قدير أوستون - يني شفق/سيتا

وفقا لتقرير في الصحافة الأمريكية، تم التوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية للاعتراف بإسرائيل. وتنص تفاصيل الاتفاق، الذي سيتم تحديد تفاصيله بين 9 و 12 شهرا المقبلة، على أن المملكة العربية السعودية ستحصل على دعم للضمانات الأمنية الأمريكية وتطوير القدرات النووية المدنية مقابل التطبيع مع إسرائيل. ومن المتوقع أيضا أن يساعد الاتفاق، الذي ينص على تنازلات إسرائيلية بشأن القضية الفلسطينية، في التحرك نحو حل الدولتين. إذا تم تنفيذ الاتفاق، الذي يتضمن توقع أن المملكة العربية السعودية لن تطور علاقات عسكرية مع الصين، فإن العلاقات بين إسرائيل والعالم العربي ستدخل حقبة جديدة تماما.

المصالح الأمريكية

يتمثل أحد الأهداف المهمة للولايات المتحدة من الصفقة، التي يبدو أنها جزء من حزمة “الصفقة الكبرى” لإدارة بايدن مع المملكة العربية السعودية، في ضمان عدم ترك الشرق الأوسط مفتوحا أمام نفوذ الصين المتزايد. كان من الواضح بالفعل أن الصراع مع الصين لا يمكن تنفيذه فقط في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. شكلت وساطة الصين في الاتفاق السعودي الإيراني وجهودها لتطوير العلاقات مع إسرائيل وكذلك الإمارات العربية المتحدة مشكلة لضعف صورة الإدارة الأمريكية في المنطقة.

وقد يعني احتمال تعميق السعودية لعلاقاتها مع الصين خسارة واشنطن لإحدى الدول الرئيسية في المنطقة. إن إبقاء المملكة العربية السعودية، التي تحاول تغيير وجهها الاقتصادي تحت قيادة محمد بن سلمان، إلى جانب أمريكا في الصراع العالمي سيكون مكسبا مهما لواشنطن. وأهم طريقة لتحقيق ذلك هي إعطاء ضمانات أمنية للسعودية ضد إيران، التي تقترب من أن تصبح قوة نووية.

العلاقات مع إسرائيل

في السياسة الأمريكية، لطالما شكلت العلاقات مع إسرائيل ضغطا على حكومة البيت الأبيض. فمن ناحية، كان على الحكومات التي تشعر بالحاجة إلى ممارسة الضغط على إسرائيل في عملية السلام أن تثبت أنها لم تعرض أمن إسرائيل للخطر. لا يمكن القول إن هناك حكومة يمكنها تحقيق هذا التوازن. عندما حاولت حكومة أوباما الضغط من أجل مستوطنات جديدة أثناء محاولتها التوصل إلى اتفاق مع إيران، عارض نتنياهو علنا البيت الأبيض إلى جانب الجمهوريين. من ناحية أخرى، اتبعت حكومة ترامب سياسة مؤيدة تماما لإسرائيل وطبقت سياسة الضغط الكامل على إيران. إن حكومة ترامب، التي تعمل على افتراض أن إسرائيل تستطيع التطبيع مع الدول العربية دون حل القضية الفلسطينية، لم تحرز تقدما في هذه القضية فحسب، بل نقلت السفارة الأمريكية إلى القدس واعترفت بها عاصمة لإسرائيل.

تجنبت إدارة بايدن المواجهة مع إسرائيل من خلال البطء في التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران. وقال بايدن إن الوقت لم يحن بعد لدعوة نتنياهو إلى واشنطن، مشيرا إلى مخاوف تتعلق بالديمقراطية بعد أن أثارت تحركات نتنياهو باسم الإصلاح القضائي احتجاجات حاشدة. من ناحية أخرى، لم يحاول بايدن التراجع عن الخطوات التي يمكن اعتبارها “مكاسب” لإسرائيل، مثل اتفاقيات إبراهيم لحكومة ترامب والقدس. وبالاتفاق الذي تم التوصل إليه مع المملكة العربية السعودية، بدأت عملية تسمح بالاعتراف بإسرائيل وتطبيعها في المنطقة دون اتفاق سلام شامل مع الدول العربية.

فلسطين

وعلى الرغم من أن الإدارات الأميركية جعلت من التعبير عن التزامها بحل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني تقليدا، إلا أنها فشلت في ممارسة ضغوط كافية على إسرائيل لتحقيق هذا الهدف. أصبحت إدارة الصراع بدلا من حل القضية الفلسطينية أولوية قصوى. الحكومة الأمريكية، التي توقفت عن الضغط على إسرائيل بشأن عملية السلام، لا تبذل نفس الجهد لوقف المستوطنات الجديدة في الضفة الغربية. وبدلا من حل القضية الفلسطينية، أصبح النقاش حول كيفية استمرار إسرائيل كدولة ديمقراطية في ظل واقع الاحتلال أكثر بروزا.

ستحاول إدارة بايدن الحصول على تنازلات من إسرائيل بشأن القضية الفلسطينية مقابل اعتراف السعودية بإسرائيل، لكن فرص أن تكون دولة فلسطينية ذات سيادة ضئيلة أو معدومة. ويمكننا أن نتوقع أن التنازلات التي ستقدم لن تذهب إلى أبعد من تحسين الحالة في فلسطين ووقف المستوطنات الجديدة. هذا ما جعلته حكومة بايدن هذه القضية جزءا من حزمة أكبر مع السعوديين. ومن خلال عدم التركيز على القضية الفلسطينية، تنخفض التكلفة السياسية للفشل.

يمكننا القول إن الاتفاق السعودي الإسرائيلي سيضفي الطابع الرسمي على الوضع الحالي باعتباره الحلقة الأخيرة لعملية التطبيع العربية الإسرائيلية التي طال أمدها. من غير المرجح أن يسفر هذا الاتفاق عن نتيجة مرضية للفلسطينيين، ولكن من المؤكد أنه سيكون له عواقب مهمة على كل من التوازنات الإقليمية والصراع العالمي بين أميركا والصين.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس