ترك برس-الأناضول

في دفاتر فتحها للزوار منذ 18 عامًا، جمع مصطفى آلبصوي، الإمام المتقاعد لمسجد "بودروم مسيح باشا" التاريخي في مدينة إسطنبول التركية، انطباعات وملاحظات الزوار الذين زاروا المسجد من حوالي 120 دولة.

تم إنشاء المسجد في حي الفاتح وسط إسطنبول ككنيسة خلال الفترة البيزنطية، وتذكر الروايات التاريخية تعرض الكنيسة للدمار بسبب حريق نشب عام 1203، ليعاد بناؤها أواخر القرن الثالث عشر.

وبعد فتح القسطنطينية (إسطنبول) عام 1453 ميلادية، جرى تحويل الكنيسة إلى مسجد من قبل الصدر الأعظم (رئيس الوزراء) مسيح باشا، في عهد السلطان العثماني بايزيد الثاني (1447 – 1512).

وتضرر المسجد في حريق عام 1782، ولم يتم استخدامه من قبل المصلين لسنوات عديدة بعد حريق عام 1911، إلا أنه تم استكمال ترميمه ما بين خمسينات وستينات القرن الماضي.

وفي لقاء أجرته وكالة الأناضول، مع مصطفى آلبصوي، أول إمام جرى تعيينه للمسجد بعد افتتاحه أمام المصلين عام 1987، تحدث عن ذكرياته التي امتدت لـ 34 عامًا.

وقال آلبصوي، إنه بدأ عمله في رئاسة الشؤون الدينية التركية عام 1981 كإمام في مسجد "مراد باشا" بولاية أرضروم (شرق)، ثم عيّن لاحقًا إمامًا في مسجد مسيح باشا بعد افتتاحه أمام المصلين في 20 فبراير/ شباط 1987.

وأضاف: "عندما أتيت إلى المسجد، لم يكن هناك منزلٌ خاصٌ بالإمام، بل مكان قديم أستطيع وصفه ببقايا غرفة الإمام. مكثت هناك لمدة 7- 8 أشهر، حيث قمت في هذه الفترة بتحويل قبو موجود عند مدخل المسجد إلى منزل خاص بالإمام".

** أرشيف المسجد تحول لكنز

وذكر آلبصوي أن المسجد يستقبل سنويًا آلاف الزوار المحليين والأجانب، وأن هناك أشخاصا يأتون لزيارته من بلدان بعيدة لأغراض سياحية أو بدافع الفضول.

وأردف: "قلت لنفسي في إحدى المرات، ماذا لو وضعت دفترًا للزوار يسجلون فيه انطباعاتهم حول المكان، وبالفعل وضعت الدفتر الذي تحول إلى سجل لحفظ ذكريات وملاحظات الزوار".

ولفت إلى أنه التقى في المسجد مع العديد من الأكاديميين الذين جاؤوا لزيارة المسجد والاطلاع على تاريخه، كما عمل على حفظ الانطباعات والملاحظات في دفتر الزوار ليكون حافزًا للأئمة الذين سيتعاقبون على إمامة المصلين في هذا المسجد في المستقبل.

وأوضح الإمام أنه بين عامي 2002 و2020، ترك زوار من 118 دولة انطباعاتهم وملاحظاتهم في دفتر الزوار، مشيرًا إلى أنه لا يزال على تواصل مع العديد منهم الأشخاص.

وتابع: "هذا الدفتر يعد ذخرًا وثروة بالنسبة للمسجد، الكثير من الناس في الخارج يأتون لرؤية هذا الدفتر الذي يعكس تسامح الإسلام وجماله في حياتنا".

وأفاد أنه تلقى معلومات متنوعة حول المسجد من أكاديميين وباحثين أجانب، جاؤوا لزيارة المكان من خارج تركيا، وخاصة من بلجيكا والولايات المتحدة وألمانيا واليونان.

وأكمل: "كما جمعت عن أولئك الأكاديميين مجموعة متنوعة من الوثائق والرسومات والمقالات المختلفة حول تاريخ المسجد، والتي تحولت في الواقع إلى ثروة أرشيفية".

وفي حديثه عن ذكرياته التي عاشها في المسجد، قال: "في إحدى المرات زار المسجد مجموعة مكونة من 150 شخصًا معظمهم كانوا بريطانيين. أوضحت للنساء اللائي في المجموعة بضرورة دخولهن المسجد مع غطاء الرأس (الحجاب)".

وأردف: "في هذه الأثناء غضبت المرشدة السياحة مني، وخلال جولتهن في رحاب المسجد، أطلعتهن على معلومات وافية حول تاريخ المسجد، وبعد انتهاء الزيارة وجدت المرشدة السياحية المسؤولة عن المجموعة كتبت في دفتر الزوار ما يلي: عندما دخلنا إلى المسجد سجل الإمام مصطفى هدفه الأول في الدقيقة الأولى وكان له ما أراد. طلب منا أن نغطي رأسنا قبل الدخول فغضبت. ولكن بعد الاستماع له خلال الزيارة أدركت أنه كان على حق. شكرًا لك أستاذ مصطفى وشكرًا لوجودك معنا".

وأشار آلبصوي إلى أنه بحث مع رئيس بلدية الفاتح موضوع تحويل دفتر الزوار الخاص بالمسجد إلى كتاب، من أجل إتاحة الفرصة للجميع للاطلاع على مضمونه.

** رسائل بعدة لغات

ويحتوي دفتر الزوار على ملاحظات وانطباعات ورسائل بعدة لغات، معظمها بالإنكليزية والألمانية واليونانية والتركية، وتتضمن في معظمها إعجابا كبيرا بالمسجد، وشكرا خاصا لإدارة ودماثة الإمام، وترحيبه الحار بالزوار.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!