ترك برس

رأى الكاتب والأكاديمي التركي يوسف قابلان، إنه لا يمكن أن تنقطع العلاقات بين تركيا ومصر أبدًا، ولا يمكن فصلها، فَحين تتكاتف الدولتان، يسهل طرد القوى الإمبريالية من المنطقةِ.

وقال الأكاديمي التركي في مقال بصحيفة يني شفق إن زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان لمصر بعد 12 عامًا من الانقطاع، ستُحدث زلزالًا في موازين القوى بالمنطقة، وتُعيد تشكيلها من جديد.

وأوضح أن "قطع العلاقات مع مصر لم يكن قرارًا صائبًا، ولطالما عارضتُ هذا القرار منذ بدايته، وكتبت مرارًا وتكرارًا أن ثمنه سيكون باهظًا على كلٍ من تركيا ومصر والمنطقة بأكملها. فليعلم الجميع موقفي هذا".

وتابع: "لم أغيّر رأيي مجاراةً لتغيير الحكومة سياستها. لطالما اتخذتُ من الحقيقة بوصلةً لي، لا من مواقف الحكومة. ولهذا السبب، عبّرتُ عن رفضي الصريح لتعليق العلاقات مع مصر، كتابةً وتصريحًا على شاشات التلفاز منذ البداية.

لكن ماذا كانت النتيجة؟ تعرضتُ لحملة شرسة من الشتائم والتشهير! أولئك الذين هاجموني دون هوادة، وحرّضوا على التشهير بي، هم أنفسهم أصحاب الأقلام والزوايا في الصحف. فماذا سيكون موقفهم الآن؟ هل سيعتذرون لي؟ لا ريب أنّ انتظار اعتذار من جلادي الكرامة أمرٌ مُستحيل".

وأردف: "كان لزامًا عليّ تسطير هذه الكلمات لتكون شاهدًا على التاريخ. ولا حاجة للتأكيد على أنّ سعينا وراء الحقيقة لن يتوقف، حتى في أحلك الأوقات. فأنا على ثقة تامة أنّنا ما دمنا نتبع خطى الحقيقة، سنتمكن من تحويل كارثة الانهيار التي نمرّ بها منذ قرنين من الزمن إلى فرصةٍ للوجود، من خلال المعاناة وصراع الأفكار والإبداع".

وتابع المقابل: "إلى ماذا تُشير إعادة العلاقات التركية المصرية إلى مسارها الصحيح؟

أولاً وقبل كل شيء، تُعدّ تركيا ومصر من أهم الفاعلين التاريخيين في المنطقة. لن أُسهب في الحديث عن الدور الحاسم الذي لعبته تركيا منذ ظهور الإسلام على مسرح التاريخ. فالمسألة أكبر من ذلك بكثير.

مصر رائدة العالم العربي تاريخيًا وسياسيًا وثقافيًا وفكريًا. ويرتبط مصير العالم العربي إلى حد ما بالتطورات التي تشهدها مصر. ما أشير إليه هنا هو ضرورة استمرار التطورات الثقافية والفكرية الجذرية الراسخة دون انقطاع، وتعزيزها باستمرار، بعيدًا عن التقلبات السياسية العابرة.

لا شكّ أنّ التطورات السياسية قد تُؤثّر سلبًا على العلاقات بين الحين والآخر، ولكن لا ينبغي أن تُعيقها أو تقطعها. ولهذا علينا بذل كل جهد لِبناء قنواتٍ ووسائل وإمكانيات ثقافية وفكرية قوية، لِضمان استمرار العلاقات بين البلدين.

الأحداث السياسية زائلة، بينما العلاقات الثقافية والخطوات والإنجازات باقية وراسخة . فالعلاقات الثقافية القوية تُحصّن العلاقات بين الدول من التأثر بشكل كبير بالتغييرات السياسية أو الاضطرابات.

لذا يجب علينا في المرحلة القادمة أن نركز على بناء أسس علاقات ثقافية وفكرية دائمة مع العالم العربي بأكمله، وكذلك مع إفريقيا والعالم التركي. وعلينا أن نسعى جاهدين لنشر تصور مشترك للحضارة والمبادئ في جميع المجالات خطوة بخطوة.

وينبغي ألا ننسى أنّ دمشق والقاهرة و بخارى و طشقند و سمرقند و كاشغر و دلهي و جاكرتا و سراييفو و سكوبيه، مدن حضارتنا العريقة، هي شقيقات لمدننا إسطنبول و قونية و أرضروم و بورصة و أدرنة. فالمدن شرايين الحضارة. وما دامت هذه الشرايينُ تنبض فالحياة مستمرة، والأمل موجود.

بحضورنا سيرحل الإمبرياليون

لا يمكن أن تنقطع العلاقات مع مصر أبدًا، ولا يمكن فصلها، فَحين تتكاتف تركيا ومصر، يسهل طرد القوى الإمبريالية من المنطقةِ. فَالمنطقة محتلةٌ من قبل كل من الإمبرياليين الغربيين والإمبريالية الفارسية، التي هي مجرد دمية في أيديهم.

عليكم أن تعلموا أن القوى الإمبريالية ستحاول بكل ما أوتيتْ من قوةٍ تقسيمَ العالم الإسلامي. وفي هذه العملية، ستمهد دائمًا الطريق أمام الفرس لشطرِ العالم الإسلامي إلى نصفين، فالصراع بين الغرب وإيران صراع مفتعل، وهدفه التغطية على تعاونهم وفتح الطريقِ أمام بعضهم البعض.

لذلك يجب علينا الحفاظ على علاقات قوية مع مصر وإيران على حدٍ سواء، حتى لا نقع في فخ الاستعماريين. فمن خلال توطيد العلاقات مع إيران، يمكننا عرقلة محاولات الغرب لاستغلالها.

ستؤدي علاقاتنا المُزدهرة مع مصر إلى فتح أبواب مغلقة على المدى المتوسط والبعيدِ، وسيسمح للدول الفاعلة في المنطقة بتحديد مصيرها بنفسها بدلاً من الإمبرياليين.

لقد بدأت بالفعل عملية تحررِ مصر والدول العربية الأخرى من سيطرة القوى الاستعمارية بشكل تدريجي. ونأمل أن تكون إعادة العلاقات التركيةِ المصريةِ إلى مسارِها الصحيح نقطةَ بداية الِاستقلال الحقيقي للعالم الإسلامي.

إنْ تمكنا من تحقيق ذلك، فسيضطر الإمبرياليون إلى الرحيلِ من تلقاءِ أنفسهم".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!