ترك برس-الأناضول

منذ 550 عاما، تواصل الساعة الشمسية التي جرى إنشاؤها على قاعدة مئذنة جامع السلطان محمد الفاتح وسط مدينة إسطنبول، إعلان مواقيت الصلاة للمصلين وزوار الجامع.

تم إنشاء الساعة الشمسية على شكل ساعة جدارية من قبل عالم الفلك والرياضيات واللغوي التركي علي قوشجي (1403 ـ 1474)، لتهدي المصلين وزوار المسجد مواقيت الصلاة.

وتعتبر الساعة المذكورة التي جرى إنشاؤها على قاعدة مئذنة المسجد بطلب من السلطان محمد الفاتح، من الأقدم بين نظيراتها المشيدة في إسطنبول خلال العهد العثماني.

وبفضل الساعة الشمسية التي صنعها قوشجي وجرى تثبيتها على مئذنة جامع الفاتح، تمكن المصلون ولقرون، من الاستدلال على مواقيت الصلاة وفقا لزاوية ظل العمود.

وقال مصطفى قاجار، رئيس قسم تاريخ العلوم في جامعة السلطان محمد الفاتح التركية، إن الحضارات البشرية طوّرت خلال العصور المتعاقبة أدوات مختلفة لقياس الوقت.

وأضاف، لوكالة الأناضول، أن الساعة الشمسية تعد من أبرز أدوات تحديد الوقت استخدامًا وأكثرها دقة، وأن السكان في الحضارات القديمة وفي مقدمتها مصر القديمة وبابل، كانوا يقيسون الوقت بحساب طول ظل الشمس.

وأردف أن الحضارات اللاحقة تابعت استخدام هذه الطريقة إلى أن وصلت للحضارة الإسلامية والعثمانيين، وقد جرى استخدامها أيضًا في السنوات الأولى لتأسيس الجمهورية التركية.

وأفاد بأنه لم تعد هناك حاجة إلى الساعات الشمسية في العصر الحديث، التي تعتبر واحدة من أدوات قياس الوقت حيث أثبتت فعاليتها ودقتها عبر العصور.

وزاد: "بعد فتح إسطنبول، بنى السلطان محمد الفاتح مسجدًا يتوسط المدينة. عندما اكتمل البناء، طلب الفاتح من علي قوشجي، أحد أعظم علماء الرياضيات والفلك في العالم الإسلامي في ذلك الوقت، المجيء للاستقرار مع عائلته بالمدينة، وتسلم مهام إنشاء مركز علمي جديد في حاضرة الدولة العثمانية".

وتابع: "جرى بناء هذه الساعة الشمسية من قبل قوشجي شخصيًا عام 1473. بالطبع، لم تكن وفق شكلها الحالي. فقد تمت إعادة بناء الجامع من قبل المهندس المعماري طاهر أفندي في عهد السلطان مصطفى الثالث (1717 ـ 1774) بسبب الأضرار التي لحقت به جراء الزلازل وأعمال التخريب المختلفة. ولا نعرف ما الذي جرى تغييره في الساعة خلال أعمال الترميم".

ـ تحديد مواقيت الصلاة

ولفت قاجار إلى أن إنشاء الساعة الشمسية جاء في الأساس من أجل تحديد مواقيت الصلاة، وأن توفير هذه الخدمة كان من الحاجات الأساسية للناس.

واستطرد: "تتميز الساعة الشمسية في جامع الفاتح بكونها تتألف في الأساس من ساعتين تقيسان الوقت وتحددان مواقيت الصلاة".

وأوضح أن "الساعة الكبرى تقيس الأوقات على مدار اليوم، بينما تقيس الصغرى الوقت المتبقي حتى فترة العصر. يتم قياس وتحديد هذه الأوقات اعتمادًا على ميل محور الأرض وعدد درجات تموضع إسطنبول فوق خط الاستواء".

وبيّن أن الضلع الطويل لها يبلغ مترين و9 سنتيمترات، بينما القصير 159 سنتيمترا. وتأخذ الساعة شكل مثلث قائم الزاوية ولها ثلاثة خطوط استوائية مرتبطة بالفصول. كما أنها تظهر لنا الاتجاهات والفترات والمواسم.

ـ 52 ساعة شمسية في تركيا

وكشف قاجار عن وجود ساعة شمسية في كل مساجد السلاطين بإسطنبول، وأن إجمالي عددها في تركيا يبلغ 52 ساعة شمسية.

وذكر أن العلم والدين يعيشان جنبًا إلى جنب في الساعات الشمسية، وأردف: "يسدي العلم خدمة مهمة للدين، عبر تحديده مواقيت الصلاة باستخدام الساعة الشمسية".

وتابع: "الناس في عصرنا الحديث لا يهتمون كثيرًا بالساعات الشمسية لوجود وسائل متنوعة حاليًا لقياس الوقت، لكن لا بد من الإشارة إلى أن الساعات الشمسية باتت جزءًا من ثقافتنا، كما أنها ليست عبارة عن أداة لقياس الوقت فحسب، بل هي رمز لنشاط علمي جاد".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!