ترك برس

أسفرت الحرب الأخيرة في قطاع غزة عن نتائج شملت عدة أصعدة كانت التجارة من بينها بل وربما أبرزها، نظراً للتركيبة الجيوسياسية للمنطقة والرابطة بين الشرق والغرب. تركيا وبصفتها إحدى دول المنطقة لا شك أنها تجارتها هي الأخرى تأثرت من هذه التطورات، وذلك رغم عدم تخلصها بعد من آثار وباء كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، شأنها في ذلك شأن أغلب دول العالم.

وفي هذا التوقيت بالتحديد، أجرت شبكة "الجزيرة" القطرية حواراً مع وزير التجارة التركي عمر بولات، تطرق فيه الوزير إلى مدى تأثر تركيا والجغرافيا العربية بالأزمة الأخيرة في غزة، وكيف سيتشكل مستقبلهما، وماذا لو امتد الصراع إلى إيران، وارتفعت أسعار النفط.

وفيما يلي جانب من الحوار: 

تستمر حرب إسرائيل على غزة كدراما عظيمة من الجانب الإنساني، ولكن مع ذلك؛ هناك أيضا بعد اقتصادي. فكيف تأثرت التجارة في المنطقة بالحرب في هذا الوقت؟

لقد مر الشهر الثاني من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني؛ حيث إن المأساة الإنسانية في غزة تخلق آلامًا جديدة كل يوم أمام أعين العالم. وبطبيعة الحال، فإن الأحداث التي تشهدها المنطقة لها أيضا أبعاد اقتصادية؛ حيث إن الاقتصاد العالمي والإقليمي؛ الذي كان تحت تأثير أحداث مثل وباء "كوفيد-19″، والحروب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والحرب الروسية الأوكرانية في السنوات الأخيرة، يتأثر الآن بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

ووفقًا للتوقعات التي أعدتها المنظمات الدولية، إذا اقتصر الصراع على إسرائيل وفلسطين، فإن تأثيره على أسعار النفط سيكون ضئيلا. ومع ذلك فإنه إذا تطورت وتحولت إلى حرب إقليمية تشارك فيها دول منتجة للنفط مثل إيران، فقد يرتفع سعر البرميل فوق المستوى الحالي البالغ 76.5 دولارًا، ومن المؤكد أن ذلك ستكون له آثار سلبية على الاقتصاد العالمي والإقليمي الذي يمر حاليا بفترة تضخمية وهو في حالة هشة.

هل تعتقد أن الحرب ستغير أشياء كثيرة؟

نعم؛ على سبيل المثال ممرات المواصلات. وكما تعلمون؛ فإن إحدى نتائج قمة مجموعة العشرين التي عقدت في الهند في الأشهر الأخيرة كان الإعلان عن ممر اقتصادي جديد وتوقيع مذكرة التفاهم لإنشاء شبكة السكك الحديدية والموانئ التي ستربط الهند بالشرق الأوسط وأفريقيا والشرق الأوسط إلى أوروبا.

وعلى الرغم من أن إسرائيل ليست من الدول التي وقعت على مذكرة التفاهم ضمن نطاق المشروع، فإن ميناء حيفا الإسرائيلي يعد أحد أهم نقاط العبور في الممر. وفي ظل الصراع الدائر بين إسرائيل وفلسطين؛ أصبح مدى أمان الممر الاقتصادي موضوعا للنقاش. ويُعد طريق التنمية، الذي سيبدأ من ميناء البصرة في العراق ويمتد شمالا إلى أوفاكوي على الحدود التركية، ومن ثم إلى أوروبا عبر تركيا، بديلا جيدا.

وهل تعتقد أن الحرب ستؤثر سلبًا على التجارة العالمية؟

لقد أعرب صندوق النقد الدولي عن رأيه قائلًا إن تأثير الصراعات الإسرائيلية الفلسطينية على الاقتصاد الإقليمي والعالمي سيكون عاليا وسلبيا، في وقت يتباطأ فيه النمو وترتفع أسعار الفائدة وتزداد تكلفة خدمة الديون بسبب "كوفيد-19" والحرب.. وأنا لديَّ نفس وجهة النظر.

الموقف التركي من تطورات غزة الأخيرة

وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أعلنت حركة حماس وفصائل أخرى في المقاومة الفلسطينية، إطلاق عملية أسمتها "طوفان الأقصى" ضد أهداف إسرائيلية في غلاف قطاع غزة التي تعاني من حصار مطبق منذ سنوات.

إسرائيل وأمام مباغتة المقاومة الفلسطينية لها، ردت باستهداف المناطق السكنية والمنشآت الصحية والتعليمية ودور العبادة داخل غزة، ما خلّف آلاف القتلى وعشرات آلاف الإصابات بين المدنيين، وسط دمار كبير لحق بالقطاع، فيما يجري حديث عن إخلاء شمالي غزة من سكانها وإجلائهم نحو الجنوب قرب الحدود مع مصر.

وفي 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 تم التوصل إلى هدنة إنسانية مؤقتة في غزة استمرت 4 أيام قبل تمديدها لفترات إضافية، حيث نصت على تبال أسرى ورهائن بين حماس وإسرائيل وإيصال مساعدات إنسانية إلى القطاع.

ومنذ اللحظة الأولى لتصاعد التوتر الأخير في غزة، أكدت تركيا وعلى لسان كبار مسؤوليها على ضرورة وقف إطلاق النار بأقرب وقت حقناً للدماء وتجنباً لمزيد من الضحايا المدنيين، فيما أكد رئيسها رجب طيب أردوغان على أن الحل لتحقيق السلام في فلسطين وفي المنطقة يمر عبر تأسيس دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة بحدود 1976 وعاصمتها القدس الشرقية.

وبعد جهود كثيفة للتهدئة وأمام تصعيد إسرائيل من هجماتها ضد المدنيين في غزة وعدم استجابتها لمطالب وقف إطلاق النار، صعّدت أنقرة من موقفها ضد تل أبيب متهمة إياها بـ "ارتكاب المجازر والإبادة الجماعية" في غزة، قبل أن تعلن في 4 نوفمبر/ تشرين 2023 استدعاء سفيرها هناك إلى أنقرة "للتشاور، رداً على المجازر الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين"

ومنذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على غزة، شهدت تركيا أكبر حملة مقاطعة في تاريخها، فيما لا تزال منظمات ومؤسسات مجتمع مدني تواصل حملاتها في هذا الخصوص عبر وسائل شتى.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!