برهان الدين دوران - صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

بعد الانتخابات الأخيرة وظهور النتائج صار واجبا على كل السياسيين العمل في تغيير سياساتهم لتتماشى مع نتائج الانتخابات التي شهد القاصي والداني على نزاهتا. النتائج الأخيرة لم تعطي اغلبية مطلقة للحزب الحاكم الوضع وهو الذي دفع الوضع السياسي نحو التفكير في حلول التحالفات والائتلافات. جاءت نتائج الانتخابات كما كانت تشتهيها أحزاب المعارضة فلم تترك حزب العدالة والتنمية لفترة حكم جديدة منفردا، وتابعت أحزاب المعارضة دورها في المعارضة لترفض وتحاول تخطئة كل ما يصدر عن الحزب المنتصر من تصريحات او اراء متعلقة بخيارات الوضع الراهن.

 في الوقت الذي يحاول فيه حزب العدالة والتنمية تذكير أحزاب المعارضة بتجارب التحالفات الماضية وبان احتمالات الفشل واردة إذا استمرت الأحزاب بهذا النسق، ولهذا فان حزب العدالة والتنمية ورغم محاولاته في الوصول الى صيغ مقبولة مع أحزاب المعارضة إلا انه يتوقع بان الأمور متوجهة نحو الانتخابات المبكرة او حتى كما يحب البعض وصفها بانتخابات الاعادة.

كل أحزاب المعارضة تعلم نية وتوجه الحزب المنتصر نحو الانتخابات المبكرة وانه يفضلها على مصاعب وخبايا التحالفات، ولهذا فان تحركات المعارضة نحو تشكيل تحالفات وائتلافات ستكون قوية وذات جدية أكبر بقدر قوة احتمالات الوصول الى الانتخابات المبكرة، فالمعارضة تعلم بان فرصتها بالحكم الان اقوى بكثير مما قد تفرزه هذه الانتخابات المبكرة التي قد تعيد مقاليد الحكم الى حزب العدالة والتنمية.

في أفكار التحالفات طُرح العديد من الأشكال الممكن عملها ولو نظريا بين الأربعة الكبار، فكل من حزب الشعوب الديمقراطية والحزب القومي الجمهوري وحزب الشعب الجمهوري يقفون في صف واحد لمواجهة حزب العدالة والتنمية، وقد كانت التكهنات تصب في هذا التحالف الثلاثي في سبيل اقصاء الحزب الحاكم السابق، لكن الحزب القومي الجمهوري اخذ دور المفتاح في اللعبة السياسية ليرفض هذا التحالف الثلاثي في مواجه حزب العدالة والتنمية عندما صرح القيادي بالحزب دولت بهجلي فقال" أي شكل او صيغة تضع في حساباتها حزب الشعوب الديمقراطية الكردي فإننا لن نشارك لأن المباحثات الداخلية ستفرز على الأقل 60% معارضة وبالتالي فانه كلام فارغ لا جدوى منه"، ومنه فان أي تحالف قادم لن يكون بدون الحزب المنتصر بالأغلبية، وان الحزب القومي يظهر بهذا الموقف كمفتاح اللعبة السياسية في التحالفات والائتلافات الممكنة، وبهذا فأن التحالفات المطروحة على الطاولة هي بين حزب العدالة والتنمية والحزب الجمهوري او بين حزب العدالة والتنمية والحزب القومي، لكن في خضم الحديث عن التحالفات فان الحزب القومي يتذكر تجربته الفاشلة بين 1999-2002 ولهذا فان خيار التحالف سيكون تحت التدقيق والدراسة وقد لا يُطرح بشكل جدي.

في تفكير الحزب القومي للتحالف مع حزب العدالة والتنمية يجد الكثير من المعوقات وأبرزها هو استحضاره لدوره كمعارضة وتذكره المستمر بان حزب العدالة والتنمية كان قد سيطر على مقاليد الحكم ل 13 سنة محتكرها لوحده الأمر الذي يولد ردة فعل غير إيجابية، لكن في المقابل تعلم الأحزاب المعارضة يقينا انها ان لم تتحالف فان حزب العدالة والتنمية قد يُعدل نتيجة انتخابات الاعادة وبالتالي يكونوا قد فقدوا فرصتهم السانحة. في نفس السياق نجد ان فكرة بهجلي القيادي في الحزب القومي بان مشروع الدولة الكردية انما هي مؤامرة من الغرب بقيادة أمريكا مع الاكراد بمسمياتهم المختلفة تكون دافعة نحو التحالف مع الحزب المنتصر.

ما اريد ان أؤكد عليه بان الحزب القومي الجمهوري انما هو مفتاح لعبة التحالفات السياسية، فقد يستمر في رمي اتهاماته على حزب العدالة والتنمية وبهذا نصل الى الانتخابات المبكرة او قد نراه يتحالف، لكن لا يجب ان ننسى عند التحالف انه هو من كان وراء الانتخابات المبكرة عام 2002 بعد التحالف مع الحزب الجمهوري!

عن الكاتب

برهان الدين دوران

مدير مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" في أنقرة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس