ترك برس

أكد المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، أن عملية اندماج تدريجية تجري حاليًا بين ميليشيات "قسد" والحكومة السورية، وتشمل الجوانب العسكرية والمدنية والسياسية، مشيرًا إلى أن هذا المسار لا يزال في مراحله التأسيسية ويتطلب وقتًا وجهودًا تفاوضية مستمرة.

وفي تصريحات صحفية لقناة "خبر ترك" التركي، أوضح باراك أن ما يجري ليس مجرد تفاهم مؤقت، بل عملية اندماج حقيقية "ستتم بالفعل"، رغم صعوبتها وتعقيداتها. وأضاف أن الاتفاق الحالي بين الطرفين لا يتجاوز كونه "إعلان نوايا"، ولم يُحدد له حتى الآن إطار زمني واضح، إذ لا تزال المباحثات في مرحلة صياغة المفاهيم والأهداف.

وأشاد باراك بالدور التركي في هذه المرحلة، مؤكدًا أن أنقرة تتعامل مع التطورات بـ"إرشاد هادئ" وليس من خلال مواقف حادة، ما يعكس فهماً عميقاً لتعقيدات الملف السوري.

ولفت المبعوث الأميركي إلى أن الحكومة السورية، خصوصًا بعد احتجاجات السويداء، أصبحت أكثر ميلاً لإشراك مختلف المكونات السورية، بما في ذلك الأقليات، في عملية إعادة بناء الدولة، معتبرًا أن المرحلة الحالية تتطلب توحيد كافة القوى الوطنية تحت مظلة واحدة تقوم على مبدأ "شعب واحد، أمة واحدة، وجيش واحد".

وتُعد ميليشيات "قسد" فصيل انفصالي مدعوم أميركيًا في شمال شرقي سوريا، وتشكّلت عام 2015 بقيادة تنظيم "YPG"، التي تصنفها تركيا على أنها امتداد لتنظيم "PKK" المصنف بدوره كتنظيم إرهابي من قبل أنقرة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

ومنذ عام 2016، عبّرت تركيا مرارًا عن رفضها أي مشروع سياسي أو إداري يقوده هذا الكيان قرب حدودها الجنوبية، وشنّت سلسلة عمليات عسكرية في الشمال السوري لمنع إنشاء كيان انفصالي يهدد أمنها القومي.

وفي خضم الجمود السياسي في الملف السوري، بدأت بوادر تفاهمات غير معلنة بين "قسد" والحكومة السورية الجديدة، بهدف دمج هذه القوات ضمن هيكلية الدولة السورية.

وتشمل هذه التفاهمات – وفق مصادر متقاطعة – ترتيبات أمنية وإدارية تسمح بعودة رمزية للدولة السورية إلى مناطق سيطرة "قسد"، مقابل احتفاظ الأخيرة ببعض النفوذ المحلي، خاصة في الملفات الأمنية والإدارية.

ترى الحكومة السورية أن ضمّ "قسد" إلى مؤسسات الدولة يتيح لها استعادة سيادتها على الشمال الشرقي، في حين تراهن "قسد" على تحقيق اعتراف رسمي بوضع خاص للأكراد السوريين ضمن الدولة المركزية.

في المقابل، تتابع أنقرة هذه التطورات بحذر، معتبرة أن أي اعتراف رسمي بـ"قسد" أو دمجها دون حل جذري لمكوناتها المرتبطة بـ"PKK"، يمثل تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.

ورغم ذلك، يراقب صانع القرار التركي المشهد من زاوية مختلفة، مع تنامي الإدراك الإقليمي والدولي بأن أي تسوية مستدامة في سوريا لا يمكن أن تتم من دون معالجة ملف "قسد" داخل الدولة السورية، بما يمنع استمرار حالة الفوضى على حدود تركيا الجنوبية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!