إحسان فيصل - خاص ترك برس

استنادا الى المواد (61/اولاـ والمادة  80/ ثانيا) من الدستور الدائم لجمهورية العراق لسنة 2005 قرر مجلس الوزراء العراقي برئاسة  رئيس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي  في جلسته الاعتيادية في بغداد بتأريخ 21/1/2014 باستحداث مجموعة من المحافظات عن طريق تحويل عدد من الاقضية الى محافظات وفي مقدمة هذه الاقضية كانت قضاء تلعفر, وبصدد استحداث محافظة تلعفر جاءت الموافقة على مشروع قانون استحداث محافظة تلعفر واحالة مشروع القانون الى مجلس النواب لغرض التصويت والتشريع, ويتضح من ذلك ان مشروع القانون قد حظي بالموافقة من قبل مجلس الوزراء وبالتالي تم احالته الى البرلمان لمناقشته واقراره من قبل مجلس النواب ، وبعد الإعلان عنه في الصفحة الرسمية نال قبولا وابتهاجا من الاوساط التركمانية  بشكل عام وسكان المدينة بشكل خاص  - لكن هذه الفرحة سرعان ما تحولت الى استياء وفقدان الامل من قبل الاهالي بسبب الرفض الذي جوبه به القرار من قبل محافظ نينوى .

 ومن ثم تم تسويف القرار وتحويله الى لعبة سياسية من خلال أضافة  عدد من الأقضية في العراق  إلى محافظات، مثل سهل نينوى ،  والفلوجة في الأنبار، والشطرة في ذي قار ، والفاو في البصرة وسنجار  وغيرها من الاقضية في عموم البلاد بغرض احباط العملية   و عدم الانصياع للقوانين والانظمة والتعليمات من خلال رفض المحافظ  للقرار الصادر من مجلس الوزراء   ومخالفة المواد الدستورية  الذي استند اليها مجلس الوزراء في اصداره للقرار, حيث وافق فيما بعد مجلس محافظة نينوى على موضوع استحداث محافظة تلعفر بشرط تحويل محافظة نينوى الى اقليم وربط محافظة تلعفر بهذا الاقليم وهذه ايضا مخالفة دستورية وبنص المادة الثانية من قانون المحافظات رقم (21) لسنة 2008 ، بالاضافة الى مخالفة الشروط والضوابط الواردة في قانون الاجراءات التنفيذية الخاصة بتكوين الاقاليم رقم (13)لسنة 2008
ومن وجهة نظرنا كان على مجلس محافظة نينوى وفق المادة      الخامسة/ سابعا و المادة السابعة / ثامنا/اولا/  الفقرة (أ) والفقرة (د ) استجواب المحافظ ومن ثم عرض اجوبته والتصويت على اقالته في حال عدم قناعة الاغلبية البسيطة في الجلسة الاولى ومن ثم اقالته بالاغلبية المطلقة في  حال اثبات استغلال سلطته وعدم تأييده للقرار . لكون المحافظ هو الموظف التنفيذي الاعلى في المحافظة وعليه تنفيذ القوانين والانظمة والتعليمات والاوامر الصادرة من الوزراء ( مادة 20 قانون المحافظات  رقم (59) لسنة 1969). لكون الوظيفة العامة تكليف  وطني وخدمة اجتماعية يستهدف القائم بها المصلحة العامة  وخدمة المواطنين في ضوء القواعد القانونية النافذة   (لا المصلحة الخاصة وتنفيذ اوامر النفوذ الحزبية  والسياسية للجهة المنتمي اليها المحافظ) وهذا ماجاء بها المادة (3) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 النافذ.
وقبل التطرق  لتصريح أحد نواب الموصل حول تلعفر  والذي  أثار أستياءً شديدا وغضبا واسعا في كل وسائل التواصل الاجتماعي والإعلامي وتعالت الاصوات  بالرفض الشديد  لتصريحات النائب  الاخيرة  لكون الموضوع يمس  حقوق وحريات منتمي مدينة عانت الكثير من ويلات الحروب وضحت بارواح الاف الشهداء من ابنائها من اجل تحريرالوطن  ودافعت بكل شرف وعزة وقدمت  الغالي والنفيس  من اجل ذلك . 

نود ان نوضح ونعرف  مصطلح  مجلس النواب   ومن ثم مصطلح النائب او العضو  البرلماني  ومسؤولية هذه الموسسة التشريعية  وكذلك مدى  مسؤولية اعضائها, حيث عرفتها المادة (48 ـ 49) من الدستور العراقي الدائم لسنة 2005 وبينت طريقة تكوينها وتشكيلها بصورة واضحة وصريحة . اما اذا اردنا ان نبين هذه المؤسسة  للقارئ بشكل بسيط وسلس ونأخذ ببعض التعاريف لمختصين  في هذا المجال حيث يعرف  السلطة التشريعية (البرلمان) بانها السلطة التي ینتخبھا الشعب ویمثل ارادتھا للتعبیر عن طموحاتها وتوجهاتها. اما بالنسبة لعضو البرلمان حيث يعرف بانه  شخص یمارس سلطة محددة بموجب الدستور والقوانین المعنیة الاخرى..

اذا ان البرلمان وان كانت مؤسسة تابعة للدولة ولاتترتب عليها المسؤولية الا ان هذه ليست مطلقة وانما هناك بعض الاستثناءات على ذلك وتترتب عليها مسؤولية عن اعمالها في حالات معينة تبعا للمادة الثانية / ثانيا من قانون مجلس النواب وتشكيلاتها رقم 13 لسنة 2018, وان عضو البرلمان شخص یمارس سلطة محددة بموجب الدستور , وأن لكل حق حدود یتوقف عندھا وضوابط  تمنع اساءة استعمال هذا الحق، فصلاحیات عضو البرلمان التشریعیة والرقابیة  وكافة الصلاحيات  الاخرى الممنوحة له يجب ان يمارس  وفق قواعد وضوابط معينة ايا كانت نوع تلك القواعد وتضمن هذه القواعد للعضو البرلماني حقوق تساعده على ممارسة هذه الصلاحيات كالحق في الكلام والمناقشة والتصويت وغير ذلك  ولكن بشرط  ان يكون  وفق الضوابط والقيود لممارسة هذا الحق , فلا ينبغي ان لا يتضمن الكلام عبارات والفاظ غير لائقة او ذكر الحقوق والحريات  الشخصية للاخرين او ذكر الاشخاص والمساس بأمورهم الخاصة  وهذه ما اكدتها المادة (63) من الدستور العراقي وكذلك الفقرة (اولا وثانيا) من المادة الخامسة  من قانون مجلس النواب .

عليه فان اساءة استعمال الحق من قبل عضو البرلمان  تترتب عليه  المسؤولیة المدنیة والجنائیة عند تجاوزه  لحدود الصلاحیات الممنوحة له. اذا ان تحميل العضو المسؤولية من خصوصيات الديمقراطية وان الديمقراطية الفعلية لا تتحقق بدون مساءلة فعلية وخاصة اذا كانت على الصعيد السياسي, حيث ان الصلاحيات التي يمارسها  اعضاء البرلمان وجدت لضمان سلامة الحقوق والحريات ونزاهة تطبيقها فلا يمكن ان تكون الصلاحيات  تستعمل من اجل الغايات الشخصية  والا  تخرج عن موضوعها وهدفها الاساسي  . 

وختاما وفيما يخص تصريح النائب عن محافظة نينوى  بخصوص منعه ومقاطعته وعدم قبوله اية محافظة غير محافظة نينوى  حسب تعبيره قاصدا رفضه لتمرير  مشروع  قرار المحافظة في البرلمان  وحسب زعمه ان (96%) من  البرلمانين عن محافظة نينوى لايقبلون ورافضين ذلك ,  نود ان نشير  الى ان المادة (49) من الدستور العراقي  اوضحت  بان اعضاء البرلمان يمثلون الشعب العراقي بأكمله وليس سكان الدوائر الانتخابية المنتخبة  لهم فقط وعلى هذا الاساس ان التصويت على القرار يكون لجميع اعضاء مجلس النواب وبناء على  ذلك يكون حسم الموضوع متروك لكافة اعضاء مجلس النواب وليس لاعضاء البرلمان من محافظة نينوى.

  وعليه فان السيد النائب  اذا اراد التشبث برأيه والاصرار على الرفض عليه اقناع كافة اعضاء مجلس النواب  على عدم  التصويت او رفض القرار  وله  مطلق الحرية في حق استخدام  صلاحيته بالامتناع  عن التصويت  للقرار وفي حال حصول الموافقة والتصويت على القرار من قبل البرلمانيين  شركاء العملية السياسية  تحت قبة البرلمان  له ايضا  بالاضافة لحق الامتناع عن التصويت والرفض , حق تقديم الشكوى لدى المحكمة الاتحادية  العليا لعدم دستورية القرار والتصويت ولنا ايضا كمواطني تلعفر ومواطني المناطق التابعة  للحدود الادارية لمدينتنا وكذلك مواطني المناطق الاخرى التي ستنضم مناطقهم الى تلعفر  في حال استحداث محافظة تلعفر اللجوء الى المحكمة الاتحادية  لتقديم الشكوى  سواء كان من خلال مجلس النواب بطلب من  ممثلي التركمان وممثلي المناطق المشمولة بالقرار من المؤيدين منهم للموضوع او من قبل الشعب مباشرة  كإرادة جماهيرية  بعد جمع التواقيع  والمطالبة بحقوقنا الدستورية والرفض وعدم قبول اي  تدخل تحول دون ارادتنا الجماهيرية وتمنع من تحقق مصالحنا  الدستورية  لاي سبب غير مشروع ومخالف  ومجهول الغرض .

 و بدورنا نشكر السيد النائب  على تصريحه لانه كان كشرارة يقظة اشعل الحماس والشعور الوطني  لدى عامة الشعب بخصوص هذا الموضوع  ونؤكد ان مطلبنا دستوري ومستوفي لكافة الشروط والضوابط والاسس القانونية  ومستمرين بالمطالبة  ولايوجد اي نص دستوري اوقانوني يمنعنا من ذلك او يمنح أية صلاحية لاي شخص يستطيع من خلالها الوقوف كعقبة أمام  الارادة الجماهيرية  ومنعها سوى القبول او الامتناع وحسب الاسس الدستورية والقانونية المنظمة لذلك.

 

عن الكاتب

إحسان فيصل

حقوقي ودبلوماسي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس