ترك برس

ذكر تقرير نشره موقع "الجزيرة نت" أن هناك العديد من التحديات والمصاعب أمام تنفيذ اتفاق إسطنبول لشحن الحبوب بشكل آمن، إلا أن أبرزها هو افتقار تركيا الوسيطة والأمم المتحدة الراعية للاتفاق، لعامل مهم لربما يساهم وجوده في إلزام روسيا وأوكرانيا على عدم التراجع عن تنفيذ الاتفاق.

التقرير الذي أعده الكاتب والباحث في الشأن التركي، سعيد الحاج، أوضح أن اجتماع مصلحة مختلف الأطراف المنخرطة في الاتفاق، والجهود التركية والأممية استطاعت أن تصل بها إلى بر الأمان، لكن ذلك لا يعني أن الاتفاق مضمون التنفيذ والنجاح حيث تمثل أمامه تحديات حقيقية.

وأضاف أنه "في المقام الأول، ما زالت الحرب قائمة بين روسيا وأوكرانيا ما يعني أن أي تطور ميداني مرشح لأن يؤثر على تطبيق الاتفاق، إما بشكل ميداني مباشر أو كردة فعل من أي من الطرفين على أي تطورات تخص الحرب."

وأوضح أن "فجوة الثقة المذكورة ما زالت عميقة بين موسكو وكييف ولم يستطع الاتفاق جسرها، بدليل أن ممثلي البلدين لم يجلسا على طاولة واحدة وإنما وقع كل منهما الاتفاق الخاص به مع تركيا والأمم المتحدة منفرداً، وفي ذلك دلالات لا تخفى."

وتابع: "ولعل القصف الروسي لميناء أوديسا بعد ساعات فقط من توقيع الاتفاق وقبل أن يجف حبره دليل إضافي على ذلك، ولا سيما في ظل الادعاءات المتضاربة بين موسكو وكييف، إذ قالت الأولى إنها قصفت بنية تحتية عسكرية لا يشملها الاتفاق بينما أصرت الثانية على أن ما قصف كان أهدافا مدنية ما يشكل انتهاكا للاتفاق حتى قبل بدء تنفيذه."

وأكد التقرير أن "التحدي الأكبر الذي يواجه تنفيذ الاتفاق هو أن الدولة الوسيطة وهي تركيا والمنظمة الراعية وهي الأمم المتحدة لا تملكان سلطة مباشرة ولا أدوات ضاغطة -فضلاً عن أن تكون مجبرة- على طرفَيْ الاتفاق، باستثناء إصدار موقف بخصوص الطرف المنتهك له ربما."

وأشار إلى أن هذا الأمر "سيبقي نجاح الاتفاق وصموده واستمراره رهنا بحسن نوايا كل من موسكو وكييف وقرار القيادة السياسية لكل منهما."

وتراهن تركيا على إمكانية نجاح الاتفاق ثم عدِّه كمحطة ونقطة انطلاق لإنعاش وساطتها السياسية بما يمكن أن ينتج وقفا لإطلاق النار ثم هدنة ثم اتفاق سلام شاملا، بناءً على النموذج الذي نجح في الاتفاق المذكور والمكوّن من طرف موثوق من الجانبين يقوم بالوساطة مع رعاية أممية ودعم من الأطراف الثلاثة لا سيما الغربية ووفقا لمصالح مختلف الأطراف، بحسب التقرير.

ويعتقد الكاتب أن "ذلك لا يبدو في اللحظة الراهنة أكثر من أمل ومسار محتمل ستعمل عليه تركيا، أما الواقع فيقول إن اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا ما زال بعيدا جدا، بل لعل السيناريو الأرجح حاليا هو أن تستفيد الدولتان من عائدات الاتفاق المالية لدعم الاقتصاد وتمويل الحرب بما سيطيل أمدها حاليا. وليس متوقعا أن يجنح الجانبان، ومعهما الولايات المتحدة والدول الأوروبية والغربية، لوقف الحرب قبل أن تتحصل قناعة لدى الجميع بأنها باتت عبئاً ينبغي التخلص منه وثقبا أسود يستنزف الكل دون أفق واضح لنهايته."

واختتم التقرير بالقول إنه "ثمة سؤال مهم يفرض نفسه على هامش الاتفاق، وهو ما إذا كانت الحبوب والأسمدة والمنتجات الزراعية ستوزع بشكل عادل ومنصف بين دول العالم بحيث تحصل الدول الفقيرة على حصتها منها، أم سيكون مصير هذه المنتجات مثل لقاحات فيروس كورونا المستجد والتي وجدت طريقها سريعا للدول القوية والغنية التي امتلكت المال والأدوات؟ّ! وهو تحدٍّ من نوع آخر ليس فقط للاتفاق ولكن للمنظومة الدولية برمتها والتي وضعت حاجة الدول الفقيرة للحبوب كذريعة رئيسة للاتفاق."

وفي وقت سابق من الاثنين، أعلنت وزارة الدفاع التركية، أن أول سفينة محملة بالذرة غادرت ميناء أوديسا الأوكراني بموجب اتفاقية شحن الحبوب، الساعة 08:30 (بتوقيت تركيا) متجهة إلى لبنان.

وأضافت في بيان لها أن السفينة ستصل غداً الثلاثاء إلى إسطنبول، لتخضع للتفتش.

وفي 22 يوليو/ تموز الجاري، جرت في إسطنبول برعاية الرئيس رجب طيب أردوغان والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، مراسم توقيع "وثيقة مبادرة الشحن الآمن للحبوب والمواد الغذائية من الموانئ الأوكرانية" بين تركيا وروسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة.

ويضمن الاتفاق تأمين صادرات الحبوب العالقة في الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود (شرق أوروبا) إلى العالم.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!