة، إن الجمع بين روسيا وأوكرانيا في أول لقاء رفيع المستوى بأنطاليا التركية، يظهر أن منتدى أنطاليا الدبلوماسي بدأ تحقيق أهدافه.

جاء ذلك في كلمة ألقاها الرئيس التركي، بانطلاق منتدى أنطاليا الدبلوماسي، بمشاركة قادة دول ومنظمات دولية.

وتطرق أردوغان في مستهل خطابه إلى الهجوم الروسي على أوكرانيا، مشيرا إلى لقاء وزيري خارجية روسيا سيرغي لافروف، وأوكرانيا دميترو كوليبا، في ولاية أنطاليا، الخميس، بحضور وزير خارجيته مولود تشاووش أوغلو.

وأضاف: "جمع روسيا وأوكرانيا في أول لقاء رفيع المستوى بأنطاليا يظهر أن منتدى أنطاليا الدبلوماسي بدأ تحقيق أهدافه". وفق وكالة الأناضول.

وأعرب أردوغان عن أمله أن يسود الهدوء وضبط النفس وإسكات صوت الأسلحة في أقرب وقت بالحرب الروسية ـ الأوكرانية.

وتساءل: "هل كنا سنواجه المشهد القائم حاليا (حرب أوكرانيا) لو أن الغرب كله والعالم أجمع رفعوا صوتهم ضد احتلال القرم عام 2014؟"، في إشارة إلى ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد.

وعلى هذا الصعيد، أكد الرئيس التركي ضرورة إنشاء هيكل أمني عالمي جديد يحرص على السلام ويخدم البشرية جمعاء بدلا من مصالح دول مجلس الأمن الخمس (الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وبريطانيا، وفرنسا).

وانتقد آلية عمل مجلس الأمن الدولي لفض النزاعات، قائلا: "عندما يصبح أحد الأطراف المتصارعة عضوا دائما ويملك حق النقض الفيتو فإن الدور الملزم لمجلس الأمن الدولي يتعطل".

وأردف: "عندما قلت العالم أكبر من 5، لم نكن نطلب ذلك من أجلنا وبلدنا فقط، إذ كنا نسعى إلى الدفاع عن حق والمصالح المشتركة للإنسانية جمعاء مع شعبنا".

وأشار إلى أن الهيكل الأمني ​​الحالي، الذي يعطي الأولوية لمصالح الدول الخمس المنتصرة بالحرب العالمية الثانية، لا يلبي احتياجات اليوم

وبين أن النظام الذي يترك مصير 193 دولة عضوا في الأمم المتحدة تحت رحمة 5 أعضاء دائمين في مجلس الأمن "غير عادل".

وقال: "بما أن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ليست ملزمة، لم يتم اتخاذ أي خطوات لإنهاء الصراع... قلنا دائما بضرورة إصلاحه ليناسب الظروف الراهنة ولا نزال نؤكد ذلك، ورغم أن نقاط ضعف النظام كانت معروفة، تم تجاهل مطالب الإصلاح لأن من يمتلكون حق النقض لم يرغبوا في تقاسم السلطة".

وأكد أردوغان أن تركيا ستواصل جهودها لإصلاح الأمم المتحدة في الفترة المقبلة إيمانا منها بإمكانية وجود عالم أكثر عدلا.

وأعرب عن ثقته بأن المناقشات والعروض التي ستقام خلال منتدى أنطاليا الدبلوماسي من قبل مختصين في مجالاتهم ستفتح آفاقا جديدة للجميع.

وأضاف: "آمل أن يؤدي منتدى أنطاليا الدبلوماسي الثاني، حيث ستتم مناقشة قضايا هامة متعلقة بمنطقتنا والعالم، إلى مبادرات ومقترحات وأفكار جديدة حول الدبلوماسية".

وأشار إلى تنظيم النسخة الأولى من منتدى أنطاليا الدبلوماسي العام الماضي، رغم التحديات المصحوبة بوباء كورونا.

وأعرب عن ثقته في هذا الإطار أن رسائل السلام والحوار والتضامن التي خرجت من النسخة السابقة، أضافت معنى آخر للمنتدى في ظل مواصلة البشرية مكافحة الوباء.

وشدد أردوغان على أن البشرية تتوق إلى السلام العالمي والازدهار، وسط استعداد العالم لمغادرة الربع الأول من القرن الـ 21.

وأشار أنه رغم كل التقدم في مجالات العلوم والتكنولوجيا والزراعة والصناعة والاتصالات والنقل؛ فإن البشرية لا تستطيع بعد حل قضاياها الأساسية.

ولفت إلى أن الإرهاب والجوع والفقر والنزاعات والحروب الأهلية والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ، قضايا تشغل جدول أعمال العالم.

وأضاف أنه مع نمو الاقتصادات، وارتفاع ناطحات السحاب، وزيادة ثراء بعض الأفراد والبلدان يوما بعد يوم، ترسم الإحصاءات صورة لعالم أكثر ازدهارا؛ إلا أنه يستمر في الطرف الآخر موت الأطفال من الجوع بالمناطق المجاورة.

وزاد أن "فيروس الجوع" يتسبب في وفاة عدد أكبر من الأفراد بالعالم سنويا مقارنة بكورونا، مشيرا إلى وفاة طفل كل 10 ثوان في العالم لمجرد أنهم لا يستطيعون العثور على قطعة خبز أو رشفة ماء.

وبيّن أن ملايين الناس يضطرون إلى مغادرة منازلهم جراء عدم الاستقرار والنزاعات، لافتا إلى مصرع أكثر من 25 ألف شخص في مياه البحر المتوسط منذ 2014 خلال رحلة أمل الوصول إلى أوروبا.

وأكد الرئيس التركي أن عدد اللاجئين ارتفع ضعفين خلال العقد الأخير، ووصل إلى 85 مليونا، أضيف إليهم أكثر من ميلوني أوكراني خلال 15 يوما.

ومشيرا إلى الاستياء العالمي من الأوضاع المأساوية الراهنة، أكد أنه لا يمكن للعالم اليوم أن يغض النظر عن المجريات الحالية وسط تحول العالم إلى قرية كبيرة.

وشدد على أنه ينبغي للعالم أن يعلم أن كل نار لا تُخمد، وكل صراع لا يُوقف، وكل قمع لا يُمنع، وكل مشكلة لا تعالج، ستؤثر على الجميع في نهاية المطاف.

وقال: "لقد شهدنا هذه الحقيقة المرة، مرات عديدة في سوريا واليمن وأفغانستان وليبيا والعراق وأراكان والعديد من مناطق الأزمات الأخرى".

وأضاف أن "الثقة بالمنظمات الدولية وصلت إلى الحضيض، وانتشرت التنظيمات الإرهابية والتطرف في جميع أنحاء العالم، وتحولت المدن القديمة التي تعد التراث الثقافي المشترك للبشرية إلى ركام".

وأشار أردوغان إلى أن تركيا دولة على البحرين المتوسط والأسود، وأن أوكرانيا وروسيا بلدان صديقان وجاران على البحرين.

ولفت إلى أن أكثر أمر أزعج تركيا وأقلقها هو تصاعد التوتر ووصوله إلى هذه المرحلة، مؤكدا أنه لا يمكن أبدا تبرير أعمال العدوان على سيادة دولة جارة.

وشدد على رفض أنقرة الخطوات غير المشروعة التي تتجاهل وحدة أراضي أوكرانيا، لا سيما الضم غير الشرعي لشبه جزيرة القرم، مضيفًا: "أوضحنا موقفنا بخصوص القرم منذ عام 2014".

وبين أن حزن بلاده يزداد أضعافا كلما رأت المدنيين الذين يغادرون منازلهم، والأطفال المليئين بالخوف والقلق، والمدن المدمرة والأبرياء المقتولين.

وأكد أن تركيا على قناعة بأن سكب الزيت على النار في هذه المرحلة لن يعود بالفائدة على أحد، مضيفا: "مع دعم النضال المشروع للشعب الأوكراني، يجب تجنب الخطوات التي من شأنها أن تلحق الضرر بهذا النضال وتشويهه، كما لا يمكن أبدا قبول الممارسات الفاشية ضد الثقافة الروسية والأشخاص من أصل روسي الذين يعيشون في البلدان الغربية".

وأوضح أردوغان أن تركيا بذلت جهودا حثيثة من أجل إحلال السلام والاستقرار ومنع وقوع خسائر في الأرواح بالمنطقة، معربا عن أمله بتحكيم العقل في أقرب وقت وإسكات صوت الأسلحة.

وتابع: "قدنا حملة دبلوماسية كثيفة قبل بدء الأزمة وحتى اليوم، وأجريت محادثات مع نحو 30 زعيما ولا تزال محادثاتي متواصلة، وبنفس الشكل فإن وزير الخارجية (تشاووش أوغلو) وباقي الوزراء أجروا محادثاتهم ومستمرون فيها، وسننقل مقترحاتنا للحل خلال كافة محادثاتنا كما السابق".

وأكد أن تركيا ستواصل بذل قصارى جهدها بما فيها استخدام الصلاحيات التي منحت لها بموجب اتفاقية "مونترو" من أجل أن يسود الهدوء في المنطقة.

والخميس، عقد في أنطاليا اجتماع ثلاثي ضم تشاووش أوغلو، وكوليبا، ولافروف، وذلك في أول مباحثات روسية أوكرانية رفيعة المستوى، بجهود تركية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!