ترك برس

منذ فتح سليم الأول لمصر وبلاد الشام بما فيها فلسطين عملت الدولة العثمانية على حماية فلسطين ومقدساتها الدينية بجدارة وحرص شديد وحاول السلطان سليمان القانوني ترميم حائط القدس وإطالته وبناء أجزاء جديدة منه ما بين عام 1535 و1538 لتوفير الحماية لها وصد أي خطر محتمل عنها.

واستمرت الحماية العثمانية لمدينة القدس وأسوارها وأكنافها إلى عام 1917 حيث استطاع المستعمر الإنجليزي، على الرغم من صمود وباسلة الجيش العثماني في الدفاع عن البلاد المقدسة، وعلى الرغم من ضياع البلاد المقدسة من أيدي العثمانيين، استمر أحفادهم الذين أصبحوا تحت قيادة علمانية بعد تأسيس الجمهورية التركية بالتضامن العاطفي والمعنوي الكبير مع البلاد المقدسة.

على الرغم من أن التضامن العاطفي لا يحقق الكثير من النتائج الفعلية الفورية إلا أن له دور كبير في إعداد جيل على المدى البعيد، عمل هذا الجيل الجديد الذي ظهر بعد عام 2000 على الوقوف بشكل مُشرف مع الشعب الفلسطيني، كما عمل على عمل العديد من مشاريع التوعية لتذكير الشعب التركي بعظم المقدسات المتواجدة في المسجد الأقصى وكيف أنها مباركة ومقدسة ويجب حمايتها من خلال تأسيس العديد من النقابات والجمعيات الخاصة بالمسجد الأقصى ومن خلال نشر الوعي من خلال القنوات الإعلامية الرسمية وغير الرسمية مدى الأهمية والضرورة الدينية والإسلامية لدعم الفلسطينيين الذين لطالما حافظوا على الأقصى ودافعوا من أجله.

ويفيد رئيس هيئة الإغاثة الإنسانية "إي أها أها" بولنت يلديريم، في أحد اللقاءات الصحفية، بأن "الدور التركي تجاه القضية الفلسطينية، وبشهادة جميع المقييمين للوضع العام، كان إيجابيًا وجيدًا أكثر من أدوار الدول الأخرى المساندة للقضية الفلسطينية، كما لعبت تركيا دورًا كبيرًا في نشر الوعي الإقليمي والعالمي تجاه القضية الفلسطينية وما يتعرض له الفلسطينيين من عمليات اغتصاب همجية تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضدهم".

وفيما يتعلق بنفس الشأن، يضيف عثمان باهادير دينجار الباحث في مركز الفكر الاستراتيجي "سدا" في دراسة له بعنوان "دور تركيا في دعم القضية الفلسطينية" "أن دور تركيا في دعم القضية الفلسطينية جيد جدًا ولكن الأهم من كونه جيد يجب أن يكون أكثر وأوسع أيضًا، في الفترة الحالية، خاصة لا سيما في ظل تعمق المشاكل وتدهور الأوضاع في الشرق الأوسط بعد موجات الربيع العربي".

ويبين دينجار أن "الدور التركي تجاه القضية الفلسطينية يجب أن يكون مستمر أيضًا، لا سيما في ظل انشغال تركيا بقضايا الشرق الأوسط الأخرى وانشغالها بمصالحها القومية المختلفة، الأمر الذي جعل تركيا تنشغل بعض الشيء عن القضية الفلسطينية وبرز هذا الانشغال بعض الشيء خلال حرب العام الماضية".

ويشير رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط الاستراتيجية والمتخصص بشؤون الشرق الأوسط "شعبان كاراداش"، في دراسة له بعنوان "مأساة غزة"، إلى أن "تركيا، للأسف، على الرغم من دورها النشط والفعال، إلا أنها لم تستطع خلال السنوات الماضية الحل محل إيران في دعم المقاومة واللعب دور أكبر في القضية الفلسطينية بل اقتصر دورها على الدعم الإنساني والخدماتي، هو ما جعل تركيا تخسر بشكل جزئي ثقة المقاومة والشعب الفلسطيني الذي يثق بتركيا بشكل كبير".

ويوضح كارداش أن "هذا لا يعني أن الشعب الفلسطيني فقد الثقة بشكل تام تجاه تركيا، ولكن الشعب الفلسطيني وعلى رأسه حركات المقاومة كانت على تعشم لنيل الدعم التركي الكامل كبديل للدعم الإيراني ولكن قيام تركيا بالدعم المحدود والدعم الإنساني والخدماتي فقط جعل من حركات المقاومة تضطر للعودة إلى المحور الإيراني من جديد، هذه فرصة كانت قوية بالنسبة للمحور التركي السني لتخليص حركات المقاومة من التبعية الإيرانية ولكن يبدو أن تركيا ما زالت ترجح الدبلوماسية الناعمة التامة في تحركاتها تجاه القضية الفلسطينية".

ويرجع كارداش سبب عدم قدرة تركيا على توصيل الدعم الجاد والفعلي للقضية الفلسطينية "إلى تمحور حماس في المحور الإيراني وتمحور فتح في المحور المصري الإماراتي، وكلا الطرفان يرجحان الابتعاد عن تلقي الدعم التركي بشكل مباشر للحفاظ على علاقات جيدة مع الداعمين الأساسيين لهم".

وفي دراسة لمركز الدراسات والتحليلات الاستراتيجية التركي يُبين المركز أن "تركيا من خلال دعوتها لمحمود عباس لإجراء زيارة رسمية بتاريخ 12 كانون الثاني/ يناير 2015 أرادت إعادة الثقة الفلسطينية لها وتأكيد دعم تركيا الأبدي والأزلي والمستمر والمتنوع للقضية الفلسطينية".

ويشير المركز إلى دور تركيا المُقدر تجاه القضية الفلسطينية، ولكن يؤكد المركز أنه  لا بد لتركيا من وضع أجندة خاصة ومنفصلة بشكل مستقل للعمل داخل إطار وزارة الخارجية التركية للعمل الحثيث لإيصال القضية الفلسطينية إلى بر الأمان ولإيصالها إلى مستوى يمكنها من نيل حقوقها العادلة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!