ياسر عبد العزيز - خاص ترك برس

لعل الإخوة السوريين الأقدر على فهم من أين نحت كاتب السطور القادمة عنوان المقال، وربما يتذكر المصريون أيضا فيقرأون العنوان يوضح ما سيأتي في سطوره القادمة، ولباقي الإخوة العرب..

فإن عنوان المقال نحت من شعار أطلقه شبيحة بشار الأسد، بعيد اندلاع الثورة السورية العظيمة، (الأسد أو نحرق البلد) وعلى نهج شبيحة النظام أطلق الرئيس المخلوع حسني مبارك شعاراً لمرحلة الثورة قبيل أن يرحل (أنا أو الفوضى)، وعلى نهج الدكتاتوريين العرب أطلقت المعارضة التركية فعلاً لا قولاً نفس الشعار واتخذت نفس نهج المجرمين العرب الذين قتلوا شعوبهم وشردوهم وخربوا الديار فقط من أجل الحكم.

استطاع حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا أن يحشد في إسطنبول ما يقارب الإثنين مليون مؤيد للقاء مرشح الحزب وتحالف الجمهور الرئيس أردوغان، ولقد كان لمن حضره عرساً ديمقراطياً كبيراً ورداً للجميل الذي قدمه الحزب ورئيسه على مدى عشرين عاماً متمثلاً في إنجازات نقلت تركيا والمواطن التركي نقلة لا ينكرها إلا جاحد، وللأسف يجد من بين هذا الشعب الطيب المسلم فئة ليست بالقليلة تتصف بهذه الصفة، تحركها الشهوات تارة، ويحركها الحقد تارة أخرى، ويحركها الغرب دوماً، وتصب كل هذه التحركات، لو فهم أحدهم، في غير مصلحة البلاد.

بعد أن قدمت إسطنبول اعتذاراً مقبولاً على خطأ ارتكبته في انتخابات البلدية بالتصويت العقابي لحزب العدالة والتنمية لصالح حزب الشعب الجمهوري، أيقنت أنها لن تعود لمثل هذا الفعل أبداً، ان شاء الله، لا لأن العدالة والتنمية لا يستحق هذا العقاب، بل أيضاً لأن من انتخبوه أثبت جداره في أن العدالة والتنمية لا يستحق العقاب، بفشله الذريع في إدارة الولاية، وتخريب أغلب ما بناه حزب العدالة والتنمية على مدى عشرين عاماً.

ومع إدراك المعارضة أن الأمور تتفلت من أيديها، من خلال التأييد الجارف للرئيس وحزبه، رغم استطلاعات الرأي المفبركة، والإعلام المضلل ليل نهار، وشيطنة الرئيس والحزب، وإطلاق الوعود الكاذبة من أجل جذب المؤيدين، حتى وصل الحال أن وعدوا المثليين أو الشواذ بحياة أفضل تحت حكمهم، في بدعة لم تعرفها الانتخابات التركية منذ تأسيس الجمهورية على يد أتاتورك، ولو كان أتاتورك بيننا، لتبرأ البطل الغازي من أفعال الغوازي،  واتجهت المعارضة لسفراء أوروبا وأمريكا لاستجداء الدعم فحصلوا دعماً لا محدودا من الإعلام الغربي والساسة والسفراء الحاليين والسابقين، كل ذلك مقابل وعود من المعارضة بإعادة تركية إلى مقعدها السابق في حرملك سلطان الغرب، فقد اتجهت المعارضة للخطة التي يتقنها الغرب، في كل بلد مستقر، وهي إحراقه.

تبدأ الخطة باتهام ميرال أكشينار للرئيس بإرسال من يطلق النار على الحزب، ليتبين أن الحادثة مرجعها خلافات بين إدارة مقر الحزب وجار له، ثم تطلق ميرال سموم الطائفية في بلد يتعايش فيه أهله تحت ظل دستور لا يفرق بين أبنائه من العرقيات والطوائف، وتصف الانتخابات بأنها معركة بين علي ومعاوية، لتستثير الشيعة والعلويين في البلد، ويتبعها في ذلك كليتشدار أوغلو مرشح الطاولة المعارضة، ويصف نفسه بأنه علوي، في محاولة لاستنفار النعرة الطائفية بين أبناء الشعب، ثم يتبنى كليتشدار وميرال حديث عن تكوين وزير الداخلية، سليمان صويلو، لفرق مسلحة من شأنها أن تقوم بتهديد الأمن بعد ظهور نتائج الانتخابات، التي يثق نجاحه فيها، لتخرج ميرال بعدها بفرية ان حزب العدالة والتنمية يسلح أتباعه، من أجل نفس الهدف، في محاولة لإيهام اتباعهم بأن الدار ذاهبة إلى حرب أهلية، وأخيراً وفي أرزروم يفتعل أكرم إمام أوغلو حادثة إلقاء الحجارة على مؤتمره الجماهيري الداعم لمرشح المعارضة كليتشدار أوغلو، ليحاول إظهار أن مؤيدي الرئيس لا يؤمنون بالديمقراطية، وأنهم "همج رعاع"، ويصدق على كلام كليتشدار وميرال، وليبنى بعد ذلك على الحدث حديث، هذه التصرفات إنما تكشف جميعاً عن شعار تطبقه المعارضة ولو لم تنطقوه (كليتشدار أو نحرق الدار).

لكن الرهان على حكمة الرئيس وإدارته خلال الأسبوع القادم وحتى موعد الانتخابات يجعل كل تركي وطني يحب بلاده وداره لا يسمح بتمرير هذه الخطة الإجرامية وسيكون الرد بالعقاب يوم الرابع عشر من مايو في صناديق الاقتراع لتشرق شمس الخامس عشر من مايو من غير هؤلاء الذين استحبوا العمى على الإيمان بأن تركيا أفضل، إن شاء الله، مع العدالة والتنمية.         

عن الكاتب

ياسر عبد العزيز

كاتب وباحث سياسي ومدير مركز دعم اتخاذ القرار في حزب الوسط المصري سابقا.


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس